responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 412
قَالَ: "مَا رَأَيْت نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَغْلَبَ لِعُقُولِ ذَوِي الْأَلْبَابِ مِنْهُنَّ" فَقِيلَ: مَا نُقْصَانُ دِينِهِنَّ؟ فَقَالَ: "تَمْكُثُ إحْدَاهُنَّ الْأَيَّامَ وَاللَّيَالِيَ لَا تُصَلِّي" فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مُدَّةَ الْحَيْضِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي، وَأَقَلُّهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَأَكْثَرُهَا عَشَرَةُ أَيَّامٍ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ الْأَعْمَشِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ: "اجْتَنِبِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ مَحِيضِك ثُمَّ اغْتَسِلِي وَتَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ" وَرَوَى الْحَكَمُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، أَنَّ سَوْدَةَ قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنِّي أُسْتَحَاضُ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَقْعُدَ أَيَّامَ حَيْضِهَا، فَإِذَا مَضَتْ تَوَضَّأَتْ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَصَلَّتْ. وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِ حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ: "دَعِي الصَّلَاةَ بِعَدَدِ الْأَيَّامِ الَّتِي كُنْت تَحِيضِينَ فِيهَا ثُمَّ اغْتَسِلِي" وَفِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي سَأَلَتْهُ أَنَّهَا تُهْرَاقُ الدَّمَ، فَقَالَ: "لِتَنْظُرْ عَدَدَ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ الَّتِي كَانَتْ تَحَيُّضُهُنَّ مِنْ الشَّهْرِ فَلْتَتْرُكْ الصَّلَاةَ قَدْرَ ذَلِكَ مِنْ الشَّهْرِ ثُمَّ لِتَغْتَسِلْ وَلْتُصَلِّ". وَرَوَى شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي الْيَقْظَانِ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْمُسْتَحَاضَةُ تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ حَيْضِهَا ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ". وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِ هَذَا الْحَدِيثِ: "تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا". وَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ وَالْمَرْأَةَ الَّتِي رَوَتْ قِصَّتَهَا أُمُّ سَلَمَةُ أَنْ تَدَعَ الصَّلَاةَ أَيَّامَ حَيْضِهَا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ مِنْهُ لَهَا عَنْ مِقْدَارِ حَيْضِهَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَجَبَ بِذَلِكَ أَنْ تَكُونَ مُدَّةُ الْحَيْضِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْأَيَّامِ، وَهُوَ مَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ إلَى الْعَشَرَةِ; وَلَوْ كَانَ الْحَيْضُ يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ لَمَا أَجَابَهَا بِذِكْرِ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي، وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ: "الْمُسْتَحَاضَةُ تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ حَيْضِهَا" وَذَلِكَ لَفْظٌ عَامٌّ فِي سَائِرِ النِّسَاءِ; وَاسْمُ الْأَيَّامِ إذَا أُطْلِقَتْ فِي عَدَدٍ مَحْصُورٍ يَقَعُ أَقَلُّهُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَأَكْثَرُهُ عَلَى عَشَرَةٍ، وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ عَدَدٌ مَحْصُورٌ يُضَافُ إلَيْهِ الْأَيَّامُ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ عَدَدُهُ مَا ذَكَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَجْهٌ آخَرُ: هُوَ أَنَّهُ مَتَى تَقَدَّمَتْ مَعْرِفَةُ الْوَقْتِ الَّذِي أُضِيفَتْ إلَيْهِ الْأَيَّامُ فَإِنَّ اسْمَ الْأَيَّامِ لَا يَتَنَاوَلُ عَدَدًا مَحْصُورًا، نَظِيرُهُ قَوْلُ الْقَائِلِ أَيَّامُ السَّنَةِ فَلَا تَخْتَصُّ بِالثَّلَاثَةِ وَلَا بالعشرة; وقوله: {أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ} لَمْ تَخْتَصَّ بِمَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ إلَى الْعَشَرَةِ; لِأَنَّهُ قَالَ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} فَلَمَّا أَضَافَهَا إلَى الْوَقْتِ الَّذِي قَدْ تَقَرَّرَتْ مَعْرِفَتُهُ عِنْدَ الْمُخَاطَبِينَ، لَمْ تَخْتَصَّ بِمَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ إلَى الْعَشَرَةِ. وَقَوْلُهُ: "تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ حَيْضِهَا وَأَيَّامَ أَقْرَائِهَا" لَمْ يَتَقَدَّمْ عِنْدَ السَّامِعِينَ عَدَدُ أَيَّامِهَا، فَيَكُونُ ذِكْرُ الْأَيَّامِ رَاجِعًا إلَيْهَا دُونَ مَا تَخْتَصُّ بِهِ مِنْ الْعَدَدِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَحْمُولًا عَلَى مَا يَخْتَصُّ بِهِ مِنْ هَذَا الْعَدَدِ، وَهُوَ مَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ إلَى الْعَشَرَةِ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ; لِأَنَّ اسْمَ الْأَيَّامِ قَدْ تُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهَا وَقْتًا مُبْهَمًا، كَمَا يُطْلَقُ اسْمُ اللَّيَالِي عَلَى وَقْتٍ مُبْهَمٍ، وَلَا يُرَادُ بِهِ سَوَادُ اللَّيْلِ، فَإِذَا تَقَدَّمَتْ مَعْرِفَةُ الْوَقْتِ الْمُضَافِ إلَيْهِ الْأَيَّامُ فَذِكْرُ الْأَيَّامِ فِيهِ بِمَعْنَى الْوَقْتِ الْمُبْهَمِ الَّذِي لَا يُرَادُ بِهِ عَدَدٌ; قَالَ الشَّاعِرُ:

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 412
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست