responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 306
بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ "أَقْضِي لَهُ عَلَى نَحْوٍ مِمَّا أَسْمَعُ " يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ إقْرَارِ الْمُقِرِّ بِمَا أَقَرَّ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ; لِإِخْبَارِهِ أَنَّهُ يَقْضِي بِمَا يَسْمَعُ; وَكَذَلِكَ قَدْ اقْتَضَى الْحُكْمُ بِمُقْتَضَى مَا يَسْمَعُهُ مِنْ شَهَادَةِ الشُّهُودِ وَاعْتِبَارِ لَفْظِهِمَا فِيمَا يَقْتَضِيهِ وَيُوجِبُهُ وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ هَذَا: "اقْتَسِمَا وَتَوَخَّيَا الْحَقَّ ثُمَّ اسْتَهِمَا" وَهَذَا الِاسْتِهَامُ هُوَ الْقُرْعَةُ الَّتِي يُقْرَعُ بِهَا عِنْدَ الْقِسْمَةِ. وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ الْقُرْعَةِ فِي الْقِسْمَةِ.
وَاَلَّذِي وَرَدَ التَّنْزِيلُ مِنْ حَظْرِ مَا حَكَمَ لَهُ بِهِ الْحَاكِمُ إذَا عَلِمَ الْمَحْكُومُ لَهُ أَنَّهُ غَيْرُ مَحْكُومٍ لَهُ بِحَقٍّ قَدْ اتَّفَقَتْ الْأُمَّةُ عَلَيْهِ فِيمَنْ ادَّعَى حَقًّا فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَأَقَامَ بَيِّنَةً فَقَضَى لَهُ، أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ لَهُ أَخْذُهُ وَأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يُبِيحُ لَهُ مَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مَحْظُورًا عَلَيْهِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ الْحَاكِمِ بِعَقْدٍ أَوْ فَسْخِ عَقْدٍ بِشَهَادَةِ شُهُودٍ إذَا عَلِمَ الْمَحْكُومُ لَهُ أَنَّهُمْ شُهُودُ زُورٍ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: "إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِبَيِّنَةٍ بِعَقْدٍ أَوْ فَسْخِ عَقْدٍ مِمَّا يَصِحُّ أَنْ يُبْتَدَأَ فَهُوَ نَافِذٌ وَيَكُونُ كَعَقْدٍ نَافِذٍ عَقَدَاهُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ شُهُودَ زُورٍ". وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ: حُكْمُ الْحَاكِمِ فِي الظَّاهِرِ كَهُوَ فِي الْبَاطِنِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: فَإِنْ حَكَمَ بِفُرْقَةٍ لَمْ تَحِلَّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتَزَوَّجَ وَلَا يَقْرَبُهَا زَوْجُهَا أَيْضًا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: رُوِيَ نَحْوُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ وَالشَّعْبِيِّ، ذَكَرَ أَبُو يُوسُفَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْحَيِّ خَطَبَ امْرَأَةً وَهُوَ دُونَهَا فِي الْحَسَبِ، فَأَبَتْ أَنْ تُزَوَّجَهُ، فَادَّعَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ عِنْدَ عَلِيٍّ، فَقَالَتْ: إنِّي لَمْ أَتَزَوَّجْهُ، قَالَ: قَدْ زَوَّجَكِ الشَّاهِدَانِ; فَأَمْضَى عَلَيْهِمَا النِّكَاحَ. قَالَ أَبُو يُوسُفَ: وَكَتَبَ إلَيَّ شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ يَرْوِيهِ عَنْ زَيْدٍ أَنَّ رَجُلَيْنِ شَهِدَا عَلَى رَجْلٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ بِزُورٍ، فَفَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ، قَالَ الشَّعْبِيُّ: ذَلِكَ جَائِزٌ، وَأَمَّا ابْنُ عُمَرَ فَإِنَّهُ بَاعَ عَبْدًا بِالْبَرَاءَةِ، فَرَفَعَهُ الْمُشْتَرِي إلَى عُثْمَانَ، فَقَالَ عُثْمَانُ: أَتَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا بِعْتَهُ وَبِهِ دَاءٌ كَتَمْتَهُ؟ فَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ; فَرَدَّهُ عَلَيْهِ عُثْمَانُ، فَبَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ بِفَضْلٍ كَثِيرٍ، فَاسْتَجَازَ ابْنُ عُمَرَ بَيْعَ الْعَبْدِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ بَاطِنَ ذَلِكَ الْحُكْمِ خِلَافُ ظَاهِرٍ، وَأَنَّ عُثْمَانَ لَوْ عَلِمَ مِنْهُ مِثْلَ عِلْمِ ابْنِ عُمَرَ لَمَا رَدَّهُ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّ فَسْخَ الْحَاكِمِ الْعَقْدَ يُوجِبُ عَوْدَهُ إلَى مِلْكِهِ وَإِنْ كَانَ فِي الْبَاطِنِ خِلَافَهُ.
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَةِ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ وَلِعَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ قَالَ: "إنْ جَاءَتْ بِهِ عَلَى صِفَةِ كَيْتَ وَكَيْتَ فَهُوَ لِهِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ عَلَى صِفَةٍ أُخْرَى فَهُوَ لِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ الَّذِي رُمِيَتْ بِهِ" فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى الصِّفَةِ الْمَكْرُوهَةِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْلَا مَا مَضَى مِنْ الْأَيْمَانِ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ" وَلَمْ تَبْطُلْ الْفُرْقَةُ الْوَاقِعَةُ بِلِعَانِهِمَا مَعَ عِلْمِهِ بِكَذِبِ الْمَرْأَةِ وَصِدْقِ الزَّوْجِ، فَصَارَ ذَلِكَ أَصْلًا

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 306
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست