responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 192
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أُصِيبَ بِدَمٍ أو بخبل يعنى بالخبل الجراح فوليه بالخيار بين أحد ثَلَاثٍ بَيْنَ الْعَفْوِ أَوْ يَقْتَصَّ أَوْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ
وَهَذِهِ الْأَخْبَارُ غَيْرُ مُوجِبَةٍ لِمَا ذَكَرُوا لِاحْتِمَالِهَا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَخْذَ الدِّيَةِ بِرِضَى الْقَاتِلِ كَمَا قَالَ تَعَالَى [فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً] المعنى فِدَاءً بِرِضَى الْأَسِيرِ فَاكْتَفَى بِالْمَحْذُوفِ عَنْ ذِكْرِهِ لِعِلْمِ الْمُخَاطَبِينَ عِنْدَ ذِكْرِ الْمَالِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلْزَامُهُ إيَّاهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ كَذَلِكَ قَوْلُهُ أَوْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ وَقَوْلُهُ أَوْ يُودَى وَكَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ لِمَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى غَيْرِهِ إنْ شِئْتَ فَخُذْ دَيْنَك دَرَاهِمَ وَإِنْ شِئْتَ دنانير وكما
قال صلّى الله عليه وسلم لِبِلَالٍ حِينَ أَتَاهُ بِتَمْرٍ أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا فَقَالَ لَا وَلَكِنَّا نَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْهُ بالصاعين والصاعين بثلاثة
فقال صلّى الله عليه وسلم لَا تَفْعَلُوا وَلَكِنْ بِعْ تَمْرَكَ بِعَرْضٍ ثُمَّ خُذْ بِالْعَرْضِ
هَذَا وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يُرَدْ أَنْ يَأْخُذَ التَّمْرَ بِالْعَرْضِ بِغَيْرِ رِضَى الْآخَرِ وَيَكُونُ ذِكْرُهُ الدِّيَةَ إبَانَةً عَمَّا نَسَخَهُ اللَّهُ عَمَّا كَانَ عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ مِنْ امْتِنَاعِ أَخْذِ الدِّيَةِ بِرِضَى الْقَاتِلِ وَبِغَيْرِ رِضَاهُ تَخْفِيفًا عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْقِصَاصَ كَانَ فِي بَنِي إسْرَائِيلَ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَخْذُ الدِّيَةِ فَخَفَّفَ اللَّهُ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَيَدُلُّ عَلَى مَا وَصَفْنَا مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ أَخْذُ الدِّيَةِ بِرِضَى الْقَاتِلِ
أَنَّ الْأَوْزَاعِيَّ قَدْ رَوَى حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ فِيهِ (مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إمَّا أَنْ يَقْتُلَ وَإِمَّا أَنْ يُفَادِيَ)
وَالْمُفَادَاةُ إنَّمَا تَكُونُ بَيْنَ اثْنَيْنِ كَالْمُقَاتَلَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالْمُشَاتَمَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ فِي سَائِرِ الْأَخْبَارِ أَخْذُ الدِّيَةِ بِرِضَى الْقَاتِلِ وَهَذِهِ الْأَخْبَارُ تُبْطِلُ قَوْلَ مَنْ يَقُولُ إنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْقَاتِلِ هُوَ الْقَوَدُ وَلِلْوَلِيِّ نَقْلُهُ إلَى الدِّيَةِ لِأَنَّ فِي جَمِيعِهَا إثْبَاتَ التَّخْيِيرِ لِلْوَلِيِّ بِنَفْسِ الْقَتْلِ بَيْنَ الْقَوَدِ وَأَخْذِ الدِّيَةِ وَلَوْ كَانَ الْوَاجِبُ هُوَ الْقَوَدَ لَا غَيْرُ وَإِنَّمَا لِلْوَلِيِّ نَقْلُهُ إلَى الدِّيَةِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ كَمَا يَنْقُلُ الدَّيْنَ إلَى الْعَرْضِ وَالْعَرْضَ إلَى الدَّيْنِ عَلَى وَجْهِ الْعِوَضِ عَنْهُ وَلَيْسَ هُنَاكَ خِيَارٌ مُوجِبٌ بِنَفْسِ الْقَتْلِ بَلْ الْوَاجِبُ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْقَوَدُ وَالْقَائِلُ بِإِيجَابِ الْقَوَدِ بِالْقَتْلِ دُونَ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَنْقُلَهُ الْوَلِيُّ إلَى الدِّيَةِ مُخَالِفٌ لِهَذِهِ الْآثَارِ
وَقَدْ رَوَى الْأَنْصَارِيُّ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي قِصَّةِ الرُّبَيِّعِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (كِتَابُ اللَّهِ القصاص)
وذلك ينفى كَوْنَ الْمُرَادِ بِالْكِتَابِ الْمَالَ أَوْ الْقِصَاصَ
وَقَدْ رَوَى عَلْقَمَةُ بْنُ وَائِلٍ عَنْ أَبِيهِ وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ رَجُلًا فَدَفَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى وَلِيِّ الْمَقْتُولِ ثُمَّ قَالَ أَتَعْفُو قَالَ لَا قَالَ أَفَتَأْخُذُ الدِّيَةَ قَالَ لَا قَالَ أَمَا إنَّك إنْ قَتَلْتَهُ كُنْتَ مِثْلَهُ فَمَضَى الرَّجُلُ فَلَحِقَهُ النَّاسُ فَقَالُوا إنَّ رَسُولَ اللَّهِ

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 192
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست