responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 525
ذِكْرُ تَقْدِيرِ الْمُتْعَةِ الْوَاجِبَةِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ} وَإِثْبَاتُ الْمِقْدَارِ عَلَى اعْتِبَارِ حَالِهِ فِي الْإِعْسَارِ وَالْيَسَارِ طَرِيقُهُ الِاجْتِهَادِ وَغَالِبُ الظَّنِّ، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ فِي الْأَزْمَانِ أَيْضًا; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَرَطَ فِي مِقْدَارِهَا شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا: اعْتِبَارُهَا بِيَسَارِ الرَّجُلِ وَإِعْسَارِهِ، وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ بِالْمَعْرُوفِ مَعَ ذَلِكَ; فَوَجَبَ اعْتِبَارُ الْمَعْنَيَيْنِ فِي ذَلِكَ. فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَكَانَ الْمَعْرُوفُ مِنْهُمَا مَوْقُوفًا عَلَى عَادَاتِ النَّاسِ فِيهَا وَالْعَادَاتُ قَدْ تَخْتَلِفُ وَتَتَغَيَّرُ، وَجَبَ بِذَلِكَ مُرَاعَاةُ الْعَادَاتِ فِي الْأَزْمَانِ وَذَلِكَ أَصْلٌ فِي جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِي أَحْكَامِ الْحَوَادِثِ; إذْ كَانَ ذَلِكَ حُكْمًا مُؤَدِّيًا إلَى اجْتِهَادٍ رَأَيْنَا. وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ شَيْخَنَا أَبَا الْحَسَنِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ: "يَجِبُ مَعَ ذَلِكَ اعْتِبَارُ حَالِ الْمَرْأَةِ أَيْضًا" وَذَكَرَ ذَلِكَ أَيْضًا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الْقُمِّيُّ فِي كِتَابِهِ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَّقَ الْحُكْمَ فِي تَقْدِيرِ الْمُتْعَةِ بِشَيْئَيْنِ: حَالِ الرَّجُلِ بِيَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ، وَأَنْ يَكُونَ مَعَ ذَلِكَ بِالْمَعْرُوفِ. قَالَ: فَلَوْ اعْتَبَرْنَا حَالَ الرَّجُلِ وَحْدَهُ عَارِيًّا مِنْ اعْتِبَارِ حَالِ الْمَرْأَةِ، لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَتَيْنِ إحْدَاهُمَا شَرِيفَةٌ وَالْأُخْرَى دَنِيَّةٌ مَوْلَاةٌ ثُمَّ طَلَّقَهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَمْ يُسَمِّ لَهُمَا أَنْ تَكُونَا مُتَسَاوِيَتَيْنِ فِي الْمُتْعَةِ، فَتَجِبُ لِهَذِهِ الدَّنِيَّةِ كَمَا تَجِبُ لِهَذِهِ الشَّرِيفَةِ; وَهَذَا مُنْكَرٌ فِي عَادَاتِ النَّاسِ وَأَخْلَاقِهِمْ غَيْرُ مَعْرُوفٍ. قَالَ: وَيَفْسُدُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ قَوْلُ مَنْ اعْتَبَرَ حَالَ الرَّجُلِ وَحْدَهُ دُونَهَا، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ رَجُلًا مُوسِرًا عَظِيمَ الشَّأْنِ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً دَنِيَّةً مَهْرُ مِثْلِهَا دِينَارٌ، أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ بِهَا وَجَبَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا; إذْ لَمْ يُسَمِّ لَهَا شَيْئًا دِينَارٌ وَاحِدٌ، وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَزِمَتْهُ الْمُتْعَةُ عَلَى قَدْرِ حَالِهِ، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ أَضْعَافُ مَهْرِ مِثْلِهَا، فَتَسْتَحِقُّ قَبْلَ الدُّخُولِ بَعْدَ الطَّلَاقِ أَكْثَرَ مِمَّا تَسْتَحِقُّهُ بَعْدَ الدُّخُولِ. وَهَذَا خُلْفٌ مِنْ الْقَوْلِ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَوْجَبَ لِلْمُطْلَقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ نِصْفَ مَا أَوْجَبَهُ لَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ، فَإِذَا كَانَ الْقَوْلُ بِاعْتِبَارِ حَالِ الرَّجُلِ دُونَهَا يُؤَدِّي إلَى مُخَالَفَةِ مَعْنَى. الْكِتَابِ وَدَلَالَتِهِ وَإِلَى خِلَافِ الْمَعْرُوفِ فِي الْعَادَاتِ سَقَطَ وَوَجَبَ اعْتِبَارُ حَالِهَا مَعَهُ. وَيَفْسُدُ أَيْضًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ: وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ رَجُلَانِ مُوسِرَانِ أُخْتَيْنِ فَدَخَلَ أَحَدُهُمَا: بِامْرَأَتِهِ كَانَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ، إذْ لَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا; وَطَلَّقَ الْآخَرُ امْرَأَتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةٍ أَنْ تَكُونَ الْمُتْعَةُ لَهَا عَلَى قَدْرِ حَالِ الرَّجُلِ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ أَضْعَافُ مَهْرِ أُخْتِهَا فَيَكُونُ مَا تَأْخُذُهُ الْمَدْخُولُ بِهَا أَقَلَّ مِمَّا تَأْخُذُهُ الْمُطَلَّقَةُ، وَقِيمَةُ الْبُضْعَيْنِ وَاحِدَةٌ وَهُمَا مُتَسَاوِيَتَانِ فِي الْمَهْرِ، فَيَكُونُ الدُّخُولُ مُدْخِلًا عَلَيْهَا ضَرَرًا وَنُقْصَانًا فِي الْبَدَلِ; وَهَذَا مُنْكَرٌ غَيْرُ مَعْرُوفٍ. فَهَذِهِ الْوُجُوهُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ حَالِ الْمَرْأَةِ مَعَهُ.
وَقَدْ قَالَ أَصْحَابُنَا: إنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا وَكَانَتْ مُتْعَتُهَا أَكْثَرَ مِنْ

ذِكْرُ تَقْدِيرِ الْمُتْعَةِ الْوَاجِبَةِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ} وَإِثْبَاتُ الْمِقْدَارِ عَلَى اعْتِبَارِ حَالِهِ فِي الْإِعْسَارِ وَالْيَسَارِ طَرِيقُهُ الِاجْتِهَادِ وَغَالِبُ الظَّنِّ، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ فِي الْأَزْمَانِ أَيْضًا; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَرَطَ فِي مِقْدَارِهَا شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا: اعْتِبَارُهَا بِيَسَارِ الرَّجُلِ وَإِعْسَارِهِ، وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ بِالْمَعْرُوفِ مَعَ ذَلِكَ; فَوَجَبَ اعْتِبَارُ الْمَعْنَيَيْنِ فِي ذَلِكَ. فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَكَانَ الْمَعْرُوفُ مِنْهُمَا مَوْقُوفًا عَلَى عَادَاتِ النَّاسِ فِيهَا وَالْعَادَاتُ قَدْ تَخْتَلِفُ وَتَتَغَيَّرُ، وَجَبَ بِذَلِكَ مُرَاعَاةُ الْعَادَاتِ فِي الْأَزْمَانِ وَذَلِكَ أَصْلٌ فِي جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِي أَحْكَامِ الْحَوَادِثِ; إذْ كَانَ ذَلِكَ حُكْمًا مُؤَدِّيًا إلَى اجْتِهَادٍ رَأَيْنَا. وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ شَيْخَنَا أَبَا الْحَسَنِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ: "يَجِبُ مَعَ ذَلِكَ اعْتِبَارُ حَالِ الْمَرْأَةِ أَيْضًا" وَذَكَرَ ذَلِكَ أَيْضًا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الْقُمِّيُّ فِي كِتَابِهِ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَّقَ الْحُكْمَ فِي تَقْدِيرِ الْمُتْعَةِ بِشَيْئَيْنِ: حَالِ الرَّجُلِ بِيَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ، وَأَنْ يَكُونَ مَعَ ذَلِكَ بِالْمَعْرُوفِ. قَالَ: فَلَوْ اعْتَبَرْنَا حَالَ الرَّجُلِ وَحْدَهُ عَارِيًّا مِنْ اعْتِبَارِ حَالِ الْمَرْأَةِ، لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَتَيْنِ إحْدَاهُمَا شَرِيفَةٌ وَالْأُخْرَى دَنِيَّةٌ مَوْلَاةٌ ثُمَّ طَلَّقَهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَمْ يُسَمِّ لَهُمَا أَنْ تَكُونَا مُتَسَاوِيَتَيْنِ فِي الْمُتْعَةِ، فَتَجِبُ لِهَذِهِ الدَّنِيَّةِ كَمَا تَجِبُ لِهَذِهِ الشَّرِيفَةِ; وَهَذَا مُنْكَرٌ فِي عَادَاتِ النَّاسِ وَأَخْلَاقِهِمْ غَيْرُ مَعْرُوفٍ. قَالَ: وَيَفْسُدُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ قَوْلُ مَنْ اعْتَبَرَ حَالَ الرَّجُلِ وَحْدَهُ دُونَهَا، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ رَجُلًا مُوسِرًا عَظِيمَ الشَّأْنِ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً دَنِيَّةً مَهْرُ مِثْلِهَا دِينَارٌ، أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ بِهَا وَجَبَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا; إذْ لَمْ يُسَمِّ لَهَا شَيْئًا دِينَارٌ وَاحِدٌ، وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَزِمَتْهُ الْمُتْعَةُ عَلَى قَدْرِ حَالِهِ، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ أَضْعَافُ مَهْرِ مِثْلِهَا، فَتَسْتَحِقُّ قَبْلَ الدُّخُولِ بَعْدَ الطَّلَاقِ أَكْثَرَ مِمَّا تَسْتَحِقُّهُ بَعْدَ الدُّخُولِ. وَهَذَا خُلْفٌ مِنْ الْقَوْلِ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَوْجَبَ لِلْمُطْلَقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ نِصْفَ مَا أَوْجَبَهُ لَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ، فَإِذَا كَانَ الْقَوْلُ بِاعْتِبَارِ حَالِ الرَّجُلِ دُونَهَا يُؤَدِّي إلَى مُخَالَفَةِ مَعْنَى. الْكِتَابِ وَدَلَالَتِهِ وَإِلَى خِلَافِ الْمَعْرُوفِ فِي الْعَادَاتِ سَقَطَ وَوَجَبَ اعْتِبَارُ حَالِهَا مَعَهُ. وَيَفْسُدُ أَيْضًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ: وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ رَجُلَانِ مُوسِرَانِ أُخْتَيْنِ فَدَخَلَ أَحَدُهُمَا: بِامْرَأَتِهِ كَانَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ، إذْ لَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا; وَطَلَّقَ الْآخَرُ امْرَأَتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةٍ أَنْ تَكُونَ الْمُتْعَةُ لَهَا عَلَى قَدْرِ حَالِ الرَّجُلِ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ أَضْعَافُ مَهْرِ أُخْتِهَا فَيَكُونُ مَا تَأْخُذُهُ الْمَدْخُولُ بِهَا أَقَلَّ مِمَّا تَأْخُذُهُ الْمُطَلَّقَةُ، وَقِيمَةُ الْبُضْعَيْنِ وَاحِدَةٌ وَهُمَا مُتَسَاوِيَتَانِ فِي الْمَهْرِ، فَيَكُونُ الدُّخُولُ مُدْخِلًا عَلَيْهَا ضَرَرًا وَنُقْصَانًا فِي الْبَدَلِ; وَهَذَا مُنْكَرٌ غَيْرُ مَعْرُوفٍ. فَهَذِهِ الْوُجُوهُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ حَالِ الْمَرْأَةِ مَعَهُ.
وَقَدْ قَالَ أَصْحَابُنَا: إنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا وَكَانَتْ مُتْعَتُهَا أَكْثَرَ مِنْ

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 525
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست