responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 310
حَالِ الِاعْتِكَافِ وَقَدْ حَكَيْنَا عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِيمَنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ فِي حَالِ اعْتِكَافِهِ إلَى بَيْتِهِ وَيُجَامِعُ فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ثَبَتَ أَنَّ ذِكْرَ الْمَسْجِدِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ إذَا لَمْ يُعَلَّقْ به حظر الْجِمَاعَ إنَّمَا هُوَ لِأَنَّ ذَلِكَ شَرْطُ الِاعْتِكَافِ وَمِنْ أَوْصَافِهِ الَّتِي لَا يَصِحُّ إلَّا بِهِ وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَنَّ الِاعْتِكَافَ لَمَّا كَانَ أَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ اللَّبْثَ فِي الْمَوْضِعِ ثُمَّ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الِاعْتِكَافَ فَاللَّبْثُ لَا مَحَالَةَ مُرَادٌ بِهِ وَإِنْ أُضِيفَ إلَيْهِ مَعَانٍ أُخَرُ لَمْ يَكُنْ الِاسْمُ لَهَا فِي اللُّغَةِ كَمَا أَنَّ الصَّوْمَ لَمَّا كَانَ فِي اللُّغَةِ هُوَ الْإِمْسَاكُ ثم نقل في الشرع إلى معان أخر لَمْ يُخْرِجْهُ ذَلِكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ شَرْطِهِ وَأَوْصَافِهِ الَّتِي لَا يَصِحُّ إلَّا بِهِ فَثَبَتَ أَنَّ الِاعْتِكَافَ هُوَ اللَّبْثُ فِي الْمَسْجِدِ فَوَاجِبٌ عَلَى هَذَا أَنْ لَا يَخْرُجَ إلَّا لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ أَوْ لِشُهُودِ الْجُمُعَةِ إذْ كَانَتْ فَرْضًا مَعَ مَا عَاضَدَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ مَا قَدَّمْنَا مِنْ السُّنَّةِ وَلَمَّا لَمْ يَتَعَيَّنْ فَرْضُ شُهُودِ الْجِنَازَةِ وَعِيَادَةِ الْمَرِيضَ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْخُرُوجُ لَهُمَا
وَرَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمُرُّ بِالْمَرِيضِ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فَمَا يُعَرِّجُ عَلَيْهِ يسئل عَنْهُ وَيَمْضِي
وَرَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ مِنْ فِعْلِهَا وَلَمَّا اتَّفَقَ الْجَمِيعُ مِمَّنْ ذَكَرْنَا قَوْلَهُ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَخْرُجَ فَيَنْصَرِفُ فِي سَائِرِ أَعْمَالِ الْبِرِّ مِنْ قَضَاءِ حَوَائِجِ النَّاسِ وَالسَّعْيِ عَلَى عِيَالِهِ وَهُوَ مِنْ الْبِرِّ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ حُكْمُ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَكَمَا لَا يُجِيبُهُ إلَى دَعْوَتِهِ كَذَلِكَ عِيَادَتُهُ لِأَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي حُقُوقِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فَالْكِتَابُ وَالْأَثَرُ وَالنَّظَرُ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا وَصَفْنَا فَإِنْ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِمَا
رَوَى الْهَيَّاجُ الْخُرَاسَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ الْخَالِقِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْمُعْتَكِفُ يَتْبَعُ الْجِنَازَةَ وَيَعُودُ الْمَرِيضَ وَإِذَا خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ قَنَّعَ رَأْسَهُ حَتَّى يَعُودَ إلَيْهِ)
قِيلَ لَهُ هَذَا حَدِيثٌ مَجْهُولُ السَّنَدِ لَا يُعَارَضُ بِهِ حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّهُ إنْ دَخَلَ سَقْفًا بَطَلَ اعْتِكَافُهُ فَتَخْصِيصُهُ السَّقْفَ دُونَ غَيْرِهِ لَا دَلَالَةَ عَلَيْهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ السَّقْفِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْفَضَاءِ فَإِنَّ كَوْنَهُ فِي الْفَضَاءِ وَالصَّحْرَاءِ لَا يُفْسِدُ اعْتِكَافَهُ فَكَذَلِكَ السَّقْفُ مِثْلُهُ وَأَمَّا الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ مِنْ غَيْرِ إحْضَارِ السِّلْعَةِ وَالْمِيزَانِ فَلَا بَأْسَ عِنْدَهُمْ بِهِ وَإِنَّمَا أَرَادُوا الْبَيْعَ بِالْقَوْلِ فَحَسْبُ لَا إحْضَارَ السِّلَعِ وَالْأَثْمَانِ وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ فَهُوَ كَسَائِرِ كَلَامِهِ فِي الْأُمُورِ الْمُبَاحَةِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أنه نهى عن الصمت يَوْمٍ إلَى اللَّيْلِ
فَإِذَا كَانَ الصَّمْتُ مَحْظُورًا فَهُوَ لَا مَحَالَةَ مَأْمُورٌ بِالْكَلَامِ فَسَائِرُ مَا ينافي الصمت

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 310
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست