responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 171
بَاب قَتْلِ الْمُؤْمِنِ بِالْكَافِرِ
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ: "يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالذِّمِّيِّ". وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ: "لَا يُقْتَلُ". وَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: "إنْ قَتَلَهُ غِيلَةً قُتِلَ بِهِ، وَإِلَّا لَمْ يُقْتَلْ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَائِرُ مَا قَدَّمْنَا مِنْ ظَوَاهِرِ الْآيِ يُوجِبُ قَتْلَ الْمُسْلِمِ بِالذِّمِّيِّ عَلَى مَا بَيَّنَّا; إذْ لَمْ يُفَرِّقْ شَيْءٌ مِنْهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِ، وَالذِّمِّيِّ، وقَوْله تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} عَامٌّ فِي الْكُلِّ، وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى

مِنْ مَالِهَا نِصْفُ الدِّيَةِ، فَقَوْلٌ يَرُدُّهُ ظَاهِرُ الْآي الْمُوجِبَةِ لِلْقِصَاصِ، وَيُوجِبُ زِيَادَةَ حُكْمٍ غَيْرِ مَذْكُورٍ فِيهَا. وَقَدْ رَوَى قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ يَهُودِيًّا قَتَلَ جَارِيَةً، وَعَلَيْهَا أَوْضَاحٌ لَهَا، فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَتَلَهُ بِهَا. وَرَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إنَّ الرَّجُلَ يُقْتَلُ بِالْمَرْأَةِ". وَأَيْضًا قَدْ ثَبَتَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَتْلُ جَمَاعَةِ رِجَالٍ بِالْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ ظَهَرَ مِنْ أَحَدٍ مِنْ نُظَرَائِهِ مَعَ اسْتِفَاضَةِ ذَلِكَ، وَشُهْرَتِهِ عَنْهُ، وَمِثْلُهُ يَكُونُ إجْمَاعًا.
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى قَتْلِ الرَّجُلِ بِهَا مِنْ غَيْرِ بَدَلِ مَالٍ، مَا قَدَّمْنَا مِنْ سُقُوطِ اعْتِبَارِ، الْمُسَاوَاة بَيْنَ الصَّحِيحَةِ، وَالسَّقِيمَةِ، وَقَتْلِ الْعَاقِلِ بِالْمَجْنُونِ، وَالرَّجُلِ بِالصَّبِيِّ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى سُقُوطِ اعْتِبَارِ الْمُسَاوَاةِ فِي النُّفُوسِ، وَأَمَّا دُونَ النَّفْسِ فَإِنَّ اعْتِبَارَ الْمُسَاوَاة، وَاجِبٌ فِيهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ اتِّفَاقُ الْجَمِيعِ عَلَى امْتِنَاعِ أَخْذِ الْيَدِ الصَّحِيحَةِ بِالشَّلَّاءِ. وَكَذَلِكَ لَمْ يُوجِبْ أَصْحَابُنَا الْقِصَاصَ بَيْنَ الرِّجَالِ، وَالنِّسَاءِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ، وَكَذَلِكَ بَيْنَ الْعَبِيدِ، وَالْأَحْرَارِ; لِأَنَّ مَا دُونَ النَّفْسِ مِنْ أَعْضَائِهَا غَيْرُ مُتَسَاوِيَةٍ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: هَلَّا قُطِعَتْ يَدُ الْعَبْدِ، وَيَدُ الْمَرْأَةِ بِيَدِ الرَّجُلِ كَمَا قُطِعَتْ الْيَدُ الشَّلَّاءُ بِالصَّحِيحَةِ قِيلَ لَهُ: إنَّمَا سَقَطَ الْقِصَاصُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لِاخْتِلَافِ أَحْكَامِهَا لَا مِنْ جِهَةِ النَّقْصِ، فَصَارَ كَالْيُسْرَى لَا تُؤْخَذُ بِالْيُمْنَى، وَأَوْجَبَ أَصْحَابُنَا الْقِصَاصَ بَيْنَ النِّسَاءِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ لِتَسَاوِي أَعْضَائِهِمَا مِنْ غَيْرِ اخْتِلَافٍ فِي أَحْكَامِهِمَا، وَلَمْ يُوجِبُوا الْقِصَاصَ فِيمَا بَيْنَ الْعَبِيدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ; لِأَنَّ تَسَاوِيَهُمَا إنَّمَا يُعْلَمُ مِنْ طَرِيقِ التَّقْوِيمِ، وَغَالِبِ الظَّنِّ. كَمَا لَا تُقْطَعُ الْيَدُ مِنْ نِصْفِ السَّاعِدِ; لِأَنَّ الْوُصُولَ إلَى عِلْمِهِ مِنْ طَرِيقِ الِاجْتِهَادِ. وَعِنْدَهُمْ أَنَّ أَعْضَاءَ الْعَبْدِ حُكْمُهَا حُكْمُ الْأَمْوَالِ فِي جَمِيعِ الْوُجُوهِ، فَلَا يَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ مِنْهَا شَيْءٌ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْجَانِي فِي مَالِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ النَّفْسُ لِأَنَّهَا تَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ فِي الْخَطَأ، وَتَجِبُ فِيهَا الْكَفَّارَةُ فَفَارَقَ الْجِنَايَاتِ عَلَى الْأَمْوَالِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

بَاب قَتْلِ الْمُؤْمِنِ بِالْكَافِرِ
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ: "يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالذِّمِّيِّ". وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ: "لَا يُقْتَلُ". وَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: "إنْ قَتَلَهُ غِيلَةً قُتِلَ بِهِ، وَإِلَّا لَمْ يُقْتَلْ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَائِرُ مَا قَدَّمْنَا مِنْ ظَوَاهِرِ الْآيِ يُوجِبُ قَتْلَ الْمُسْلِمِ بِالذِّمِّيِّ عَلَى مَا بَيَّنَّا; إذْ لَمْ يُفَرِّقْ شَيْءٌ مِنْهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِ، وَالذِّمِّيِّ، وقَوْله تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} عَامٌّ فِي الْكُلِّ، وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 171
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست