responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 355
قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "لَوْ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ وَلَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً" وَقَدْ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَارِنًا، وَقَدْ سَاقَ الْهَدْيَ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَوْ اسْتَقْبَلَ مِنْ أَمْرِهِ مَا اسْتَدْبَرَ مَا سَاقَ الْهَدْيَ، وَلَوْ جَازَ ذَبْحُ هَدْيِ الْمُتْعَةِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ لَذَبَحَهُ وَحَلَّ كَمَا أَمَرَ أَصْحَابَهُ، وَكَانَ لَا يَكُونُ مُسْتَدْرِكًا فِي الْمُسْتَدْبِرِ شَيْئًا قَدْ فَاتَهُ. وَقَالَ لِعَلِيٍّ حِينَ قَالَ أَهْلَلْتَ بِإِهْلَالٍ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنِّي سُقْتُ الْهَدْيَ وَإِنِّي لَا أُحِلُّ إلَى يَوْمِ النَّحْرِ" وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ" وَهُوَ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَحَرَ بَدَنَةً يَوْمَ النَّحْرِ فَلَزِمَ اتِّبَاعَهُ وَلَمْ يَجُزْ تَقْدِيمُهُ عَلَى وَقْتِهِ. وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أعلم.

بَابُ صَوْمِ التَّمَتُّعِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ اُخْتُلِفَ فِي مَعْنَى قوله: {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} فَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ أَنَّهُ قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ وَيَوْمِ التَّرْوِيَةِ وَيَوْمِ عَرَفَةَ. وَقَالَتْ عَائِشَةُ وَابْنُ عُمَرَ: مِنْ حِينِ أَهَلَّ بِالْحَجِّ إلَى يَوْمِ عَرَفَةَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَلَا يَصُومُهُنَّ حَتَّى يُحْرِمَ قَالَ عَطَاءٌ: يَصُومُهُنَّ فِي الْعَشْرِ حَلَالًا إنْ شَاءَ وَهُوَ قَوْلُ طَاوُسٍ; وَقَالَا: لَا يَصُومُهُنَّ قَبْلَ أَنْ يَعْتَمِرَ قَالَ عَطَاءٌ: وَإِنَّمَا يُؤَخِّرُهُنَّ إلَى الْعَشْرِ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي عَسَى يَتَيَسَّرُ لَهُ الْهَدْيُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُمَا عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ لَا عَلَى جِهَةِ الْإِيجَابِ، فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ اسْتِحْبَابِنَا لِمَنْ لَا يَجِدُ الْمَاءَ تَأْخِيرَ التَّيَمُّمِ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ إذَا رَجَا وُجُودَ الْمَاءِ. وَقَوْلُ عَلِيٍّ وَعَطَاءٍ وَطَاوُسٍ يَدُلَّ عَلَى جَوَازِ صَوْمِهِنَّ فِي الْعَشْرِ حَلَالًا أَوْ حَرَامًا، لِأَنَّهُمْ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ ذَلِكَ; وَأَصْحَابُنَا يُجِيزُونَ صَوْمَهُنَّ بَعْدَ إحْرَامِهِ بِالْعُمْرَةِ وَلَا يُجِيزُونَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ بِالْعُمْرَةِ هُوَ سَبَبُ التَّمَتُّعِ، قَالَ اللَّهُ: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} فَمَتَى وُجِدَ السَّبَبُ جَازَ تَقْدِيمُهُ عَلَى وَقْتِ الْوُجُوبِ، كَتَعْجِيلِ الزَّكَاةِ لِوُجُودِ النِّصَابِ وَتَعْجِيلِ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ لِوُجُودِ الْجِرَاحَةِ. وَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِ تَقْدِيمِهِ قَبْلَ وَقْتِ وُجُوبِهِ لِوُجُودِ سَبَبِهِ، أَنَّا قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ وُجُوبَ الْهَدْيِ مُتَعَلِّقٌ بِوُجُوبِ تَمَامِ الْحَجِّ، وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ; لِأَنَّ قَبْلَ ذَلِكَ يَجُوزُ وُرُودِ الْفَسَادِ عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ الْهَدْيُ وَاجِبًا عَلَيْهِ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَقَدْ جَازَ عِنْدَ الْجَمِيعِ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْإِحْرَامُ بِهِ مُوجِبًا لَهُ; إذْ كَانَ وُجُوبُهُ مُتَعَلِّقًا بِتَمَامِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا، ثَبَتَ جَوَازُهُ بَعْدَ وُجُودِ سَبَبِهِ وَهُوَ الْعُمْرَةُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ إحْرَامِ الْحَجِّ وَإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ إذَا فَعَلَهُ بَعْدَ إحْرَامِ الْحَجِّ، إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ وُجُودِ سَبَبِهِ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ بَعْدَ إحْرَامِ الْعُمْرَةِ.
فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَ مَا ذَكَرْتَ سَبَبَا لِلْجَوَازِ لَوَجَبَ أَنْ يَجُوزَ السَّبْعَةُ أَيْضًا لِوُجُودِ

بَابُ صَوْمِ التَّمَتُّعِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ اُخْتُلِفَ فِي مَعْنَى قوله: {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} فَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ أَنَّهُ قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ وَيَوْمِ التَّرْوِيَةِ وَيَوْمِ عَرَفَةَ. وَقَالَتْ عَائِشَةُ وَابْنُ عُمَرَ: مِنْ حِينِ أَهَلَّ بِالْحَجِّ إلَى يَوْمِ عَرَفَةَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَلَا يَصُومُهُنَّ حَتَّى يُحْرِمَ قَالَ عَطَاءٌ: يَصُومُهُنَّ فِي الْعَشْرِ حَلَالًا إنْ شَاءَ وَهُوَ قَوْلُ طَاوُسٍ; وَقَالَا: لَا يَصُومُهُنَّ قَبْلَ أَنْ يَعْتَمِرَ قَالَ عَطَاءٌ: وَإِنَّمَا يُؤَخِّرُهُنَّ إلَى الْعَشْرِ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي عَسَى يَتَيَسَّرُ لَهُ الْهَدْيُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُمَا عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ لَا عَلَى جِهَةِ الْإِيجَابِ، فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ اسْتِحْبَابِنَا لِمَنْ لَا يَجِدُ الْمَاءَ تَأْخِيرَ التَّيَمُّمِ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ إذَا رَجَا وُجُودَ الْمَاءِ. وَقَوْلُ عَلِيٍّ وَعَطَاءٍ وَطَاوُسٍ يَدُلَّ عَلَى جَوَازِ صَوْمِهِنَّ فِي الْعَشْرِ حَلَالًا أَوْ حَرَامًا، لِأَنَّهُمْ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ ذَلِكَ; وَأَصْحَابُنَا يُجِيزُونَ صَوْمَهُنَّ بَعْدَ إحْرَامِهِ بِالْعُمْرَةِ وَلَا يُجِيزُونَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ بِالْعُمْرَةِ هُوَ سَبَبُ التَّمَتُّعِ، قَالَ اللَّهُ: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} فَمَتَى وُجِدَ السَّبَبُ جَازَ تَقْدِيمُهُ عَلَى وَقْتِ الْوُجُوبِ، كَتَعْجِيلِ الزَّكَاةِ لِوُجُودِ النِّصَابِ وَتَعْجِيلِ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ لِوُجُودِ الْجِرَاحَةِ. وَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِ تَقْدِيمِهِ قَبْلَ وَقْتِ وُجُوبِهِ لِوُجُودِ سَبَبِهِ، أَنَّا قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ وُجُوبَ الْهَدْيِ مُتَعَلِّقٌ بِوُجُوبِ تَمَامِ الْحَجِّ، وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ; لِأَنَّ قَبْلَ ذَلِكَ يَجُوزُ وُرُودِ الْفَسَادِ عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ الْهَدْيُ وَاجِبًا عَلَيْهِ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَقَدْ جَازَ عِنْدَ الْجَمِيعِ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْإِحْرَامُ بِهِ مُوجِبًا لَهُ; إذْ كَانَ وُجُوبُهُ مُتَعَلِّقًا بِتَمَامِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا، ثَبَتَ جَوَازُهُ بَعْدَ وُجُودِ سَبَبِهِ وَهُوَ الْعُمْرَةُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ إحْرَامِ الْحَجِّ وَإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ إذَا فَعَلَهُ بَعْدَ إحْرَامِ الْحَجِّ، إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ وُجُودِ سَبَبِهِ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ بَعْدَ إحْرَامِ الْعُمْرَةِ.
فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَ مَا ذَكَرْتَ سَبَبَا لِلْجَوَازِ لَوَجَبَ أن يجوز السبعة أيضا لوجود

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 355
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست