responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 358
أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ
وَذَلِكَ لَا يَنْفِي كَوْنُهُ قَارِنًا لِأَنَّهُ جَائِزٌ لِلْقَارِنِ أَنْ يَذْكُرَ الْحَجَّ وحدة تارة وتارة العمرة وحدها وأخرى ويذكرهما وَالثَّالِثُ أَنَّهُمَا لَوْ تَسَاوَيَا فِي النَّقْلِ وَالِاحْتِمَالِ لَكَانَ خَبَرَ الزَّائِدِ أَوْلَى وَإِذَا ثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَارِنًا وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ
فَأَوْلَى الْأُمُورِ وَأَفْضَلُهَا الِاقْتِدَاءُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا فَعَلَهُ لَا سِيَّمَا
وَقَدْ قَالَ لَهُمْ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ
فَأَوْلَى الْأُمُورِ وَأَفْضَلُهَا الِاقْتِدَاءُ بالنبي صلّى الله عليه وسلم فيما فعله وقال الله تعالى [فَاتَّبِعُوهُ] وَقَالَ [لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ] ولأنه صلّى الله عليه وسلم لَا يَخْتَارُ مِنْ الْأَعْمَالِ إلَّا أَفْضَلَهَا وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقِرَانَ أَفْضَلُ مِنْ التَّمَتُّعِ وَمِنْ الْإِفْرَادِ وَيَدُلَّ عَلَيْهِ أَنَّ فِيهِ زِيَادَةَ نُسُكٍ وَهُوَ الدَّمُ لِأَنَّ دَمَ الْقِرَانِ عِنْدَنَا دَمُ نُسُكٍ وَقُرْبَةٍ يُؤْكَلُ مِنْهُ كَالْأُضْحِيَّةِ بِدَلَالَةِ قَوْلِهِ [فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ] وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الدِّمَاءِ تُرَتَّبُ عَلَيْهِ هَذِهِ الْأَفْعَالُ إلَّا دَمَ الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قوله [فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ] وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ التَّمَتُّعَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اسْمًا لِلْحَجِّ لِلنَّفْعِ الَّذِي يَحْصُلُ لَهُ بِجَمْعِهِ بَيْنَهُمَا وَالْفَضِيلَةِ الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا بِهِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اسْمًا لِلِارْتِفَاقِ بِالْجَمْعِ مِنْ غَيْرِ إحْدَاثِ سَفَرٍ آخَرَ وَهُوَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَيَانِ جَمِيعًا مُرَادَيْنِ بِالْآيَةِ فَيَنْتَظِمُ الْقَارِنَ وَالْمُتَمَتِّعَ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا الْفَضِيلَةُ الْحَاصِلَةُ بِالْجَمْعِ وَالثَّانِي الِارْتِفَاقُ بِالْجَمْعِ مِنْ غَيْرِ إحْدَاثِ سَفَرٍ ثَانٍ وَهَذِهِ الْمُتْعَةُ مَخْصُوصٌ بِهَا مَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِد الْحَرَامَ لِقَوْلِهِ [ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ] وَمَنْ كَانَ وَطَنُهُ الْمَوَاقِيتَ فَمَا دُونَهَا إلَى مَكَّةَ فَلَيْسَ لَهُ مُتْعَةٌ وَلَا قِرَانٌ وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا فَإِنْ قَرَنَ أَوْ تَمَتَّعَ فَهُوَ مُخْطِئٌ وَعَلَيْهِ دَمٌ وَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِدَمِ مُتْعَةٍ وَإِنَّمَا هُوَ دَمُ جِنَايَةٍ إذْ لَا مُتْعَةَ لِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ لِقَوْلِهِ [ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ] وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ إنَّمَا التَّمَتُّعُ رُخْصَةٌ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّمَا مَعْنَى ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الْحَرَامِ لَا دَمَ عَلَيْهِمْ إذَا تَمَتَّعُوا وَمَعَ ذَلِكَ فَلَهُمْ أَنْ يَتَمَتَّعُوا بِلَا هَدْيٍ فَظَاهِرُ الْآيَةِ يُوجِبُ خِلَافَ مَا قَالُوهُ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ [ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ] وَالْمُرَادُ الْمُتْعَةُ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ الْهَدْيَ لَقَالَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَإِنْ قِيلَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى ذَلِكَ عَلَى مَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لِأَنَّ اللَّامَ قَدْ تُقَامُ مقام

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 358
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست