responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 144
بِهَذَا الْخَبَرِ مِنْ وُجُوهٍ أَحَدِهَا أَنَّ الْأَخْبَارَ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا فِي حَيِّزِ التَّوَاتُرِ الْمُوجِبِ لِلْعِلْمِ وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ وَرَدَ مِنْ طَرِيقِ الْآحَادِ وَقَدْ رَوَى عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ قَالَ كتب إلينا عمر ابن الْخَطَّابِ أَنْ لَا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ فَذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إلَيْهِمْ بِذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ مُعَارَضَةُ الْأَخْبَارِ الَّتِي قَدَّمْنَا بِمِثْلِهِ وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَنَّهُمَا لَوْ تَسَاوَيَا فِي النَّقْلِ لَكَانَ خَبَرُ الْإِبَاحَةِ أَوْلَى لِاسْتِعْمَالِ النَّاسِ لَهُ وَتَلَقِّيهمْ إيَّاهُ بِالْقَبُولِ وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ خَبَرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ لَوْ انْفَرَدَ عَنْ مُعَارَضَةِ الْأَخْبَارِ الَّتِي قَدَّمْنَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا يُوجِبُ تَحْرِيمَ الْجِلْدِ بَعْدَ الدِّبَاغِ لِأَنَّهُ قَالَ لَا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ وَهُوَ إنَّمَا يُسَمَّى إهَابًا قَبْلَ الدِّبَاغِ وَالْمَدْبُوغُ لَا يُسَمَّى إهَابًا وَإِنَّمَا يُسَمَّى أَدِيمًا فَلَيْسَ إذًا فِي هَذَا الْخَبَرِ مَا يُوجِبُ تَحْرِيمَهُ بَعْدَ الدِّبَاغِ وَأَمَّا قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ فِي إبَاحَةِ بَيْعِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ الدِّبَاغِ فَقَوْلٌ خَارِجٌ عَنْ اتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ لَمْ يُتَابِعْهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ مُخَالِفٌ
لِقَوْلِهِ صلّى الله عليه وسلم (لَا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ)
لِأَنَّهُ قَبْلَ الدِّبَاغِ يُسَمَّى إهَابًا وَالْبَيْعُ مِنْ وُجُوهِ الِانْتِفَاعِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَحْظُورًا
بِقَوْلِهِ (لَا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ)
قَالَ أَبُو بَكْرٍ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ
قَوْلُهُ صلّى الله عليه وسلم (إنَّمَا حُرِّمَ مِنْ الْمَيْتَةِ أَكْلُهَا)
يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّحْرِيمَ مَقْصُورٌ عَلَى الْأَكْلِ دُونَ الْبَيْعِ قِيلَ لَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ تُجِيزَ بَيْعَ لَحْمِهَا بِقَوْلِهِ إنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا فَإِذَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُ اللَّحْمِ مَعَ قَوْلِهِ إنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا كَذَلِكَ حُكْمُ الْجِلْدِ قَبْلَ الدِّبَاغِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ مَنَعْت بَيْعَ اللَّحْمِ بِقَوْلِهِ إنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا قِيلَ لَهُ وَامْنَعْ بَيْعَ الْجِلْدِ بِقَوْلِهِ [حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ] لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ وَإِنَّمَا خَصَّ مِنْ جُمْلَتِهِ الْمَدْبُوغَ مِنْهُ دُونَ غَيْرِهِ وَأَيْضًا
فَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ (لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا)
وَإِذَا كَانَ الْجِلْدُ مُحَرَّمَ الْأَكْلِ قَبْلَ الدِّبَاغِ كَتَحْرِيمِ اللَّحْمِ وَجَبَ أَنْ لَا يَجُوزَ بَيْعُهُ كَبَيْعِ اللَّحْمِ نَفْسِهِ وَكَبَيْعِ سَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ لِأَعْيَانِهَا كَالْخَمْرِ وَالدَّمِ وَنَحْوِهِمَا وَأَمَّا جِلْدُ الْكَلْبِ فَيَلْحَقُهُ الدِّبَاغُ وَيَطْهُرُ إذا كان ميتة
لقوله صلّى الله عليه وسلم (أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ)
وَقَالَ (دِبَاغُ الْأَدِيمِ ذَكَاتُهُ)
وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْكَلْبِ وَغَيْرِهِ وَلِأَنَّهُ تَلْحَقُهُ الذَّكَاةُ عِنْدَنَا لَوْ ذُبِحَ لَكَانَ طَاهِرًا فَإِنْ قِيلَ إذَا كَانَ نَجِسًا فِي حَالِ الْحَيَاةِ كَيْفَ يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ قِيلَ لَهُ كَمَا يَكُونُ جِلْدُ الْمَيْتَةِ نَجِسًا وَيُطَهِّرُهُ الدِّبَاغُ لِأَنَّ الدِّبَاغَ ذَكَاتُهُ كَالذَّبْحِ وَأَمَّا الْخِنْزِيرُ فَلَا تَلْحَقُهُ الذَّكَاةُ لِأَنَّهُ مُحَرَّمُ الْعَيْنِ بِمَنْزِلَةِ الْخَمْرِ والدم

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 144
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست