responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 344
رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَدَعِي الْعُمْرَةَ وَاغْتَسِلِي وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ
فَلَمْ يَأْمُرْهَا بِالْحَلْقِ وَلَا بِالتَّقْصِيرِ حِينَ لَمْ تَسْتَوْعِبْ أَفْعَالَ الْعُمْرَةِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَنْ جَازَ لَهُ الْإِحْلَالُ مِنْ إحْرَامِهِ قَبْلَ قَضَاءِ الْمَنَاسِكِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ الْإِحْلَالُ بِالْحَلْقِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَلْقَ مُرَتَّبٌ عَلَى قَضَاءِ الْمَنَاسِكِ كَتَرْتِيبِ سَائِرِ أَفْعَالِ الْمَنَاسِكِ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ وَقَدْ احْتَجَّ مُحَمَّدٌ لِذَلِكَ بِأَنَّهُ لَمَّا سَقَطَ عَنْهُ سَائِرُ الْمَنَاسِكِ سَقَطَ الْحَلْقُ وَيُحْتَمَلُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَا أَنَّ الْحَلْقَ مُرَتَّبٌ عَلَى قَضَاءِ الْمَنَاسِكِ فَلَمَّا سَقَطَ عَنْهُ سَائِرُ الْمَنَاسِكِ سَقَطَ الْحَلْقُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْحَلْقُ إذَا وَجَبَ فِي الْإِحْرَامِ كَانَ نُسُكًا وَقَدْ سَقَطَ عَنْ الْمُحْصَرِ سَائِرُ الْمَنَاسِكِ وَجَبَ أَنْ يَسْقُطَ عَنْهُ الْحَلْقُ فَإِنْ قِيلَ إنَّمَا سَقَطَ عَنْهُ سَائِرُ الْمَنَاسِكِ لِتَعَذُّرِ فِعْلُهَا وَالْحَلْقُ غَيْرُ مُتَعَذِّرٍ فَعَلَيْهِ فِعْلُهُ قِيلَ لَهُ هَذَا غَلَطٌ لِأَنَّ الْمُحْصَرَ لَوْ أَمْكَنَهُ الْوُقُوفُ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَرَمْي الْجِمَارِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْوُصُولُ إلَى الْبَيْتِ وَلَا الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ لَا يَلْزَمُهُ الْوُقُوفُ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَلَا رَمْيُ الْجِمَارِ مَعَ إمْكَانِهِمَا لِأَنَّهُمَا مُرَتَّبَانِ عَلَى مَنَاسِكَ تَتَقَدَّمُهُمَا كَذَلِكَ لَمَّا كَانَ الْحَلْقُ مُرَتَّبًا عَلَى أَفْعَالِ أُخَرَ لَمْ يَكُنْ فِعْلُهُ قَبْلَهُمَا نُسُكًا فَقَدْ سَقَطَ بِمَا ذَكَرْنَا اعْتِرَاضُ السَّائِلِ لِوُجُودِنَا مَنَاسِكَ يُمْكِنُهُ فِعْلُهَا وَلَمْ تَلْزَمْهُ مَعَ ذَلِكَ عِنْدَ كَوْنِهِ مُحْصَرًا فَإِنْ احْتَجَّ محتج لأبى يوسف بقوله [وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ] فَجَعَلَ بُلُوغَهُ مَحَلَّهُ غَايَةً لِزَوَالِ الْحَظْرِ وَوَاجِبٌ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْغَايَةِ بِضِدِّ مَا قَبْلَهَا فيكون تقديره ولا تلحقوا رؤسكم حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيَ مَحِلَّهُ فَإِذَا بَلَغَ فَاحْلِقُوا وَذَلِكَ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْحَلْقِ قِيلَ لَهُ هَذَا غَلَطٌ لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ هِيَ ضِدَّ الْحَظْرِ كَمَا أَنَّ الْإِيجَابَ ضِدُّهُ فَلَيْسَتْ فِي صَرْفِهِ إلَى أَحَدِ الضِّدَّيْنِ وَهُوَ الْإِيجَابُ بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ وَهُوَ الْإِبَاحَةُ وَأَيْضًا فَإِنَّ ارْتِفَاعَ الْحَظْرِ غَيْرُ مُوجِبٍ لِفِعْلِ ضِدِّهِ عَلَى جِهَةِ الْإِيجَابِ وَإِنَّمَا الَّذِي يَقْتَضِيهِ زَوَالُ الْحَظْرِ بَقَاءَ الشَّيْءِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَهُ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلِ الْإِحْرَامِ فَإِنْ شَاءَ حَلَقَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ أَلَا تَرَى أَنَّ زَوَالَ حَظْرِ الْبَيْعِ بِفِعْلِ الْجُمُعَةِ وَزَوَالَ حَظْرِ الصَّيْدِ بِالْإِحْلَالِ لَمْ يَقْتَضِ إيجَابَ الْبَيْعِ وَلَا الِاصْطِيَادَ وَإِنَّمَا اقْتَضَى إبَاحَتُهُمَا وَيُحْتَجُّ لِأَبِي يُوسُفَ
بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ ثَلَاثًا وَدَعَا لِلْمُقَصِّرِينَ مَرَّةً)
وَذَلِكَ فِي عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ عِنْدَ الْإِحْصَارِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ نُسُكٌ وَإِذَا كَانَ نُسُكًا وَجَبَ فِعْلُهُ كَمَا يَجِبُ عِنْدَ قَضَاءِ الْمَنَاسِكِ لِغَيْرِ الْمُحْصَرِ وَالْجَوَابُ أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَدَّ عَلَيْهِمْ الْحَلْقُ وَالْإِحْلَالُ قَبْلَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ
فَلَمَّا أَمَرَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْإِحْلَالِ

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 344
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست