responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 518
بَابُ مُتْعَةِ الْمُطَلَّقَةِ
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ} تَقْدِيرُهُ: مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ وَلَمْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً; أَلَا تَرَى أَنَّهُ عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} فَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ بِمَعْنَى: مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً أَوْ لَمْ تَفْرِضُوا; لَمَا عَطَفَ عَلَيْهَا الْمَفْرُوضَ لَهَا، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ: "مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ وَلَمْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً" وَقَدْ تَكُونُ "أَوْ" بِمَعْنَى "الْوَاوِ" قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً} [الإنسان: 24] مَعْنَاهُ: "وَلَا كَفُورًا". وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [النساء: 43] وَالْمَعْنَى: "وَجَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِط وَأَنْتُمْ مَرْضَى وَمُسَافِرُونَ". وَقَالَ تَعَالَى: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} [الصافات: 147] مَعْنَاهُ: "وَيَزِيدُونَ" فَهَذَا مَوْجُودٌ فِي اللُّغَةِ وَهِيَ فِي النَّفْيِ أَظْهَرُ فِي دُخُولِهَا عَلَيْهِ أَنَّهَا بِمَعْنَى الْوَاوِ مِنْهُ مَا قَدَّمْنَا مِنْ قَوْله تَعَالَى: {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً} [الإنسان: 24] مَعْنَاهُ: "وَلَا كَفُورًا" لِدُخُولِهَا عَلَى النَّفْيِ. وَقَالَ تَعَالَى: {حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ} [الأنعام: 146] "أَوْ" فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ بِمَعْنَى الْوَاوِ، فَوَجَبَ عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ قَوْله تَعَالَى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} لَمَّا دَخَلَتْ عَلَى النَّفْيِ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى الْوَاوِ، فَيَكُونُ شَرْطُ وُجُوبِ الْمُتْعَةِ الْمَعْنَيَيْنِ جَمِيعًا مِنْ عَدَمِ الْمَسِيسِ وَالتَّسْمِيَةِ جَمِيعًا بَعْدَ الطَّلَاقِ. وَهَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فِي الْحَيْضِ، وَأَنَّهَا لَيْسَتْ كَالْمَدْخُولِ بِهَا، لِإِطْلَاقِهِ إبَاحَةَ الطَّلَاقِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ مِنْهُ بِحَالِ الطُّهْرِ دُونَ الْحَيْضِ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ وَفُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ فِي وُجُوبِ الْمُتْعَةِ، فَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: "لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ"، وَعَنْ الزُّهْرِيِّ مِثْلُهُ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: "لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ إلَّا الَّتِي تَطْلُقُ وَقَدْ فُرِضَ لَهَا صَدَاقٌ وَلَمْ تُمَسَّ فَحَسْبُهَا نِصْفُ مَا فُرِضَ لَهَا"، وَرُوِيَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ مِثْلُهُ. وَقَالَ شُرَيْحٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَالْحَسَنُ: "تُخَيَّرُ الَّتِي تَطْلُقُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَمْ يُفْرَضْ عَلَى الْمُتْعَةِ". وَقَالَ شُرَيْحٌ وَقَدْ سَأَلُوهُ فِي مَتَاعٍ فَقَالَ: "لَا نَأْبَى أَنْ نَكُونَ مِنْ الْمُتَّقِينَ" فَقَالَ: إنِّي مُحْتَاجٌ، فَقَالَ: "لَا نَأْبَى أَنْ نَكُونَ مِنْ الْمُحْسِنِينَ". وَقَدْ رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ وَأَبِي الْعَالِيَةِ: "لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مَتَاعٌ". وَسُئِلَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ الْمُتْعَةِ عَلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ؟ فَقَالَ: "لَا، عَلَى الْمُتَّقِينَ". وَرَوَى ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ فِي كِتَابِ البيعة: "وكانوا لا يرون

فَوَجَبَ أَنْ يُحْمَلَ مَعْنَاهُ عَلَى بَقِيَّةِ الْعِدَّةِ لِيُوَافِقَ حَدِيثَ أَبِي الزِّنَادِ; وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

بَابُ مُتْعَةِ الْمُطَلَّقَةِ
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ} تَقْدِيرُهُ: مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ وَلَمْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً; أَلَا تَرَى أَنَّهُ عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} فَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ بِمَعْنَى: مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً أَوْ لَمْ تَفْرِضُوا; لَمَا عَطَفَ عَلَيْهَا الْمَفْرُوضَ لَهَا، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ: "مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ وَلَمْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً" وَقَدْ تَكُونُ "أَوْ" بِمَعْنَى "الْوَاوِ" قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً} [الإنسان: 24] مَعْنَاهُ: "وَلَا كَفُورًا". وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [النساء: 43] وَالْمَعْنَى: "وَجَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِط وَأَنْتُمْ مَرْضَى وَمُسَافِرُونَ". وَقَالَ تَعَالَى: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} [الصافات: 147] مَعْنَاهُ: "وَيَزِيدُونَ" فَهَذَا مَوْجُودٌ فِي اللُّغَةِ وَهِيَ فِي النَّفْيِ أَظْهَرُ فِي دُخُولِهَا عَلَيْهِ أَنَّهَا بِمَعْنَى الْوَاوِ مِنْهُ مَا قَدَّمْنَا مِنْ قَوْله تَعَالَى: {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً} [الإنسان: 24] مَعْنَاهُ: "وَلَا كَفُورًا" لِدُخُولِهَا عَلَى النَّفْيِ. وَقَالَ تَعَالَى: {حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ} [الأنعام: 146] "أَوْ" فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ بِمَعْنَى الْوَاوِ، فَوَجَبَ عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ قَوْله تَعَالَى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} لَمَّا دَخَلَتْ عَلَى النَّفْيِ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى الْوَاوِ، فَيَكُونُ شَرْطُ وُجُوبِ الْمُتْعَةِ الْمَعْنَيَيْنِ جَمِيعًا مِنْ عَدَمِ الْمَسِيسِ وَالتَّسْمِيَةِ جَمِيعًا بَعْدَ الطَّلَاقِ. وَهَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فِي الْحَيْضِ، وَأَنَّهَا لَيْسَتْ كَالْمَدْخُولِ بِهَا، لِإِطْلَاقِهِ إبَاحَةَ الطَّلَاقِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ مِنْهُ بِحَالِ الطُّهْرِ دُونَ الْحَيْضِ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ وَفُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ فِي وُجُوبِ الْمُتْعَةِ، فَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: "لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ"، وَعَنْ الزُّهْرِيِّ مِثْلُهُ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: "لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ إلَّا الَّتِي تَطْلُقُ وَقَدْ فُرِضَ لَهَا صَدَاقٌ وَلَمْ تُمَسَّ فَحَسْبُهَا نِصْفُ مَا فُرِضَ لَهَا"، وَرُوِيَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ مِثْلُهُ. وَقَالَ شُرَيْحٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَالْحَسَنُ: "تُخَيَّرُ الَّتِي تَطْلُقُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَمْ يُفْرَضْ عَلَى الْمُتْعَةِ". وَقَالَ شُرَيْحٌ وَقَدْ سَأَلُوهُ فِي مَتَاعٍ فَقَالَ: "لَا نَأْبَى أَنْ نَكُونَ مِنْ الْمُتَّقِينَ" فَقَالَ: إنِّي مُحْتَاجٌ، فَقَالَ: "لَا نَأْبَى أَنْ نَكُونَ مِنْ الْمُحْسِنِينَ". وَقَدْ رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ وَأَبِي الْعَالِيَةِ: "لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مَتَاعٌ". وَسُئِلَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ الْمُتْعَةِ عَلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ؟ فَقَالَ: "لَا، عَلَى الْمُتَّقِينَ". وَرَوَى ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ فِي كِتَابِ الْبَيْعَةِ: "وَكَانُوا لَا يَرَوْنَ

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 518
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست