responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 211
بَابُ فَرْضِ الصِّيَامِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} فَاَللَّهُ تَعَالَى أَوْجَبَ عَلَيْنَا فَرْضَ الصِّيَامِ بِهَذِهِ الآية; لِأَنَّ قَوْلَهُ {كُتِبَ عَلَيْكُمُ} مَعْنَاهُ فُرِضَ عَلَيْكُمْ، كَقَوْلِهِ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} وَقَوْلِهِ: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} [النساء: 103] يَعْنِي فَرْضًا مُؤَقَّتًا. الصِّيَامُ فِي اللُّغَةِ هُوَ الْإِمْسَاكُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيّاً} [مريم: 26] يَعْنِي صَمْتًا، فَسَمَّى الْإِمْسَاكَ عَنْ الْكَلَامِ صَوْمًا. وَيُقَالُ: خَيْلٌ صِيَامٌ إذَا كَانَتْ مُمْسِكَةً عَنْ الْعَلَفِ، وَ"صَامَتْ الشَّمْسُ نِصْفَ النَّهَارِ" لِأَنَّهَا مُمْسِكَةً عَنْ السَّيْرِ وَالْحَرَكَةِ، فَهَذَا حُكْمُ هَذَا اللَّفْظِ فِي اللُّغَةِ.

الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ لَيَعْمَلَانِ بِطَاعَةِ اللَّهِ سِتِّينَ سَنَةً ثُمَّ يَحْضُرُهُمَا الْمَوْتُ فَيُضَارَّانِ فِي الْوَصِيَّةِ فَتَجِبُ لَهُمَا النَّارُ" ثُمَّ قَرَأَ عَلَيَّ أَبُو هُرَيْرَةَ مِنْ هَهُنَا: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ} حتى بلغ: {وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} .
فَهَذِهِ الْأَخْبَارُ مَعَ مَا قَدَّمْنَا تُوجِبُ عَلَى مَنْ عَلِمَ جَنَفًا فِي الْوَصِيَّةِ مِنْ مُوصٍ أَنْ يَرُدَّهُ إلَى الْعَدْلِ إذَا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ.
فَإِنْ قِيلَ: عَلَى مَاذَا يَعُودُ الضَّمِيرُ الَّذِي في قوله: {بَيْنَهُمْ} ؟ قِيلَ لَهُ: لَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ الْمُوصِي أَفَادَ بِفَحْوَى الْخِطَابِ أَنَّ هُنَاكَ مُوصًى لَهُ وَوَارِثًا تَنَازَعُوا، فَعَادَ الضَّمِيرُ إلَيْهِمْ بِفَحْوَى الْخِطَابِ فِي الْإِصْلَاحِ بَيْنَهُمْ; وَأَنْشُدَ الْفَرَّاءُ:
وَأَدْرِي إذَا يَمَّمْتُ أَرْضًا ... أُرِيدُ الْخَيْرَ أَيَّهُمَا يَلِينِي
الْخَيْرُ الَّذِي أَنَا أَبْتَغِيهِ ... أَمْ الشَّرُّ الَّذِي هُوَ يَبْتَغِينِي
فَكَنَّى فِي الْبَيْتِ الْأَوَّلِ عَنْ الشَّرِّ بَعْدَ ذِكْرِ الْخَيْرِ وَحْدَهُ لِمَا فِي فَحْوَى اللَّفْظِ مِنْ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ عِنْدَ ذِكْرِ الْخَيْرِ وَغَيْرِهِ.
وَقَدْ قِيلَ: إنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى الْمَذْكُورِينَ فِي ابْتِدَاءِ الْخِطَابِ، وَهُمْ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ. وَقَدْ أَفَادَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ عَلَى الْوَصِيِّ وَالْحَاكِمِ وَالْوَارِثِ وَكُلِّ مَنْ وَقَفَ عَلَى جَوْرٍ فِي الْوَصِيَّةِ مِنْ جِهَةِ الْخَطَإِ أَوْ الْعَمْدِ رَدَّهَا إلَى الْعَدْلِ، وَدَلَّ عَلَى أَنَّ قَوْله تعالى: {فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ} خَاصٌّ فِي الْوَصِيَّةِ الْعَادِلَةِ دُونَ الْجَائِرَةِ.
وَفِيهَا الدَّلَالَةُ عَلَى جَوَازِ اجْتِهَادِ الرَّأْيِ وَالْعَمَلِ عَلَى غَالِبِ الظَّنِّ; لِأَنَّ الْخَوْفَ مِنْ الْمَيْلِ يَكُونُ فِي غَالِبِ ظَنِّ الْخَائِفِ. وَفِيهَا رُخْصَةٌ فِي الدُّخُولِ بَيْنَهُمْ عَلَى وَجْهِ الْإِصْلَاحِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ عَنْ الْحَقِّ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِتَرَاضِيهِمْ. وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

بَابُ فَرْضِ الصِّيَامِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} فَاَللَّهُ تَعَالَى أَوْجَبَ عَلَيْنَا فَرْضَ الصِّيَامِ بِهَذِهِ الآية; لِأَنَّ قَوْلَهُ {كُتِبَ عَلَيْكُمُ} مَعْنَاهُ فُرِضَ عَلَيْكُمْ، كَقَوْلِهِ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} وَقَوْلِهِ: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} [النساء: 103] يَعْنِي فَرْضًا مُؤَقَّتًا. الصِّيَامُ فِي اللُّغَةِ هُوَ الْإِمْسَاكُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيّاً} [مريم: 26] يَعْنِي صَمْتًا، فَسَمَّى الْإِمْسَاكَ عَنْ الْكَلَامِ صَوْمًا. وَيُقَالُ: خَيْلٌ صِيَامٌ إذَا كَانَتْ مُمْسِكَةً عَنْ الْعَلَفِ، وَ"صَامَتْ الشَّمْسُ نِصْفَ النَّهَارِ" لِأَنَّهَا مُمْسِكَةً عَنْ السَّيْرِ وَالْحَرَكَةِ، فَهَذَا حُكْمُ هذا اللفظ في اللغة.

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 211
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست