responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 342
بَابُ وَقْتِ ذَبْحِ هَدْيِ الْإِحْصَارِ
قَالَ الله تعالى [فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ] وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ الْعِلْمِ مِمَّنْ أَبَاحَ الْإِحْلَالَ بِالْهَدْيِ أَنَّ ذَبْحَ هَدْيِ الْعُمْرَةِ غَيْرُ مُوَقَّتٍ وأن لَهُ أَنْ يَذْبَحَهُ مَتَى شَاءَ وَيَحِلَّ وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ مُحْصَرِينَ بِالْحُدَيْبِيَةِ وَكَانُوا مُحْرِمِينَ بِالْعُمْرَةِ فَحَلُّوا مِنْهَا بعد الذبح وكان ذلك في ذي العقدة وَاخْتَلَفُوا فِي هَدْيِ الْإِحْصَارِ فِي الْحَجِّ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ لَهُ أَنْ يَذْبَحَهُ مَتَى شَاءَ وَيَحِلَّ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَالثَّوْرِيُّ وَمُحَمَّدٌ لَا يَذْبَحُ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ [فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ] يَقْتَضِي جَوَازَهُ غَيْرَ مُوَقَّتٍ وَفِي إثْبَاتِ التَّوْقِيتِ تَخْصِيصُ اللَّفْظِ وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ إلَّا بِدَلِيلٍ فَإِنْ قِيلَ لَمَّا قَالَ تَعَالَى [وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ] وَالْمَحِلُّ اسْمٌ يَقَعُ عَلَى التَّوْقِيتِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُوَقَّتًا قِيلَ لَهُ قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْمَحِلَّ اسْمٌ لِلْمَوْضِعِ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَقَعُ عَلَى الْوَقْتِ فَقَدْ اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّ الْمَكَانَ مُرَادٌ بِذِكْرِ الْمَحِلِّ فَإِذَا بَلَغَ الْحَرَمَ وَذَبَحَ جَازَ بِظَاهِرِ الْآيَةِ وَحِينَئِذٍ يَصِيرُ شَرْطُ الْوَقْتِ زِيَادَةً فِيهِ لِأَنَّ أَكْثَرَ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ الِاسْمُ لِمَا تَنَاوَلَهُمَا جَمِيعًا فَوَاجِبٌ أَنْ يُجْزِيَ بِأَيِّهِمَا وُجِدَ لِأَنَّهُ جَعَلَ بُلُوغَ الْمَحِلِّ غَايَةَ الْإِحْرَامِ وَقَدْ وُجِدَ بِذَبْحِهِ فِي الْحَرَمِ وَلَمَّا قَالَ تَعَالَى [وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ] وَكَانَ هَذَا الْمَحِلُّ هُوَ الْحَرَمَ ثُمَّ قَالَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ بِعَيْنِهَا [حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ] وَجَبَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَحِلَّ الْمَذْكُورَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى وَهُوَ الْحَرَمُ وَمِمَّا يَدُلَّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُوَقَّتٍ أَنَّ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ [فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ] عائد إلى الحج والعمرة والمبدوء بِذِكْرِهِمَا فِي قَوْلِهِ [وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ] وَالْهَدْيُ الْمَذْكُورُ لِلْحَجِّ هُوَ الْمَذْكُورُ لِلْعُمْرَةِ وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ التَّوْقِيتَ لِلْعُمْرَةِ فَكَذَلِكَ الْحَجُّ إذْ قَدْ أُرِيدَ بِاللَّفْظِ الْإِطْلَاقُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْله تَعَالَى [حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ] وَالْمُرَادُ بِمَحِلِّهِ لِلْعُمْرَةِ هُوَ الْحَرَمُ دُونَ الْوَقْتِ فَصَارَ كَالْمَنْطُوقِ بِهِ فِيهِ فَاقْتَضَى ذَلِكَ جَوَازَ ذَبْحِهِ فِي الْحَرَمِ أَيَّ وَقْتٍ شَاءَ فِي الْعُمْرَةِ فَكَذَلِكَ هُوَ لِلْحَجِّ وَأَيْضًا لَمَّا كَانَ الْإِطْلَاقُ قَدْ تَنَاوَلَ الْعُمْرَةَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ مُقَيِّدًا لِلْحَجِّ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِيهِمَا عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُرَادَ فِي بَعْضِ مَا انْتَظَمَهُ اللَّفْظُ الْوَقْتُ وَفِي بَعْضِهِ الْمَكَانُ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يريد بقوله [السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ] فِي بَعْضِهِمْ سَارِقِ الْعَشَرَةِ وَفِي بَعْضِهِمْ سَارِقِ رُبْعِ دِينَارٍ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ السُّنَّةِ
حَدِيثُ الْحَجَّاجِ بْنِ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كسر أو

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 342
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست