responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 230
لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ" قَالُوا: فَإِذَا كَانَ مَأْمُورًا بِفِعْلِ الصَّوْمِ لِرُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ، فَإِنَّهُ مَتَى لَمْ يَرَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ أَنَّهُ مِنْ شَعْبَانَ فَغَيْرُ جَائِزٍ لَهُ صَوْمُهُ مَعَ الْحُكْمِ بِهِ مِنْ شَعْبَانَ; إذْ كَانَ صَوْمُ شَعْبَانَ غَيْرُ مُجْزِئٍ عَنْ رَمَضَانَ. وَهَذَا أَيْضًا غَيْرُ مَانِعٍ جَوَازَهُ كَمَا لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْقَضَاءِ إذَا عَلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ; وَإِنَّمَا كَانَ مَحْكُومًا بِأَنَّهُ مِنْ شَعْبَانَ عَلَى شَرْطِ فَقْدِ الْعِلْمِ، فَإِذَا عَلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَتَى عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ فَهُوَ مَحْكُومٌ لَهُ بِهِ مِنْ الشَّهْرِ وَيَنْتَقِضُ مَا كُنَّا حَكَمْنَا بِهِ بَدِيًّا مِنْ أَنَّهُ مِنْ شَعْبَانَ فَكَانَ حُكْمُنَا بِذَلِكَ مُنْتَظَرًا مُرَاعًى، وَكَذَلِكَ يَكُونُ صَوْمُ يَوْمِهِ ذَلِكَ مُرَاعًى; فَإِنْ اسْتَبَانَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ أَجْزَأَهُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَبِنْ لَهُ فَهُوَ تَطَوُّعٌ.
فَإِنْ قِيلَ: وُجُوبُ قَضَائِهِ إذَا أَفْطَرَ فِيهِ غَيْرُ دَالٍّ عَلَى جَوَازِهِ إذَا صَامَهُ; لِأَنَّ الْحَائِضَ يَلْزَمُهَا الْقَضَاءُ وَلَمْ يَدُلُّ وُجُوبُ الْقَضَاءِ عَلَى الْجَوَازِ قِيلَ لَهُ: إذَا كَانَ الْمَانِعُ مِنْ جَوَازِ صَوْمِهِ فَقْدَ الْعِلْمِ بِهِ، فَوَاجِبٌ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَعْنَى بِعَيْنِهِ مَانِعًا مِنْ لُزُومِ قَضَائِهِ إذَا أَفْطَرَ فِيهِ كَالْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ; لِأَنَّك زَعَمْتَ أَنَّ الْمَانِعَ مِنْ جَوَازِهِ كَوْنُهُ غَيْرَ شَاهِدٍ لِلشَّهْرِ وَغَيْرَ عَالِمٍ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يَشْهَدْ الشَّهْرَ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ حُكْمُ الْوُجُوبِ مَقْصُورًا عَلَى مَنْ شَهِدَهُ دُونَ مَنْ لَمْ يَشْهَدْهُ، وَلَا يَخْتَلِفُ عَلَى هَذَا الْحَدِّ حُكْمُ الْجَوَازِ إذَا صَامَ وَحُكْمُ الْقَضَاءِ إذَا أَفْطَرَ. وَأَمَّا الْحَائِضُ فَلَا يَتَعَلَّقَ عَلَيْهَا حُكْمُ تَكْلِيفِ الصَّوْمِ مِنْ جِهَةِ شُهُودِهَا لِلشَّهْرِ وَعِلْمِهَا بِهِ; لِأَنَّهَا مَعَ عِلْمِهَا بِهِ لَا يُجْزِيهَا صَوْمُهُ، وَلَمْ يَتَعَلَّقْ مَعَ ذَلِكَ وُجُوبُ الْقَضَاءِ بِإِفْطَارِهَا; إذْ لَيْسَ لَهَا فِعْلٌ فِي الْإِفْطَارِ; فَلِذَلِكَ لَمْ يَجِبْ سُقُوطُ الْقَضَاءِ عَنْهَا مِنْ حَيْثُ لَمْ يُجْزِهَا صَوْمُهَا.
وَفِيهَا وَجْهٌ آخَرُ مِنْ الْحُكْمِ: وَهُوَ أَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: إذَا طَرَأَ عَلَيْهِ شَهْرُ رَمَضَانَ، وَهُوَ مُقِيمٌ ثُمَّ سَافَرَ فَغَيْرُ جَائِزٍ لَهُ الْإِفْطَارُ; وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ وَعَنْ عُبَيْدَةَ وَأَبِي مِجْلَزٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَإِبْرَاهِيمُ وَالشَّعْبِيُّ: إنْ شَاءَ أَفْطَرَ إذَا سَافَرَ وَهُوَ قَوْلُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ. وَاحْتَجَّ الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} وَهَذَا قَدْ شَهِدَ الشَّهْرَ فَعَلَيْهِ إكْمَالُ صَوْمِهِ بِمُقْتَضَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ، وَهَذَا مَعْنَاهُ عِنْدَ الْآخَرِينَ إلْزَامُ فَرْضِ الصَّوْمِ فِي حَالِ كَوْنِهِ مُقِيمًا; لِأَنَّهُ قَدْ بَيَّنَ حُكْمَ الْمُسَافِرِ عَقِيبَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَنْ كَانَ مُقِيمًا فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ ثُمَّ سَافَرَ وَبَيْنَ مَنْ كَانَ مُسَافِرًا فِي ابْتِدَائِهِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ قوله: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} مَقْصُورُ الْحُكْمِ عَلَى حَالِ الْإِقَامَةِ دُونَ حَالِ السَّفَرِ بَعْدَهَا. وَأَيْضًا لَوْ كَانَ الْمَعْنَى فِيهِ مَا ذَكَرُوا لَوَجَبَ أَنْ يَجُوزَ لِمَنْ كَانَ مُسَافِرًا فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ ثُمَّ أَقَامَ أَنْ يُفْطِرَ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 230
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست