responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 244
إيجَادُ النِّيَّةِ لَهُ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ حُكْمُ صَوْمِ رَمَضَانَ فِي كَوْنِ النِّيَّةِ شَرْطًا لِصِحَّتِهِ وَشَبَّهَ زُفَرُ صَوْمَ رَمَضَانَ بِالطَّهَارَةِ فِي إسْقَاطِ النِّيَّةِ لَهُمَا مِنْ قِبَلِ أَنَّ الطَّهَارَةَ مَفْرُوضَةٌ فِي أَعْضَاءٍ بِعَيْنِهَا فَكَانَ الصَّوْمُ مُشْبِهًا لَهَا فِي كَوْنِهِ مَفْرُوضًا فِي وَقْتٍ مُسْتَحَقِّ الْعَيْنِ لَهُ وَهَذَا عِنْدَ سَائِرِ الْفُقَهَاءِ لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْعِلَّةَ الَّتِي ذَكَرَهَا لِلطَّهَارَةِ غَيْرُ مَوْجُودَةٍ فِي الصَّوْمِ إذْ جَعْلُ عِلَةِ الطَّهَارَةِ أَنَّهَا مَفْرُوضَةٌ فِي مَوْضِعٍ بِعَيْنِهِ وَهَذَا الْمَعْنَى غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الصَّوْمِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَوْضُوعٍ فِي مَوْضِعٍ بِعَيْنِهِ وَإِنَّمَا هُوَ مَوْضُوعٌ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ لَا فِي مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ وَعَلَى أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ مُنْتَقَضَةٌ بِالطَّوَافِ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِي مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ وَلَوْ عَدَا رَجْلٌ خَلْفَ غَرِيمٍ لَهُ يَوْمَ النَّحْرِ حَوَالِيَ الْبَيْتِ لَمْ يَكُنْ طَائِفًا طَوَافَ الزِّيَارَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ يَسْقِي النَّاسَ هُنَاكَ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ لَمْ يجزه ذلك مِنْ الْوَاجِبِ فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْعِلَّةُ غَيْرَ مُوجِبَةٍ لِلْحُكْمِ فِي مَعْلُولِهَا مِنْ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ فبأن لَا يُوجِبَ حُكْمَهَا فِيمَا لَيْسَتْ فِيهِ مَوْجُودَةً أَوْلَى وَعَلَى أَنَّ الطَّهَارَةَ مُخَالِفَةٌ لِلصَّوْمِ لِمَا بَيَّنَّا مِنْ أَنَّهَا غَيْرُ مَفْرُوضَةٍ لِنَفْسِهَا وَإِنَّمَا هِيَ شَرْطٌ لِغَيْرِهَا لَا عَلَى وَجْهِ الْبَدَلِ فَلَمْ تَجِبْ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ شَرْطًا فِيهَا كَأَنَّهُ قِيلَ لَا تُصَلِّ إلَّا وَأَنْتَ طَاهِرٌ مِنْ الْحَدَثِ وَمِنْ النَّجَاسَةِ وَلَا تُصَلِّ إلَّا مَسْتُورَ الْعَوْرَةِ وَلَيْسَ شَرْطُ غَسْلِ النَّجَاسَةِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ النِّيَّةَ كَذَلِكَ الطَّهَارَةُ بِالْمَاءِ وَأَمَّا الصَّوْمُ فَإِنَّهُ مَفْرُوضٌ مَقْصُودٌ لِعَيْنِهِ كَسَائِرِ الْفُرُوضِ الَّتِي ذَكَرْنَا فَوَجْبَ أَنْ يَكُونَ شَرْطُ صِحَّتِهِ إيجَادَ النِّيَّةِ لَهُ وَمَعْنًى آخَرُ وَهُوَ أَنَّا قَدْ علمنا أن الصَّوْمَ عَلَى ضَرْبَيْنِ مِنْهُ الصَّوْمُ اللُّغَوِيُّ وَمِنْهُ الصَّوْمُ الشَّرْعِيُّ وَأَنَّ أَحَدَهُمَا إنَّمَا يَنْفَصِلُ مِنْ الْآخَرِ بِالنِّيَّةِ مَعَ مَا قَدَّمْنَا مِنْ شَرَائِطِهِ وَمَتَى لَمْ تُوجَدْ لَهُ النِّيَّةُ كَانَ صَوْمًا لُغَوِيًّا لَا حَظَّ فِيهِ لِلشَّرَعِ فَلِذَلِكَ وَجَبَ اعْتِبَارُ النِّيَّةِ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أَمْسَكَ فِي يَوْمٍ مِنْ غَيْرِ رَمَضَانَ عَمَّا
يُمْسِكُ عَنْهُ الصَّائِمُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةُ الصَّوْمِ أَنَّ صَوْمَهُ ذَلِكَ لَا يَكُونُ صَوْمَ شَرْعٍ وَصَوْمُ التَّطَوُّعِ مُشْبِهٌ لِصَوْمِ رَمَضَانَ فِي جَوَازِ تَرْكِ النِّيَّةِ لَهُ مِنْ اللَّيْلِ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ صَائِمًا مُتَطَوِّعًا بِالْإِمْسَاكِ دُونَ النِّيَّةِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ صَوْمُ رَمَضَانَ كَذَلِكَ وَيَلْزَمُ زُفَرَ أَنْ يَجْعَلَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ أَيَّامًا فِي رَمَضَانَ إذَا لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ صَائِمًا لِوُجُودِ الْإِمْسَاكِ وَهَذَا إنْ الْتَزَمَهُ قَائِلٌ كَانَ قَائِلًا قَوْلًا مُسْتَشْنَعًا وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى إيجَادِ النِّيَّةِ كُلَّ يَوْمٍ إمَّا مِنْ اللَّيْلِ أَوْ قَبْلَ الزَّوَالِ مِنْ قِبَلِ أَنَّا قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ صَوْمَ رَمَضَانَ لَا يَصِحُّ إلَّا بِنِيَّةٍ وَمِنْ حَيْثُ افْتَقَرَ إلَى نِيَّةٍ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْيَوْمُ الثَّانِي مِثْلَهُ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ بِاللَّيْلِ مِنْ الصَّوْمِ وَمَتَى خَرَجَ مِنْهُ

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 244
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست