responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 201
مَا خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَةً إلَّا أَمَرَنَا فِيهَا بِالصَّدَقَةِ وَنَهَانَا عَنْ الْمُثْلَةِ
وَهَذَا خَبَرٌ ثَابِتٌ قَدْ تَلَقَّاهُ الْفُقَهَاءُ بِالْقَبُولِ وَاسْتَعْمَلُوهُ وَذَلِكَ يَمْنَعُ الْمُثْلَةَ بِالْقَاتِلِ وَقَوْلُ مُخَالِفِينَا فِيهِ الْمُثْلَةُ بِهِ وَهُوَ يَثْنِي عَنْ مُرَادِ الْآيَةِ فِي إيجَابِ الْقِصَاصِ وَاسْتِيفَاءِ الْمِثْلِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْقِصَاصُ مَقْصُورًا عَلَى وجه لا يوجب الْمُثْلَةِ وَيَسْتَعْمِلُ الْآيَةَ عَلَى وَجْهٍ لَا يُخَالِفُ مَعْنَى الْخَبَرِ وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَّلَ بِالْعُرَنِيِّينَ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ وَتَرَكَهُمْ فِي الْحَرَّةِ حَتَّى مَاتُوا ثُمَّ نُسِخَ سَمْلُ الْأَعْيُنِ بِنَهْيِهِ عَنْ الْمُثْلَةِ فَوَجَبَ عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ مَعْنَى آيَةِ الْقِصَاصِ مَحْمُولًا عَلَى مَا لَا مُثْلَةَ فِيهِ وَاحْتَجَّ مُخَالِفُونَا فِي ذَلِكَ
بِحَدِيثِ هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَخَ رَأْسَ صَبِيٍّ بَيْنَ حَجَرَيْنِ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرْضَخَ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ
وَهَذَا الْحَدِيثُ لَوْ ثَبَتَ كَانَ مَنْسُوخًا بِنَسْخِ الْمُثْلَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْمُثْلَةِ مُسْتَعْمَلٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَالْقَوَدُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مُخْتَلَفٌ فيه ومتى ورد عنه صلّى الله عليه وسلم خَبَرَانِ وَاتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى اسْتِعْمَالِ أَحَدِهِمَا وَاخْتَلَفُوا فِي اسْتِعْمَالِ الْآخَرِ كَانَ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا قَاضِيًا عَلَى الْمُخْتَلَفِ فِيهِ خَاصًّا كَانَ أَوْ عَامًّا وَمَعَ ذَلِكَ فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ قَتْلُ الْيَهُودِيِّ عَلَى وَجْهِ الْحَدِّ كَمَا
رَوَى شُعْبَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ عَدَا يَهُودِيٌّ عَلَى جَارِيَةٍ فَأَخَذَ أَوْضَاحًا كَانَتْ عَلَيْهَا وَرَضَخَ رَأْسَهَا فَأَتَى بِهَا أَهْلُهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ فِي آخر رمق فقال صلّى الله عليه وسلم مَنْ قَتَلَكِ فُلَانٌ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَيْ لَا ثُمَّ قَالَ فُلَانٌ يَعْنِي الْيَهُودِيَّ قَالَتْ نَعَمْ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُضِخَ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ
فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ قَتَلَهُ حَدًّا لَمَّا أَخَذَ الْمَالَ وَقَتَلَ وقد كان ذلك جائز عَلَى وَجْهِ الْمُثْلَةِ كَمَا سَمَلَ الْعُرَنِيِّينَ ثُمَّ نُسِخَ بِالنَّهْيِ عَنْ الْمُثْلَةِ
وَقَدْ رَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْيَهُودِ رَضَخَ رَأْسَ جَارِيَةٍ عَلَى حُلِيٍّ لَهَا فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرْجَمَ حَتَّى قُتِلَ
فَذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الرَّجْمَ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِقِصَاصٍ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الْيَهُودِيُّ نَقَضَ الْعَهْدَ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ لِقُرْبِ مَحَالِّ الْيَهُودِ كَانَتْ حِينَئِذٍ مِنْ الْمَدِينَةِ فَأُخِذَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَتَلَهُ عَلَى أَنَّهُ حَرْبِيٌّ نَاقِضٌ لِلْعَهْدِ مُتَّهَمٌ بِقَتْلِ صَبِيٍّ لِأَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ قَتَلَهُ بِإِيمَاءِ الصَّبِيَّةِ وَإِشَارَتِهَا أَنَّهُ قَتَلَهَا لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُوجِبُ قَتْلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْقَتْلُ عِنْدَ الْجَمِيعِ فَلَا مَحَالَةَ قَدْ كَانَ هُنَاكَ سَبَبٌ آخَرُ اسْتَحَقَّ بِهِ الْقَتْلَ لَمْ يَنْقُلْهُ الرَّاوِي عَلَى جِهَتِهِ وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِصَاصِ إتْلَافُ نَفْسِهِ بِأَيْسَرِ الْوُجُوهِ وَهُوَ السَّيْفُ اتِّفَاقُ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَوْجَرَهُ خَمْرًا حَتَّى مَاتَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُوجِرَهُ خَمْرًا وَقُتِلَ بِالسَّيْفِ فَإِنْ قِيلَ لِأَنَّ شُرْبَ

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 201
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست