responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 217
ذِكْرِ اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ فِي الشَّيْخِ الْفَانِي
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ: "الشَّيْخُ الْكَبِيرُ الَّذِي لَا يُطِيقُ الصِّيَامَ يُفْطِرُ وَيُطْعِمُ عَنْهُ كُلَّ يَوْمٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ". وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: يُطْعِمُ وَلَمْ يَذْكُرْ مِقْدَارَهُ. وَقَالَ الْمُزَنِيّ عَنْ الشَّافِعِيِّ: يُطْعِمُ مُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ كُلَّ يَوْمٍ. وقال ربيعة ومالك: لا أرى عَلَيْهِ الْإِطْعَامُ، وَإِنْ فَعَلَ فَحَسَنٌ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ ذَكَرْنَا فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِرَاءَتِهِ: وَعَلَى

بِإِطَاقَةِ الصَّوْمِ، وَهُوَ إنَّمَا رَخَّصَ لَهُ لِفَقْدِ الْإِطَاقَةِ وَلِلضَّرَرِ الْمَخُوفِ مِنْهُ؟ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ فِي نَسَقِ التِّلَاوَةِ مِنْ قَوْله تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} وَلَيْسَ الصَّوْمُ خَيْرًا لِلْمَرِيضِ الْخَائِفِ عَلَى نَفْسِهِ، بَلْ هُوَ فِي هَذِهِ الْحَالِ مَنْهِيٌّ عَنْ الصَّوْمِ. وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَرِيضَ وَالْمُسَافِرَ لَمْ يُرَادَا بِالْفِدْيَةِ وَأَنَّهُ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِمَا، أَنَّ الْفِدْيَةَ مَا قَامَ مَقَامَ الشَّيْءِ، وَقَدْ نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى إيجَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ، وَالْقَضَاءُ قَائِمٌ مَقَامَ الْفَرْضِ فَلَا يَكُونُ الْإِطْعَامُ حِينَئِذٍ فِدْيَةً وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِالْفِدْيَةِ الْمَرِيضَ وَالْمُسَافِرَ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} مَنْسُوخٌ بِمَا قَدَّمْنَا. وَهَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَصْلَ الْفَرْضِ كَانَ الصَّوْمَ، وَأَنَّهُ جُعِلَ لَهُ الْعُدُولُ عَنْهُ إلَى الْفِدْيَةِ عَلَى وَجْهِ الْبَدَلِ عَنْ الصَّوْمِ; لِأَنَّ الْفِدْيَةَ مَا يَقُومُ مَقَامَ الشَّيْءِ، وَلَوْ كَانَ الْإِطْعَامُ مَفْرُوضًا فِي نَفْسِهِ كَالصَّوْمِ عَلَى وَجْهِ التَّخْيِيرِ لَمَا كَانَ بَدَلًا كَمَا أَنَّ الْمُكَفِّرَ عَنْ يَمِينِهِ بِمَا شَاءَ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْأَشْيَاءِ لَا يَكُونُ مَا كَفَّرَ بِهِ مِنْهَا بَدَلًا وَلَا فِدْيَةً عَنْ غَيْرِهَا. وَإِنْ حُمِلَ مَعْنَاهُ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: الْمُرَادُ بِهِ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ لَمْ يَكُنْ مَنْسُوخًا وَلَكِنْ يَحْتَاجُ إلَى ضَمِيرٍ، وَهُوَ وَعَلَى الَّذِينَ كَانُوا يُطِيقُونَهُ ثُمَّ عَجَزُوا بِالْكِبَرِ مَعَ الْيَأْسِ عَنْ الْقَضَاءِ وَغَيْرُ جَائِزٍ إثْبَاتُ ذَلِكَ إلَّا بِاتِّفَاقٍ أَوْ تَوْقِيفٍ. وَمَعَ ذَلِكَ فِيهِ إزَالَةُ اللَّفْظِ عَنْ حَقِيقَتِهِ وَظَاهِرِهِ مِنْ غَيْرِ دَلَالَةٍ تَدُلُّ عَلَيْهِ، وَعَلَى أَنَّ فِي حَمْلِهِ عَلَى ذَلِكَ إسْقَاطَ فَائِدَةِ قَوْلِهِ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} لِأَنَّ الَّذِينَ كَانُوا يُطِيقُونَهُ بَعْدَ لُزُومِ الْفَرْضِ، وَاَلَّذِينَ لَحِقَهُمْ فَرْضُ الصَّوْمِ وَهُمْ عَاجِزُونَ عَنْهُ بِالْكِبَرِ سَوَاءً فِي حُكْمِهِ، وَيُحْمَلُ مَعْنَاهُ عَلَى أَنَّ الشَّيْخَ الْكَبِيرَ الْعَاجِزَ عَنْ الصَّوْمِ الْمَيْئُوسَ مِنْ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ، فَسَقَطَ فَائِدَةُ قَوْلِهِ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} إذْ لَمْ يَتَعَلَّقْ فِيهِ بِذِكْرِ الْإِطَاقَةِ حُكْمٌ وَلَا مَعْنًى. وَقِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ: يُطَوَّقُونَهُ يَحْتَمِلُ الشَّيْخَ الْمَيْئُوسَ مِنْهُ الْقَضَاءُ مِنْ إيجَابِ الْفِدْيَةِ عَلَيْهِ; لِأَنَّ قَوْلَهُ يُطَوَّقُونَهُ قَدْ اقْتَضَى تَكْلِيفَهُمْ حُكْمَ الصَّوْمِ مَعَ مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ عَلَيْهِمْ فِي فِعْلِهِ وَجَعَلَ لَهُمْ الْفِدْيَةَ قَائِمَةً مَقَامَ الصَّوْمِ; فَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ إذَا كَانَ مَعْنَاهَا مَا وَصَفْنَا فَهِيَ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ بَلْ هِيَ ثَابِتَةُ الْحُكْمِ; إذْ كَانَ الْمُرَادُ بِهَا الشَّيْخَ الْمَيْئُوسَ مِنْهُ الْقَضَاءُ الْعَاجِزَ عَنْ الصَّوْمِ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ بِمَنِّهِ وكرمه.

ذِكْرِ اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ فِي الشَّيْخِ الْفَانِي
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ: "الشَّيْخُ الْكَبِيرُ الَّذِي لَا يُطِيقُ الصِّيَامَ يُفْطِرُ وَيُطْعِمُ عَنْهُ كُلَّ يَوْمٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ". وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: يُطْعِمُ وَلَمْ يَذْكُرْ مِقْدَارَهُ. وَقَالَ الْمُزَنِيّ عَنْ الشَّافِعِيِّ: يُطْعِمُ مُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ كُلَّ يَوْمٍ. وقال ربيعة ومالك: لا أرى عَلَيْهِ الْإِطْعَامُ، وَإِنْ فَعَلَ فَحَسَنٌ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ ذَكَرْنَا فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِرَاءَتِهِ: وَعَلَى

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 217
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست