responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 234
وَاسْتِقْرَارِهِ فِيهِ مَعَ إمْكَانِ الِامْتِنَاعِ مِنْهُ فِي الْعَادَةِ، وَلَا يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ الذُّبَابُ وَالدُّخَانُ وَالْغُبَارُ يَدْخُلُ حَلْقَهُ; لِأَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ لَا يُسْتَطَاعُ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ فِي الْعَادَةِ، وَلَا يُمْكِنُ التَّحَفُّظُ مِنْهُ بِإِطْبَاقِ الْفَمِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَا يُوجِبُ بِالْإِفْطَارِ فِي الْإِحْلِيلِ الْقَضَاءَ. قِيلَ لَهُ: إنَّمَا لَمْ يُوجِبْهُ; لِأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ أَنَّهُ لَا يَصِلُ إلَى الْمَثَانَةِ; وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْهُ مَنْصُوصًا، وَهَذَا يَدُلَّ عَلَى أَنَّ عِنْدَهُ إنْ وَصَلَ إلَى الْمَثَانَةِ أَفْطَرَ. وَأَمَّا أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ فَإِنَّهُمَا اعْتَبَرَا وُصُولَهُ إلَى الْجَوْفِ مِنْ مُخَارِقِ الْبَدَنِ الَّتِي هِيَ خِلْقَةٌ فِي بِنِيَّةِ الْإِنْسَانِ.
وَأَمَّا وَجْهُ إيجَابِ الْقَضَاءِ عَلَى مِنْ اسْتَقَاءَ عَمْدًا دُونَ مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ، فَإِنَّ الْقِيَاسَ أَنْ لَا يُفْطِرَهُ الِاسْتِقَاءُ عَمْدًا، لِأَنَّ الْفِطْرَ فِي الْأَصْلِ هُوَ مِنْ الْأَكْلِ، وَمَا جَرَى مَجْرَاهُ مِنْ الْجِمَاعِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إنَّهُ لَا يُفْطِرُهُ الِاسْتِقَاءُ عَمْدًا; لِأَنَّ الْإِفْطَارَ مِمَّا يَدْخُلُ، وَلَيْسَ مِمَّا يَخْرُجُ وَالْوُضُوءُ مِمَّا يَخْرُجُ، وَلَيْسَ مِمَّا يَدْخُلُ، وَكَسَائِرِ الْأَشْيَاءِ الْخَارِجَةِ مِنْ الْبَدَنِ لَا يُوجِبُ الْإِفْطَارَ بِالِاتِّفَاقِ، فَكَانَ خُرُوجُ الْقَيْءِ بِمَثَابَتِهَا وَإِنْ كَانَ مِنْ فِعْلِهِ، إلَّا أَنَّهُمْ تَرَكُوا الْقِيَاسَ لِلْأَثَرِ الثَّابِتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ وَلَا حَظَّ لِلنَّظَرِ مَعَ الْأَثَرِ وَالْأَثَرُ الثَّابِتُ هُوَ حَدِيثُ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ لَمْ يُفْطِرْ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَمَنْ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ".
فَإِنْ قِيلَ: خَبَرُ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ فِي ذَلِكَ غَيْرُ مَحْفُوظٍ، وَإِنَّمَا الصَّحِيحُ مِنْ هَذَا الطَّرِيقِ فِي الْأَكْلِ نَاسِيًا، قِيلَ لَهُ: قَدْ رَوَى عِيسَى بْنُ يُونُسَ الْخَبَرَيْنِ مَعًا عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ هُوَ الثِّقَةُ الْمَأْمُونُ الْمُتَّفَقُ عَلَى ثَبْتِهِ وَصِدْقِهِ. وَقَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ: رَوَى أَيْضًا حَفْصُ بْنُ غَيَّاثٍ عَنْ هِشَامٍ مِثْلَهُ. وَرَوَى الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَعِيشَ بْنِ الْوَلِيدِ أَنَّ مَعْدَانَ بْنَ أَبِي طَلْحَةَ حَدَّثَهُ: أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ حَدَّثَهُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاءَ فَأَفْطَرَ", قَالَ: فَلَقِيتُ ثَوْبَانَ فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: صَدَقَ، وَأَنَا صَبَبْتُ لَهُ وَضُوءَهُ. وَرَوَى وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ أَيُّوبَ يُحَدِّثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي مرزوق، عَنْ حُبَيْشٍ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَرِبَ مَاءً، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَمْ تَكُ صَائِمًا؟ فَقَالَ: "بَلَى وَلَكِنِّي قِئْتُ". وَإِنَّمَا تَرَكُوا الْقِيَاسَ فِي الِاسْتِقَاءِ لِهَذِهِ الْآثَارِ.
فَإِنْ قِيلَ: قَدْ رُوِيَ أَنَّ الْقَيْءَ لَا يُفْطِرُ; وَهُوَ مَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 234
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست