responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 272
يَكُونَ مُرَادُهُ وُقُوعَ الْفِعْلِ لِأَنَّ الْفِعْلَ حَاصِلٌ مَوْجُودٌ مَعَ وُجُودِ النِّيَّةِ وَعَدَمِهَا وَالنِّيَّةُ هِيَ الَّتِي تُصَرِّفُ أَحْكَامَهُ عَلَى حَسَبِ مُقْتَضَاهَا وَمُوجِبِهَا مِنْ اسْتِحْقَاقِ ثَوَابِ الْفَرْضِ أَوْ الْفَضِيلَةِ أَوْ الْحَمْدِ أَوْ الذَّمِّ إنْ كَانَتْ النِّيَّةُ تَقْتَضِي حَمْدَهُ أَوْ ذَمَّهُ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ يَخْلُو الْقَوْلُ فِيهَا مِنْ أَحَدِ مَعْنَيَيْنِ إمَّا أَنْ يَسْقُطَ اعْتِبَارُ حُكْمِ اللَّفْظِ فِي دَلَالَتِهِ عَلَى جَوَازِ الصَّوْمِ أَوْ بُطْلَانِهِ وَوَجَبَ طَلَبُ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ أَنْ يُسْتَعْمَلَ حُكْمُهُ فِيمَا يَقْتَضِيهِ مَضْمُونُهُ مِنْ إفَادَةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ ثَوَابٍ أَوْ حمد أو ذم فإذا وجب استعماله عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ تَوَجَّهَتْ نِيَّتُهُ إلَى ضَرْبٍ مِنْ الْقُرْبِ فَوَاجِبٌ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ ذَلِكَ ثُمَّ أَقَلُّ أَحْوَالِهِ فِي ذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ ثَوَابُهُ مِثْلَ ثَوَابِ نَاوِي الْفَرْضِ أَنْ يَكُونَ أُنْقَصَ مِنْهُ وَنُقْصَانُ الثَّوَابِ لَا يَمْنَعُ جَوَازَهُ عَنْ الْفَرْضِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إنَّ الرَّجُلَ لَيُصَلِّي الصَّلَاةَ فَيُكْتَبُ لَهُ نِصْفُهَا رُبْعُهَا خُمْسُهَا عُشْرُهَا)
فَأَخْبَرَ بِنُقْصَانِ الثَّوَابِ مَعَ الْجَوَازِ وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ تَعَلُّقِ حُكْمِ اللَّفْظِ بِالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ أَوْ الْحَمْدِ وَالذَّمِّ
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إلَى مَا هَاجَرَ إلَيْهِ)
وَزَعَمَ الشَّافِعِيُّ أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ فَأَحْرَمَ يَنْوِي تَطَوُّعًا أَنَّهُ يَجْزِيهِ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ فَأَسْقَطَ نِيَّةَ التَّطَوُّع وَجَعَلَهَا لِلْفَرْضِ مَعَ قَوْلِهِ إنَّ فَرْضَ الْحَجِّ عَلَى الْمُهْلَةِ وَإِنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحَقِّ الْفِعْلِ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ وَذَلِكَ أَبْعَدُ فِي الْجَوَازَ مِنْ صَوْمِ رَمَضَانَ لِأَنَّ صَوْمَ رَمَضَانَ مُسْتَحَقُّ الْعَيْنِ فِي وَقْتٍ لَا يَجُوزُ لَهُ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ وَلَا تَأْخِيرُهُ عَنْهُ فَتَرَكَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ عَلَى أَصْلِهِ الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى وَلَمْ يَلْجَأْ فِيهِ إلَى نَظَرٍ صَحِيحٍ يُعَضِّدُ مَقَالَتَهُ وَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَى أَصْلِهِمْ اعْتِبَارَ مَا يَدْعُونَهُ ظَاهِرًا مِنْ هَذَا الْخَبَرِ وَأَمَّا عَلَى أَصْلِنَا فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الِاحْتِجَاجَ بِهِ سَاقِطٌ وَأَوْضَحْنَا عَنْ مَعْنَاهُ وَمُقْتَضَاهُ وَأَنَّهُ يُوجِبُ جَوَازَهُ عَنْ الْفَرْضِ فَسَلِمَ لَنَا مَا اسْتَدْلَلْنَا بِهِ مِنْ الظَّوَاهِرِ وَالنَّظَرِ وَلَمْ يَعْتَرِضْ عَلَيْهِ هَذَا الْأَثَرُ وَأَمَّا الْمُسَافِرُ إذَا صَامَ رَمَضَانَ عَنْ وَاجِبٍ عَلَيْهِ فَإِنَّمَا أَجَازَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ عَمَّا نَوَى لِأَنَّ فِعْلَ الصَّوْمِ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ عَلَيْهِ في هذه الْحَالِ وَهُوَ مُخَيَّرٌ مَعَ الْإِمْكَانِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ بَيْنَ فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْأَيَّامِ غَيْرَ رَمَضَانَ فَلَمَّا كَانَ سَائِرُ الْأَيَّامِ جَائِزًا لِمَنْ صَامَهُ عَمَّا نَوَاهُ فَكَذَلِكَ حُكْمُ رَمَضَانَ لِلْمُسَافِرِ وَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنَّهُ مَتَى نَوَاهُ تَطَوُّعًا أَنْ يَكُونَ تَطَوُّعًا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي رُوِيَتْ وَهِيَ أَقْيَسُ

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 272
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست