responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 176
فقال صلّى الله عليه وسلم أَلَا إنَّ كُلَّ دَمٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ مَوْضُوعٌ تَحْتَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ
يَعْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمَ بِالْكَافِرِ الَّذِي قَتَلَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ ذَلِكَ تَفْسِيرًا
لِقَوْلِهِ كُلُّ دَمٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ مَوْضُوعٌ تَحْتَ قَدَمَيَّ
لِأَنَّهُ مَذْكُورٌ فِي خِطَابٍ وَاحِدٍ فِي حَدِيثٍ وَقَدْ ذَكَرَ أَهْلُ الْمَغَازِي أَنَّ عَهْدَ الذِّمَّةِ كَانَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ وَأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ قبل ذَلِكَ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ عُهُودٌ إلَى مُدَدٍ لَا عَلَى أَنَّهُمْ دَاخِلُونَ فِي ذِمَّةِ الْإِسْلَامِ وَحُكْمِهِ وَكَانَ قَوْلُهُ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ مُنْصَرِفًا إلَى الْكُفَّارِ الْمُعَاهَدِينَ إذْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ ذِمِّيٌّ يَنْصَرِفُ الْكَلَامُ إلَيْهِ وَيَدُلُّ عليه قوله ولا ذو عهد في عهده كَمَا قَالَ تَعَالَى [فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ] وقال [فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ] وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ حِينَئِذٍ ضَرْبَيْنِ أَحَدُهُمَا أَهْلُ الْحَرْبِ وَمَنْ لَا عَهْدَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْآخَرُ أَهْلُ عَهْدٍ إلَى مُدَّةٍ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَهْلُ ذِمَّةٍ فَانْصَرَفَ الْكَلَامُ إلَى الضَّرْبَيْنِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَلَمْ يَدْخُلْ فِيهِ مَنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ وَفِي فَحْوَى هَذَا الْخَبَرِ وَمَضْمُونِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ فِي نَفْيِ الْقِصَاصِ مَقْصُورٌ عَلَى الْحَرْبِيِّ الْمُعَاهَدِ دُونَ الذِّمِّيِّ وَذَلِكَ أَنَّهُ عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ بِنَفْسِهِ فِي إيجَابِ الْفَائِدَةِ لَوْ انْفَرَدَ عَمَّا قَبْلَهُ فَهُوَ إذًا مُفْتَقِرٌ إلَى ضَمِيرِ وَضَمِيرُهُ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَافِرَ الَّذِي لَا يُقْتَلُ بِهِ ذُو الْعَهْدِ الْمُسْتَأْمَنِ هُوَ الْحَرْبِيُّ فَثَبَتَ أَنَّ مُرَادَهُ مَقْصُورٌ عَلَى الْحَرْبِيِّ وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُجْعَلَ الضَّمِيرُ وَلَا يُقْتَلُ ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لما كان القتل المبدو بذكره قَتْلًا عَلَى وَجْهِ الْقِصَاصِ وَكَانَ ذَلِكَ الْقَتْلُ بِعَيْنِهِ سَبِيلُهُ أَنْ يَكُونَ مُضْمَرًا فِي الثَّانِي لَمْ يَجُزْ لَنَا إثْبَاتُ الضَّمِيرِ قَتْلًا مُطْلَقًا إذ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي الْخِطَابِ ذِكْرُ قَتْلٍ مُطْلَقٍ غَيْرِ مُقَيَّدٍ بِصِفَةٍ وَهُوَ الْقَتْلُ عَلَى وَجْهِ الْقَوَدِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَنْفِيَّ بِقَوْلِهِ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ فَصَارَ تَقْدِيرُهُ وَلَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَلَا يُقْتَلُ ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ بِالْكَافِرِ الْمَذْكُورِ بَدِيًّا وَلَوْ أَضْمَرْنَا قَتْلًا مُطْلَقًا كُنَّا مُثْبِتِينَ لِضَمِيرٍ لَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْرٌ فِي الْخِطَابِ وَهَذَا لَا يَجُوزُ وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ وَكَانَ الْكَافِرُ الَّذِي لَا يُقْتَلُ بِهِ ذُو الْعَهْدِ هُوَ الْكَافِرُ الْحَرْبِيُّ كَانَ قَوْلُهُ لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ حَرْبِيٍّ فَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفْيُ قَتْلِ الْمُؤْمِنِ بِالذِّمِّيِّ وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ ذِكْرَ الْعَهْدِ يَحْظُرُ قَتْلَهُ مَا دَامَ فِي عَهْدِهِ فَلَوْ حَمَلْنَا قَوْلَهُ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ عَلَى أَنَّهُ لا يقتل ذو عهد في عهده لا خلينا اللَّفْظَ مِنْ الْفَائِدَةِ

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 176
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست