responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 375
دُونَ بَعْضٍ لِاتِّفَاقِ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّ إرَادَةَ اللَّهِ تَعَالَى عُمُومُ جَمِيعِ الْأَهِلَّة فِيمَا جَعَلَهُ مَوَاقِيتَ لِلنَّاسِ وَأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ بَعْضَ الْأَهِلَّةِ دُونَ بَعْضٍ فَمِنْ حَيْثُ انْتَظَمَ فِيمَا جَعَلَهُ مَوَاقِيتَ لِلنَّاسِ جَمِيعًا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ حُكْمَهَا فِيمَا جَعَلَهُ لِلْحَجِّ مِنْهَا إذْ هُمَا جَمِيعًا قَدْ انْطَوَيَا تَحْتَ لَفْظٍ وَاحِدٍ فَإِنْ قِيلَ لَمَّا جَعَلَهَا مَوَاقِيتَ لِلْحَجِّ وَالْحَجُّ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الْأَفْعَالُ الْمُوجِبَةُ بِالْإِحْرَامِ وَلَمْ يَكُنِ الْإِحْرَامُ هُوَ الْحَجُّ وَجَبَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى حَقِيقَتِهِ فَتَكُونُ الْأَهِلَّةُ الَّتِي هِيَ مَوَاقِيتُ للحج شوالا وذا العقدة وَذَا الْحِجَّةِ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْهُرِ هِيَ الَّتِي تَصِحُّ فِيهَا أَفْعَالُ الْحَجِّ لِأَنَّهُ لَوْ طَافَ وَسَعَى لِلْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ لَمْ يَصِحّ عِنْدَ الْجَمِيعِ فَيَكُونُ لَفْظُ الْحَجِّ مُسْتَعْمَلًا عَلَى حَقِيقَتِهِ قِيلَ لَهُ هَذَا غَلَطٌ لِمَا فِيهِ مِنْ إسْقَاطِ حُكْمِ اللَّفْظِ رَأْسًا وَذَلِكَ لِأَنَّ قوله [يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِ] يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ الْأَهِلَّةُ نَفْسُهَا مِيقَاتًا لِلْحَجِّ وَفُرُوضُ الْحَجِّ ثَلَاثَةٌ الْإِحْرَامُ وَالْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَطَوَافُ الزِّيَارَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَهِلَّةَ لَيْسَتْ مِيقَاتًا لِلْوُقُوفِ وَلَا لِطَوَافِ الزِّيَارَةِ إذْ هُمَا غَيْرُ مَفْعُولَيْنِ فِي وَقْتِ الْهِلَالِ فَلَمْ تَبْقَ الْأَهِلَّةُ مِيقَاتًا إلَّا لِلْإِحْرَامِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ فُرُوضِهِ وَلَوْ حَمَلْنَاهُ عَلَى مَا ذَكَرْتَ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْفُرُوضِ مُتَعَلِّقًا بِالْأَهِلَّةِ وَلَا كَانَتْ الْأَهِلَّةُ مِيقَاتًا لَهَا فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى إسْقَاطِ ذِكْرِ الْأَهِلَّةِ وَزَوَالِ فَائِدَتِهِ فَإِنْ قِيلَ إذَا كَانَتْ مَعْرِفَةُ وَقْتِ الْوُقُوفِ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْهِلَالِ جَازَ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْهِلَالَ مِيقَاتٌ لَهُ قِيلَ لَهُ لَيْسَ ذَلِكَ كَمَا ظَنَنْتَ لِأَنَّ الْهِلَالَ لَهُ وَقْتٌ مَعْلُومٌ عَلَى مَا قَدَّمْنَا فِيمَا سَلَفَ وَلَا يُسَمَّى بَعْدَ مُضِيِّ ذَلِكَ الْوَقْتِ هِلَالًا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يُقَالُ لِلْقَمَرِ لَيْلَةَ الْوُقُوفِ هِلَالًا وَاَللَّهُ تَعَالَى إنَّمَا جَعَلَ الْهِلَالَ نَفْسَهُ مِيقَاتًا لِلْحَجِّ وَأَنْتَ إنَّمَا تَجْعَلُ غَيْرَ الْهِلَالِ مِيقَاتًا وَفِي ذَلِكَ إسْقَاطُ حُكْمِ اللَّفْظِ وَدَلَالَتِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا جَعَلَ محل الدين هلالا شَهْرِ كَذَا كَانَ الْهِلَالُ نَفْسُهُ وَقْتًا لِثُبُوتِ حَقِّ الْمُطَالَبَةِ وَوُجُوبِ أَدَائِهِ إلَيْهِ لَا مَا بَعْدَهُ مِنْ الْأَيَّامِ وَكَذَلِكَ الْإِجَارَاتُ إذَا عُقِدَتْ عَلَى الْأَهِلَّةِ فَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيهَا وَقْتُ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَذَلِكَ مَفْهُومٌ مِنْ اللَّفْظِ لَا يُشْكِلُ مِثْلُهُ عَلَى ذِي فَهْمٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ إنَّ الْحَجَّ هُوَ اسْمٌ لِلْأَفْعَالِ الْمُوجِبَةِ بِالْإِحْرَامِ وَإِنَّ الْإِحْرَامَ لَا يُسَمَّى حَجًّا فَإِنَّ الْإِحْرَامَ إذَا كَانَ سَبَبًا لِتِلْكَ الْأَفْعَالِ وَلَا يَصِحُّ حُكْمُهَا إلَّا بِهِ فَجَائِزٌ أَنْ يُسَمَّى بِاسْمِهِ عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ مِنْ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِاسْمِ غَيْرِهِ إذَا كَانَ سَبَبًا أَوْ مُجَاوِرَا فَسُمِّيَ الْإِحْرَامُ حَجًّا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ إذَا كَانَ جَائِزًا إضْمَارُ الْإِحْرَامِ حَتَّى يَكُونَ فِي مَعْنَى قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ للناس

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 375
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست