responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 401
الرحم لمحرم فَلَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهُ لِيَعْلَمَ الصِّنَاعَاتِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ. وَقَالُوا إنَّهُ إذَا وُهِبَ لِلْيَتِيمِ مَالٌ فَلِمَنْ هُوَ فِي حِجْرِهِ أَنْ يَقْبِضَهُ لَهُ لِمَا لَهُ فِيهِ مِنْ الصَّلَاحِ. فَظَاهِرُ الْآيَةِ قَدْ اقْتَضَى جَمِيعَ ذَلِكَ كُلِّهِ.
وَقَوْلُهُ: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ} إنَّمَا عُنِيَ بِالْمُضْمَرِينَ فِي قَوْلِهِ: {وَيَسْأَلونَكَ} الْقُوَّامُ عَلَى الْأَيْتَامِ الْكَافِلِينَ لَهُمْ، وَذَلِكَ يَنْتَظِمُ كُلَّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ; لِأَنَّ لَهُ إمْسَاكَ الْيَتِيمِ وَحَفِظَهُ وَحِيَاطَتَهُ وَحَضَانَتَهُ. وَقَدْ انْتَظَمَ قَوْلُهُ: {قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ} سَائِرَ الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَا مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ عَلَى وَجْهِ الْإِصْلَاحِ، وَالتَّزْوِيجِ، وَالتَّقْوِيمِ، وَالتَّأْدِيبِ.
وَقَوْلُهُ: {خَيْرٌ} قَدْ دَلَّ عَلَى مَعَانٍ: مِنْهَا إبَاحَةُ التَّصَرُّفِ عَلَى الْيَتَامَى مِنْ الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَا، وَمِنْهَا أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُسْتَحَقُّ بِهِ الثَّوَابُ; لِأَنَّهُ سَمَّاهُ خَيْرًا وَمَا كَانَ خَيْرًا فَإِنَّهُ يُسْتَحَقُّ بِهِ الثَّوَابُ. وَمِنْهَا أَنَّهُ لَمْ يُوجِبْهُ وَإِنَّمَا وَعَدَ بِهِ الثَّوَابَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ بِالتِّجَارَةِ وَلَا هُوَ مُجْبَرٌ عَلَى تَزْوِيجِهِ; لِأَنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ النَّدْبُ والإرشاد.
وقوله: {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} فِيهِ إبَاحَةُ خَلْطِ مَالِهِ بِمَالِهِ، وَالتِّجَارَةِ، وَالتَّصَرُّفِ فِيهِ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَهُ أَنْ يُخَالِطَ الْيَتِيمَ بِنَفْسِهِ فِي الصِّهْرِ، وَالْمُنَاكَحَةِ وَأَنْ يُزَوِّجَهُ بِنْتَهُ، أَوْ يُزَوِّجَ الْيَتِيمَةَ بَعْضَ وَلَدِهِ، فَيَكُونُ قَدْ خَلَطَ الْيَتَامَى بِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ وَاخْتَلَطَ هُوَ بهم فقد انتظم قوله: {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ} إبَاحَةَ خَلْطِ مَالِهِ بِمَالِهِ، وَالتَّصَرُّفِ فِيهِ وَجَوَازَ تَزْوِيجِهِ بَعْضَ وَلَدِهِ وَمَنْ يَلِي عَلَيْهِ، فَيَكُونُ قَدْ خَلَطَهُ بِنَفْسِهِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ اسْمَ الْمُخَالَطَةِ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: فُلَانٌ خَلِيطُ فُلَانٍ إذَا كَانَ شَرِيكًا، وَإِذَا كَانَ يُعَامِلُهُ وَيُبَايِعُهُ وَيُشَارِيهِ وَيُدَايِنُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرِيكًا. وَكَذَلِكَ يُقَالُ: قَدْ اخْتَلَطَ فُلَانٌ بِفُلَانٍ إذَا صَاهَرَهُ وَذَلِكَ كُلُّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْخُلْطَةِ الَّتِي هِيَ الِاشْتِرَاكُ فِي الْحُقُوقِ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ فِيهَا. وَهَذِهِ الْمُخَالَطَةُ مَعْقُودَةٌ بِشَرِيطَةِ الْإِصْلَاحِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: تَقْدِيمُهُ ذِكْرَ الْإِصْلَاحِ فِيمَا أَجَابَ بِهِ مِنْ أَمْرِ الْيَتَامَى، وَالثَّانِي: قَوْلُهُ عَقِيبَ ذِكْرِ الْمُخَالَطَةِ: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} .
وَإِذَا كَانَتْ الْآيَةُ قَدْ انْتَظَمَتْ جَوَازَ خَلْطِهِ مَالَ الْيَتِيمِ بِمَالِهِ فِي مِقْدَارِ مَا يَغْلِبُ فِي ظَنِّهِ أَنَّ الْيَتِيمَ يَأْكُلهُ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَدْ دَلَّ عَلَى جَوَازِ الْمُنَاهَدَةِ الَّتِي يَفْعَلُهَا النَّاسُ فِي

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 401
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست