responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 79
الْإِعَادَةُ لِأَنَّ الْجِهَةَ الَّتِي تَوَجَّهَ إلَيْهَا قَدْ قَامَتْ لَهُ مَقَامَ الْقِبْلَةِ كَالتَّيَمُّمِ قَائِمٌ مَقَامَ الْوُضُوءِ وَلَمْ يُوجَدْ لِلْمُصَلِّي فِي الثَّوْبِ النَّجِسِ وَالْمُتَطَهِّرِ بِمَاءٍ نَجِسٍ مَا يَقُومُ مَقَامَ الطَّهَارَةَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُصَلِّي بِغَيْرِ تَيَمُّمٍ وَلَا مَاءٍ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ أَصْلٌ يُرَدُّ إلَيْهِ مَسْأَلَتُنَا صَلَاةُ الْخَائِفِ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ وَيُبْنَى عَلَيْهَا مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا جِهَةٌ لَمْ يُكَلَّفْ غَيْرَهَا فِي الْحَالِ وَالثَّانِي قِيَامُ هَذِهِ الْجِهَةِ مَقَامَ الْقِبْلَةِ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ كَالْمُتَيَمِّمِ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْله تَعَالَى [فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ] الصَّلَاةُ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ أَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ مِقْدَارَ مِسَاحَةِ الْكَعْبَةِ لَا يَتَّسِعُ لِصَلَاةِ النَّاسِ الْغَائِبِينَ عَنْهَا حَتَّى يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُصَلِّيًا لِمُحَاذَاتِهَا أَلَا تَرَى أَنَّ الْجَامِعَ مِسَاحَتُهُ أَضْعَافُ مِسَاحَةِ الْكَعْبَةِ وَلَيْسَ جَمِيعُ مَنْ يُصَلِّي فِيهِ مُحَاذِيًا لِسَمْتِهَا وَقَدْ أُجِيزَتْ صَلَاةُ الْجَمِيعِ فَثَبَتَ أَنَّهُمْ إنَّمَا كُلِّفُوا التَّوَجُّهَ إلَى الْجِهَةِ الَّتِي هِيَ فِي ظَنِّهِمْ أَنَّهَا مُحَاذِيَةُ الْكَعْبَةِ لَا مُحَاذَاتُهَا بِعَيْنِهَا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ جِهَةٍ قَدْ أُقِيمَتْ مَقَامَ جِهَةِ الْكَعْبَةِ فِي حَالِ الْعُذْرِ فَإِنْ قِيلَ إنَّمَا جَازَتْ صَلَاةُ الْجَمِيعِ فِي الْأَصْلِ الَّذِي ذَكَرْتُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُحَاذِي لِلْكَعْبَةِ دُونَ مَنْ بَعُدَ مِنْهُ وَلَمْ يَظْهَرْ في الثاني توجه إلَى غَيْرِ جِهَةِ الْكَعْبَةِ فَأَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَلَيْسَتْ هَذِهِ نَظِيرَ مَسْأَلَتِنَا مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْمُجْتَهِدَ فِي مَسْأَلَتِنَا قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ صَلَّى إلَى غَيْرِهَا قِيلَ لَهُ لَوْ كَانَ هَذَا الِاعْتِبَارُ سَائِغًا فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا لَوَجَبَ أَنْ لَا تُجِيزَ صَلَاةَ الْجَمِيعِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مُحَاذَاةُ الْكَعْبَةِ مِقْدَارَ عِشْرِينَ ذِرَاعًا إذَا كَانَ مُسَامِتَهَا ثُمَّ قَدْ رَأَيْنَا أَهْلَ الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ قَدْ أَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ مَعَ الْعِلْمِ بأن الذي حاذوهاهم الْقَلِيلُ الَّذِينَ يَقْصُرُ عَدَدُهُمْ عَنْ النِّسْبَةِ إلَى الْجَمِيعِ لِقِلَّتِهِمْ وَجَائِزٌ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يُحَاذِي الْكَعْبَةَ حِينَ لَمْ يغادروها ثُمَّ أَجْزَأَتْ صَلَاةُ الْجَمِيعِ وَلَمْ يُعْتَبَرْ حُكْمُ الْأَعَمِّ الْأَكْثَرِ مَعَ تَعَلُّقِ الْأَحْكَامِ فِي الْأُصُولِ بِالْأَعَمِّ الْأَكْثَرِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْحُكْمَ فِي كُلِّ مَنْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَدَارِ الْحَرْبِ يَتَعَلَّقُ بِالْأَعَمِّ الْأَكْثَرِ دُونِ الْأَخَصِّ الْأَقَلِّ حَتَّى صَارَ مَنْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ مَحْظُورًا قَتْلُهُ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ فِيهَا مَنْ يَسْتَحِقُّ الْقَتْلَ مِنْ مُرْتَدٍّ وَمُلْحِدٍ وَحَرْبِيٍّ وَمَنْ فِي دَارِ الْحَرْبِ يُسْتَبَاحُ قَتْلُهُ مَعَ مَا فِيهَا مِنْ مُسْلِمٍ تَاجِرٍ أَوْ أَسِيرٍ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأُصُولِ عَلَى هَذَا الْمِنْهَاجِ يُجْرَى حُكْمُهَا وَلَمْ يَكُنْ لِلْأَكْثَرِ الْأَعَمِّ حُكْمٌ فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُمْ عَلَى غَيْرِ مُحَاذَاةِ الْكَعْبَةِ ثَبَتَ أَنَّ الَّذِي كُلِّفَ كُلُّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فِي وَقْتِهِ هُوَ مَا عِنْده أَنَّهُ جِهَةُ الْكَعْبَةِ وَفِي اجْتِهَادِهِ فِي الْحَالِ الَّتِي يَسُوغُ الِاجْتِهَادُ فِيهَا وَأَنْ لَا إعَادَةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي الثَّانِي فَإِنْ قِيلَ فَأَنْتَ

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 79
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست