responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 399
بَابُ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْيَتِيمُ الْمُنْفَرِدُ عَنْ أَحَدِ أَبَوَيْهِ فَقَدْ يَكُونُ يَتِيمًا مِنْ الْأُمِّ مَعَ بَقَاءِ الْأَبِ، وَقَدْ يَكُونُ يَتِيمًا مِنْ الْأَبِ مَعَ بَقَاءِ الْأُمِّ; إلَّا أَنَّ الْأَظْهَرَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ هُوَ الْيَتِيمُ مِنْ الْأَبِ، وَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ بَاقِيَةً، وَلَا يَكَادُ يُوجَدُ الْإِطْلَاقُ فِي الْيَتِيمِ مِنْ الْأُمِّ إذَا كَانَ الْأَبُ بَاقِيًا. وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا ذَكَرَ اللَّهُ مِنْ أَحْكَامِ الْأَيْتَامِ إنَّمَا الْمُرَادُ بِهَا الْفَاقِدُونَ لِآبَائِهِمْ وَهُمْ صِغَارٌ، وَلَا يُطْلَق ذَلِكَ عَلَيْهِمْ بَعْدَ الْبُلُوغِ إلَّا عَلَى وَجْهِ الْمَجَازِ لِقُرْبِ عَهْدِهِمْ بِالْيُتْمِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْيَتِيمَ اسْمٌ لِلْمُنْفَرِدِ تَسْمِيَتُهُمْ لِلْمَرْأَةِ الْمُنْفَرِدَةِ عَنْ الزَّوْجِ يَتِيمَةً سَوَاءً كَانَتْ كَبِيرَةً، أَوْ صَغِيرَةً; قَالَ الشَّاعِرُ:
إنَّ الْقُبُورَ تَنْكِحُ الْأَيَامَى ... النِّسْوَةَ الْأَرَامِلَ الْيَتَامَى
وَتُسَمَّى الرَّابِيَةُ يَتِيمَةً لِانْفِرَادِهَا عَمَّا حَوَالَيْهَا; قَالَ الشَّاعِر يَصِفُ نَاقَتَهُ:
قَوْدَاءُ يَمْلِكُ رَحْلَهَا ... مِثْلُ الْيَتِيمِ مِنْ الْأَرَانِبِ
يَعْنِي الرَّابِيَةَ. وَيُقَالُ: دُرَّةٌ يَتِيمَةٌ; لِأَنَّهَا مُفْرَدَةٌ لَا نَظِيرَ لَهَا. وَكِتَابٌ لِابْنِ الْمُقَفَّعِ في

بَابُ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْيَتِيمُ الْمُنْفَرِدُ عَنْ أَحَدِ أَبَوَيْهِ فَقَدْ يَكُونُ يَتِيمًا مِنْ الْأُمِّ مَعَ بَقَاءِ الْأَبِ، وَقَدْ يَكُونُ يَتِيمًا مِنْ الْأَبِ مَعَ بَقَاءِ الْأُمِّ; إلَّا أَنَّ الْأَظْهَرَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ هُوَ الْيَتِيمُ مِنْ الْأَبِ، وَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ بَاقِيَةً، وَلَا يَكَادُ يُوجَدُ الْإِطْلَاقُ فِي الْيَتِيمِ مِنْ الْأُمِّ إذَا كَانَ الْأَبُ بَاقِيًا. وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا ذَكَرَ اللَّهُ مِنْ أَحْكَامِ الْأَيْتَامِ إنَّمَا الْمُرَادُ بِهَا الْفَاقِدُونَ لِآبَائِهِمْ وَهُمْ صِغَارٌ، وَلَا يُطْلَق ذَلِكَ عَلَيْهِمْ بَعْدَ الْبُلُوغِ إلَّا عَلَى وَجْهِ الْمَجَازِ لِقُرْبِ عَهْدِهِمْ بِالْيُتْمِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْيَتِيمَ اسْمٌ لِلْمُنْفَرِدِ تَسْمِيَتُهُمْ لِلْمَرْأَةِ الْمُنْفَرِدَةِ عَنْ الزَّوْجِ يَتِيمَةً سَوَاءً كَانَتْ كَبِيرَةً، أَوْ صَغِيرَةً; قَالَ الشَّاعِرُ:
إنَّ الْقُبُورَ تَنْكِحُ الْأَيَامَى ... النِّسْوَةَ الْأَرَامِلَ الْيَتَامَى
وَتُسَمَّى الرَّابِيَةُ يَتِيمَةً لِانْفِرَادِهَا عَمَّا حَوَالَيْهَا; قَالَ الشَّاعِر يَصِفُ نَاقَتَهُ:
قَوْدَاءُ يَمْلِكُ رَحْلَهَا ... مِثْلُ الْيَتِيمِ مِنْ الْأَرَانِبِ
يَعْنِي الرَّابِيَةَ. وَيُقَالُ: دُرَّةٌ يَتِيمَةٌ; لِأَنَّهَا مُفْرَدَةٌ لَا نَظِيرَ لَهَا. وَكِتَابٌ لِابْنِ الْمُقَفَّعِ في

{الم غُلِبَتِ الرُّومُ} [الروم: 1 -2] وَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "زِدْ فِي الْخَطَرِ وَأَبْعِدْ فِي الْأَجَلِ" ثُمَّ حُظِرَ ذَلِكَ وَنُسِخَ بِتَحْرِيمِ الْقِمَارِ. وَلَا خِلَافَ فِي حَظْرِهِ إلَّا مَا رَخَّصَ فِيهِ مِنْ الرِّهَانِ فِي السَّبَقِ فِي الدَّوَابِّ، وَالْإِبِل، وَالنِّصَالِ إذَا كَانَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ وَاحِدًا إنْ سَبَقَ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْآخَرُ إنْ سُبِقَ. وَإِنْ شَرَطَ أَنَّ مَنْ سَبَقَ مِنْهُمَا أَخَذَ وَمَنْ سَبَقَ أَعْطَى فَهَذَا بَاطِلٌ، فَإِنْ أَدْخَلَا بَيْنَهُمَا رَجُلًا إنْ سَبَقَ اسْتَحَقَّ، وَإِنْ سُبِقَ لَمْ يُعْطَ فَهَذَا جَائِزٌ، وَهَذَا الدَّخِيلُ الَّذِي سَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَلِّلًا. وَقَدْ رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ: "لَا سَبَقَ إلَّا فِي خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ". وَرَوَى ابْنُ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ سَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ". وَإِنَّمَا خَصَّ ذَلِكَ; لِأَنَّ فِيهِ رِيَاضَةً لِلْخَيْلِ وَتَدْرِيبًا لَهَا عَلَى الرَّكْضِ، وَفِيهِ اسْتِظْهَارٌ وَقُوَّةٌ عَلَى الْعَدُوِّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} رُوِيَ أَنَّهَا الرَّمْيُ {وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال: 60] ، فَظَاهِرُ قَوْلِهِ: {وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال: 60] يَقْتَضِي جَوَازَ السَّبَقِ بِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْقُوَّةِ عَلَى الْعَدُوِّ، وَكَذَلِكَ الرَّمْيُ.
وَمَا ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ تَحْرِيمِ الْمَيْسِرِ وَهُوَ الْقِمَارُ يُوجِب تَحْرِيمَ الْقُرْعَةِ فِي الْعَبِيدِ يُعْتِقُهُمْ الْمَرِيضُ ثُمَّ يَمُوتُ; لِمَا فِيهِ مِنْ الْقِمَارِ وَإِحْقَاقِ بَعْضٍ، وَإِنْجَاحِ بَعْضٍ; وَهَذَا هُوَ مَعْنَى الْقِمَارِ بِعَيْنِهِ. وَلَيْسَتْ الْقُرْعَةُ فِي الْقِسْمَةِ كَذَلِكَ; لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَسْتَوْفِي نَصِيبَهُ لَا يُحَقِّقُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ; والله أعلم.

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 399
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست