responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 363
مُسْتَقِيمٌ، وَهُوَ يَنْتَظِمُ الْقَوْلَيْنِ مِنْ الْمُخْتَلِفِينَ فِي مَعْنَى الْأَشْهُرِ الْمَعْلُومَاتِ; وَهُوَ أَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ قَدْ كَانُوا يَنْسِئُونَ الشُّهُورَ فَيَجْعَلُونَ صَفَرًا الْمُحَرَّمَ وَيَسْتَحِلُّونَ الْمُحَرَّمَ عَلَى حَسْبَمَا يَتَّفِقُ لَهُمْ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي يُرِيدُونَ فِيهَا الْقِتَالَ، فَأَبْطَلَ اللَّهُ تَعَالَى النَّسِيءَ وَأَقَرَّ وَقْتَ الْحَجَّ عَلَى مَا كَانَ ابْتِدَاؤُهُ عَلَيْهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ، كَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَوْمَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ: "أَلَا إنَّ الزَّمَانَ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ شَوَّالٌ وَذُو الْقِعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ".
قال الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} يَعْنِي بِهَا هَذِهِ الْأَشْهُرَ الَّتِي ثَبَتَ وَقْتُ الْحَجِّ فِيهَا دُونَ مَا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ عَلَيْهِ مِنْ تَبْدِيلِ الشُّهُورِ وَتَأْخِيرِ الْحَجِّ وَتَقْدِيمِهِ. وَقَدْ كَانْ وَقْتُ الْحَجِّ مُعَلَّقًا عِنْدَهُمْ بِأَشْهُرِ الْحَجِّ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ الَّتِي يَأْمَنُونَ فِيهَا وَارِدَيْنِ وَصَادِرِينَ، فَذَكَرَ اللَّهُ هَذِهِ الْأَشْهُرَ وَأَخْبَرَنَا بِاسْتِقْرَارِ أَمْرِ الْحَجِّ وَحَظَرَ بِذَلِكَ تَغْيِيرُهَا وَتَبْدِيلُهَا إلَى غَيْرِهَا.
وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ لَمَّا قَدَّمَ ذِكْرَ التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ وَرَخَّصَ فِيهِ وَأَبْطَلَ بِهِ مَا كَانَتْ الْعَرَبُ تَعْتَقِدُهُ مِنْ حَظْرِ الْعُمْرَةِ فِي هَذِهِ الْأَشْهُرِ، قال: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} فَأَفَادَ بِذَلِكَ أَنَّ الْأَشْهُرَ الَّتِي يَصِحُّ فِيهَا التَّمَتُّعُ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ وَثَبَتَ حُكْمُهُ فِيهَا هَذِهِ الْأَشْهُرُ، وَأَنَّ مَنْ اعْتَمَرَ فِي غَيْرِهَا ثُمَّ حَجَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ حُكْمُ التَّمَتُّعِ; والله أعلم.

بَابُ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي جَوَازِ الْإِحْرَامِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَرَوَى مِقْسَمٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مِنْ سُنَّةِ الْحَجِّ أَنْ لَا يُحْرِمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَأَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: لَا يُحْرِمُ الرَّجُلُ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَرَوَى مِثْلَهُ عَنْ طَاوُسٍ وَعَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ وَعَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ وَعِكْرِمَةَ. وَقَالَ عَطَاءٌ: مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} : إنَّ إتْمَامَهُمَا أَنْ تُحْرِمَ بِهِمَا مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِكَ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَنْ كَانَ بَيْنَ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَسَافَةٌ بَعِيدَةٌ أَوْ قَرِيبَةٌ. فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مِنْ مَذْهَبِهِ جَوَازُ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَمَا رَوَاهُ مِقْسَمٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ مِنْ سُنَّةِ الْحَجِّ أَنْ لَا تُحْرِمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ يَدُلُّ ظَاهِرُهُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ حَتْمًا وَاجِبًا. وَرُوِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَأَبِي نُعَيْمٍ جَوَازُ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا جَمِيعًا وَمَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنُ حَيٍّ: إذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ جَعَلَهُ عُمْرَةً، فَإِذَا أَدْرَكَتْهُ أَشْهُرُ الْحَجِّ قَبْلَ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً مَضَى فِي الْحَجِّ وَأَجْزَأَهُ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يَجْعَلُهَا عُمْرَةً وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَكُونُ عُمْرَةً.

بَابُ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي جَوَازِ الْإِحْرَامِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَرَوَى مِقْسَمٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مِنْ سُنَّةِ الْحَجِّ أَنْ لَا يُحْرِمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَأَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: لَا يُحْرِمُ الرَّجُلُ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَرَوَى مِثْلَهُ عَنْ طَاوُسٍ وَعَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ وَعَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ وَعِكْرِمَةَ. وَقَالَ عَطَاءٌ: مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} : إنَّ إتْمَامَهُمَا أَنْ تُحْرِمَ بِهِمَا مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِكَ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَنْ كَانَ بَيْنَ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَسَافَةٌ بَعِيدَةٌ أَوْ قَرِيبَةٌ. فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مِنْ مَذْهَبِهِ جَوَازُ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَمَا رَوَاهُ مِقْسَمٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ مِنْ سُنَّةِ الْحَجِّ أَنْ لَا تُحْرِمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ يَدُلُّ ظَاهِرُهُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ حَتْمًا وَاجِبًا. وَرُوِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَأَبِي نُعَيْمٍ جَوَازُ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا جَمِيعًا وَمَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنُ حَيٍّ: إذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ جَعَلَهُ عُمْرَةً، فَإِذَا أَدْرَكَتْهُ أَشْهُرُ الْحَجِّ قَبْلَ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً مَضَى فِي الْحَجِّ وَأَجْزَأَهُ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يَجْعَلُهَا عُمْرَةً وقال الشافعي: يكون عمرة.

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 363
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست