responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 410
بَابُ بَيَانِ مَعْنَى الْحَيْضِ وَمِقْدَارِهِ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْحَيْضُ اسْمٌ لِمِقْدَارٍ مِنْ الدَّمِ يَتَعَلَّقُ بِهِ أَحْكَامٌ، مِنْهَا: تَحْرِيمُ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَحَظْرُ الْجِمَاعِ وَانْقِضَاءُ الْعِدَّةِ وَاجْتِنَابُ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَمَسُّ الْمُصْحَفِ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ، وَتَصِيرُ الْمَرْأَةُ بِهِ بَالِغَةً. فَإِذَا تَعَلَّقَ بِوُجُودِ الدَّمِ هَذِهِ الْأَحْكَامُ كَانَ لَهُ مِقْدَارُ مَا سُمِّيَ حَيْضًا، وَإِذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ هَذِهِ الْأَحْكَامُ لَمْ يُسَمَّ حَيْضًا، أَلَا تَرَى أَنَّ الْحَائِضَ تَرَى الدَّمَ فِي أَيَّامِهَا وَبَعْدَ أَيَّامِهَا عَلَى هَيْئَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَكُونُ مَا فِي أَيَّامِهَا مِنْهُ حَيْضًا لِتَعَلُّقِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ بِهِ مَعَ وُجُودِهِ، وَمَا بَعْدَ أَيَّامِهَا فَلَيْسَ بِحَيْضٍ لِفَقْدِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ مَعَ وُجُودِهِ؟ وَكَذَلِكَ نَقُولُ فِي الْحَامِلِ: إنَّهَا لَا تَحِيضُ، وَهِيَ قَدْ تَرَى الدَّمَ، وَلَكِنْ ذَلِكَ الدَّمُ لَمَّا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَحْكَامِ لَمْ يُسَمَّ حَيْضًا، فَالْمُسْتَحَاضَةُ قَدْ تَرَى الدَّمَ السَّائِلَ دَهْرًا، وَلَا يَكُونُ حَيْضًا، وَإِنْ كَانَ كَهَيْئَةِ الدَّمِ الَّذِي يَكُونُ مِثْلُهُ حَيْضًا إذَا رَأَتْهُ فِي أَيَّامِهَا فَالْحَيْضُ اسْمٌ لِدَمٍ يُفِيدُ فِي الشَّرْعِ تَعَلُّقَ هَذِهِ الْأَحْكَامِ بِهِ إذَا كَانَ لَهُ مِقْدَارٌ مَا; وَالنِّفَاسُ وَالْحَيْضُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا مِنْ تَحْرِيمِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَجِمَاعِ الزَّوْجِ وَاجْتِنَابِ مَا يَجْتَنِبهُ الْحَائِضُ سَوَاءٌ، وَإِنَّمَا يَخْتَلِفَانِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ مِقْدَارَ مُدَّةِ الْحَيْضِ لَيْسَ هُوَ مِقْدَارَ مُدَّةِ النِّفَاسِ، وَالثَّانِي: أَنَّ النِّفَاسَ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَلَا فِي الْبُلُوغِ. وَكَانَ أَبُو الْحَسَنِ يَحُدُّ الْحَيْضَ بِأَنَّهُ الدَّمُ الْخَارِجُ مِنْ الرَّحِمِ الَّذِي تَكُونُ بِهِ الْمَرْأَةُ بَالِغَةً فِي ابْتِدَائِهِ بِهَا، وَمَا تَعْتَادُهُ النِّسَاءُ فِي الْوَقْتِ بَعْدَ الْوَقْتِ. وَإِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ عِنْدَنَا أَنْ تَكُونَ بَالِغَةً فِي ابْتِدَائِهِ بِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ قَدْ تَقَدَّمَ بُلُوغُهَا قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ السِّنِّ أَوْ الِاحْتِلَامِ أَوْ الْإِنْزَالِ عِنْدَ الْجِمَاعِ، فَأَمَّا إذَا تَقَدَّمَ بُلُوغُهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِمَا وَصَفْنَا ثُمَّ رَأَتْ دَمًا، فَهُوَ حَيْضٌ إذَا رَأَتْهُ مِقْدَارَ مُدَّةِ الْحَيْضِ وَإِنْ لَمْ تَصِرْ بَالِغَةً فِي ابْتِدَائِهِ بِهَا.
وَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مِقْدَارِ مُدَّةِ الْحَيْضِ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا: أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَيْضِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَأَكْثَرُهُ عَشَرَةٌ وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ أَصْحَابِنَا جَمِيعًا. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ: إذَا كَانَ يَوْمَيْنِ وَأَكْثَرَ الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَهُوَ حَيْضٌ وَالْمَشْهُورُ عَنْ مُحَمَّدٍ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا وَقْتَ لِقَلِيلِ الْحَيْضِ، وَلَا لِكَثِيرِهِ. وَحَكَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ مَالِك أَنَّهُ كَانَ يَرَى أَنَّ أَكْثَرَ الْحَيْضِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا; حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ فَارِسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْجَزَّارُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ بِذَلِكَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: أَقَلُّ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَأَكْثَرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا. وَرَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: الْحَيْضُ إلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ، فَإِذَا زَادَتْ فَهِيَ اسْتِحَاضَةٌ. وَقَالَ عَطَاءٌ: إذَا زَادَتْ عَلَى خمسة عشر فهي استحاضة. وقد كان

بَابُ بَيَانِ مَعْنَى الْحَيْضِ وَمِقْدَارِهِ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْحَيْضُ اسْمٌ لِمِقْدَارٍ مِنْ الدَّمِ يَتَعَلَّقُ بِهِ أَحْكَامٌ، مِنْهَا: تَحْرِيمُ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَحَظْرُ الْجِمَاعِ وَانْقِضَاءُ الْعِدَّةِ وَاجْتِنَابُ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَمَسُّ الْمُصْحَفِ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ، وَتَصِيرُ الْمَرْأَةُ بِهِ بَالِغَةً. فَإِذَا تَعَلَّقَ بِوُجُودِ الدَّمِ هَذِهِ الْأَحْكَامُ كَانَ لَهُ مِقْدَارُ مَا سُمِّيَ حَيْضًا، وَإِذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ هَذِهِ الْأَحْكَامُ لَمْ يُسَمَّ حَيْضًا، أَلَا تَرَى أَنَّ الْحَائِضَ تَرَى الدَّمَ فِي أَيَّامِهَا وَبَعْدَ أَيَّامِهَا عَلَى هَيْئَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَكُونُ مَا فِي أَيَّامِهَا مِنْهُ حَيْضًا لِتَعَلُّقِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ بِهِ مَعَ وُجُودِهِ، وَمَا بَعْدَ أَيَّامِهَا فَلَيْسَ بِحَيْضٍ لِفَقْدِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ مَعَ وُجُودِهِ؟ وَكَذَلِكَ نَقُولُ فِي الْحَامِلِ: إنَّهَا لَا تَحِيضُ، وَهِيَ قَدْ تَرَى الدَّمَ، وَلَكِنْ ذَلِكَ الدَّمُ لَمَّا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَحْكَامِ لَمْ يُسَمَّ حَيْضًا، فَالْمُسْتَحَاضَةُ قَدْ تَرَى الدَّمَ السَّائِلَ دَهْرًا، وَلَا يَكُونُ حَيْضًا، وَإِنْ كَانَ كَهَيْئَةِ الدَّمِ الَّذِي يَكُونُ مِثْلُهُ حَيْضًا إذَا رَأَتْهُ فِي أَيَّامِهَا فَالْحَيْضُ اسْمٌ لِدَمٍ يُفِيدُ فِي الشَّرْعِ تَعَلُّقَ هَذِهِ الْأَحْكَامِ بِهِ إذَا كَانَ لَهُ مِقْدَارٌ مَا; وَالنِّفَاسُ وَالْحَيْضُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا مِنْ تَحْرِيمِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَجِمَاعِ الزَّوْجِ وَاجْتِنَابِ مَا يَجْتَنِبهُ الْحَائِضُ سَوَاءٌ، وَإِنَّمَا يَخْتَلِفَانِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ مِقْدَارَ مُدَّةِ الْحَيْضِ لَيْسَ هُوَ مِقْدَارَ مُدَّةِ النِّفَاسِ، وَالثَّانِي: أَنَّ النِّفَاسَ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَلَا فِي الْبُلُوغِ. وَكَانَ أَبُو الْحَسَنِ يَحُدُّ الْحَيْضَ بِأَنَّهُ الدَّمُ الْخَارِجُ مِنْ الرَّحِمِ الَّذِي تَكُونُ بِهِ الْمَرْأَةُ بَالِغَةً فِي ابْتِدَائِهِ بِهَا، وَمَا تَعْتَادُهُ النِّسَاءُ فِي الْوَقْتِ بَعْدَ الْوَقْتِ. وَإِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ عِنْدَنَا أَنْ تَكُونَ بَالِغَةً فِي ابْتِدَائِهِ بِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ قَدْ تَقَدَّمَ بُلُوغُهَا قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ السِّنِّ أَوْ الِاحْتِلَامِ أَوْ الْإِنْزَالِ عِنْدَ الْجِمَاعِ، فَأَمَّا إذَا تَقَدَّمَ بُلُوغُهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِمَا وَصَفْنَا ثُمَّ رَأَتْ دَمًا، فَهُوَ حَيْضٌ إذَا رَأَتْهُ مِقْدَارَ مُدَّةِ الْحَيْضِ وَإِنْ لَمْ تَصِرْ بَالِغَةً فِي ابْتِدَائِهِ بِهَا.
وَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مِقْدَارِ مُدَّةِ الْحَيْضِ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا: أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَيْضِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَأَكْثَرُهُ عَشَرَةٌ وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ أَصْحَابِنَا جَمِيعًا. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ: إذَا كَانَ يَوْمَيْنِ وَأَكْثَرَ الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَهُوَ حَيْضٌ وَالْمَشْهُورُ عَنْ مُحَمَّدٍ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا وَقْتَ لِقَلِيلِ الْحَيْضِ، وَلَا لِكَثِيرِهِ. وَحَكَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ مَالِك أَنَّهُ كَانَ يَرَى أَنَّ أَكْثَرَ الْحَيْضِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا; حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ فَارِسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْجَزَّارُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ بِذَلِكَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: أَقَلُّ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَأَكْثَرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا. وَرَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: الْحَيْضُ إلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ، فَإِذَا زَادَتْ فَهِيَ اسْتِحَاضَةٌ. وَقَالَ عَطَاءٌ: إذَا زَادَتْ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ فَهِيَ اسْتِحَاضَةٌ. وَقَدْ كَانَ

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 410
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست