responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 116
بَابُ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: "قَرَأْتُ عِنْدَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} فَقُلْت: لَا أُبَالِي أَنْ لَا أَفْعَلَ، قَالَتْ: بِئْسَمَا قُلْت يَا ابْنَ أُخْتِي قَدْ طَافَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَافَ الْمُسْلِمُونَ فَكَانَتْ سُنَّةً إنَّمَا كَانَ مَنْ أَهَلَّ لِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ لَا يَطَّوَّفُ بِهِمَا، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ كَرِهُوا أَنْ يَطُوفُوا بِهِمَا حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، فَطَافَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَتْ سُنَّةً قَالَ: فَذَكَرْت ذَلِكَ لِأَبِي بَكْرٍ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنَ، فَقَالَ: إنَّ هَذَا لَعِلْمٌ، وَلَقَدْ كَانَ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ: إنَّمَا سَأَلَ عَنْ هَذَا الرِّجَالُ الَّذِينَ كَانُوا يَطُوفُونَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَأَحْسَبُهَا نَزَلَتْ فِي الْفَرِيقَيْنِ". وَرُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} قَالَ: كَانَ عَلَى الصَّفَا تَمَاثِيلُ وَأَصْنَامٌ وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ لَا يَطُوفُونَ عَلَيْهَا لِأَجْلِ الْأَصْنَامِ وَالتَّمَاثِيلِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} .
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: كَانَ السَّبَبُ فِي نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ عِنْدَ عَائِشَةَ سُؤَالُ مَنْ كَانَ لَا يَطُوفُ بِهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ لِأَجْلِ إهْلَالِهِ لِمَنَاةَ، وَعَلَى مَا ذَكَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِسُؤَالِ مَنْ كَانَ يَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَقَدْ كَانَ عَلَيْهِمَا الْأَصْنَامُ، فَتَجَنَّبَ النَّاسُ الطَّوَافَ بِهِمَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ. وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ سُؤَالَ الْفَرِيقَيْنِ. وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي السَّعْيِ بَيْنَهُمَا، فَرَوَى هِشَام بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ، وَأَيُّوبُ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، جَمِيعًا عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا أَتَمَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِامْرِئِ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً مَا لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. وَذَكَرِ أَبُو الطُّفَيْلِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ السَّعْيَ بَيْنَهُمَا سُنَّةٌ وَأَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَعَلَهُ. وَرَوَى عَاصِمُ الْأَحْوَلُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كُنَّا نَكْرَهُ الطَّوَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، وَالطَّوَافُ بَيْنَهُمَا تَطَوُّعٌ. وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: مَنْ شَاءَ لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ: إنَّ مَنْ تَرَكَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا وَالثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ: إنَّهُ واجب

بَابُ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: "قَرَأْتُ عِنْدَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} فَقُلْت: لَا أُبَالِي أَنْ لَا أَفْعَلَ، قَالَتْ: بِئْسَمَا قُلْت يَا ابْنَ أُخْتِي قَدْ طَافَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَافَ الْمُسْلِمُونَ فَكَانَتْ سُنَّةً إنَّمَا كَانَ مَنْ أَهَلَّ لِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ لَا يَطَّوَّفُ بِهِمَا، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ كَرِهُوا أَنْ يَطُوفُوا بِهِمَا حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، فَطَافَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَتْ سُنَّةً قَالَ: فَذَكَرْت ذَلِكَ لِأَبِي بَكْرٍ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنَ، فَقَالَ: إنَّ هَذَا لَعِلْمٌ، وَلَقَدْ كَانَ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ: إنَّمَا سَأَلَ عَنْ هَذَا الرِّجَالُ الَّذِينَ كَانُوا يَطُوفُونَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَأَحْسَبُهَا نَزَلَتْ فِي الْفَرِيقَيْنِ". وَرُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} قَالَ: كَانَ عَلَى الصَّفَا تَمَاثِيلُ وَأَصْنَامٌ وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ لَا يَطُوفُونَ عَلَيْهَا لِأَجْلِ الْأَصْنَامِ وَالتَّمَاثِيلِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} .
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: كَانَ السَّبَبُ فِي نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ عِنْدَ عَائِشَةَ سُؤَالُ مَنْ كَانَ لَا يَطُوفُ بِهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ لِأَجْلِ إهْلَالِهِ لِمَنَاةَ، وَعَلَى مَا ذَكَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِسُؤَالِ مَنْ كَانَ يَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَقَدْ كَانَ عَلَيْهِمَا الْأَصْنَامُ، فَتَجَنَّبَ النَّاسُ الطَّوَافَ بِهِمَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ. وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ سُؤَالَ الْفَرِيقَيْنِ. وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي السَّعْيِ بَيْنَهُمَا، فَرَوَى هِشَام بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ، وَأَيُّوبُ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، جَمِيعًا عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا أَتَمَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِامْرِئِ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً مَا لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. وَذَكَرِ أَبُو الطُّفَيْلِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ السَّعْيَ بَيْنَهُمَا سُنَّةٌ وَأَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَعَلَهُ. وَرَوَى عَاصِمُ الْأَحْوَلُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كُنَّا نَكْرَهُ الطَّوَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، وَالطَّوَافُ بَيْنَهُمَا تَطَوُّعٌ. وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: مَنْ شَاءَ لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ: إنَّ مَنْ تَرَكَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا وَالثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ: إنَّهُ واجب

سَمِعَهُ، وَمِنْهَا غَيْظُ الْكُفَّارِ وَعِلْمُهُمْ بِجِدِّهِ وَاجْتِهَادِهِ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّبَاتِ عَلَى طَاعَتِهِ وَمُجَاهَدَةِ أَعْدَائِهِ وَيُحْكَى عَنْ دَاوُد الطَّائِيِّ قَالَ: الزَّاهِدُ فِي الدُّنْيَا لَا يُحِبُّ الْبَقَاءَ فِيهَا، وَأَفْضَلُ الْأَعْمَالِ الرِّضَا عَنْ اللَّهِ، وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَحْزَنَ لِلْمُصِيبَةِ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ لِكُلِّ مُصِيبَةٍ ثَوَابًا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 116
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست