responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 101
وَيَعْقُوبَ]
وَاحْتِجَاجُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَوْرِيثِ الْجَدِّ دُونَ الْإِخْوَةِ وَإِنْزَالِهِ مَنْزِلَةَ الْأَبِ فِي الْمِيرَاثِ عِنْدَ فَقْدِهِ يَقْتَضِي جَوَازَ الِاحْتِجَاجِ بِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى [وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ] فِي اسْتِحْقَاقِهِ الثُّلُثَيْنِ دُونَ الْإِخْوَةِ كَمَا يَسْتَحِقُّ الْأَبُ دُونَهُمْ إذَا كَانَ بَاقِيًا وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ إطْلَاقَ اسْمِ الْأَبِ يَتَنَاوَلُ الْجَدَّ فَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ لَا يَخْتَلِفَ حُكْمُهُ وَحُكْمُ الأب في الميراث إذا لَمْ يَكُنْ أَبٌ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فِي آخَرِينَ مِنْ الصَّحَابَةِ قَالَ عُثْمَانُ قَضَى أَبُو بَكْرٍ أَنَّ الْجَدَّ أَبٌ وَأَطْلَقَ اسْمَ الْأُبُوَّةِ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ بِقَوْلِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فِي الْجَدِّ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْإِخْوَةِ مَا لَمْ تَنْقُصْهُ الْمُقَاسَمَةُ مِنْ الثُّلُثِ فَيُعْطَى الثُّلُثَ وَلَمْ يُنْقِصْ مِنْهُ شَيْئًا
وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى بِقَوْلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْجَدِّ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَحَدِ الْإِخْوَةِ مَا لَمْ تَنْقُصْهُ الْمُقَاسَمَةُ مِنْ السُّدُسِ فَيُعْطَى السُّدُسَ وَلَمْ يُنْقِصْ مِنْهُ شَيْئًا
وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ الصَّحَابَةِ فِيهِ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ وَالْحِجَاجُ لِلْفَرْقِ الْمُخْتَلِفِينَ فِيهِ إلَّا أَنَّ الْحِجَاجَ بِالْآيَةِ فِيهِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا ظَاهِرُ تَسْمِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى إيَّاهُ أَبًا وَالثَّانِي احْتِجَاجُ ابْنِ عَبَّاسٍ بِذَلِكَ وَإِطْلَاقُهُ أَنَّ الْجَدَّ أَبٌ وَكَذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ اللِّسَانِ لَا يَخْفَى عَلَيْهِمَا حُكْمُ الْأَسْمَاءِ مِنْ طَرِيقِ اللُّغَةِ وَإِنْ كَانَا أَطْلَقَاهُ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ فَحُجَّتُهُ ثَابِتَةٌ إذْ كَانَتْ أَسْمَاءُ الشَّرْعِ طَرِيقُهَا التَّوْقِيفُ وَمَنْ يَدْفَعُ الِاحْتِجَاجَ بِهَذَا الظَّاهِرِ يَقُولُ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ سَمَّى الْعَمَّ أَبًا فِي الْآيَةِ لِذِكْرِهِ إسْمَاعِيلَ فِيهَا وَهُوَ عَمُّهُ وَلَا يَقُومُ مَقَامَ الْأَبِ
وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُدُّوا عَلَيَّ أَبِي يَعْنِي الْعَبَّاسَ وَهُوَ عَمُّهُ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَيَعْتَرِضُ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْجَدَّ إنَّمَا سُمِّيَ أَبًا عَلَى وَجْهِ الْمَجَازِ لِجَوَازِ انْتِفَاءِ اسْمِ الْأَبِ عَنْهُ لِأَنَّك لَوْ قُلْت لِلْجَدِّ إنَّهُ لَيْسَ بِأَبٍ لَكَانَ ذَلِكَ نَفْيًا صَحِيحًا وَأَسْمَاءُ الْحَقَائِقِ لَا تَنْتَفِي عَنْ مُسَمَّيَاتِهَا بِحَالٍ وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَنَّ الْجَدَّ إنَّمَا سُمِّيَ أَبًا بِتَقْيِيدِ وَالْإِطْلَاقُ لَا يَتَنَاوَلُهُ فَلَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ فِيهِ بِعُمُومِ لَفْظِ الْأَبَوَيْنِ فِي الْآيَةِ وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَنَّ الْأَبَ الأدنى في قوله تعالى [وَوَرِثَهُ أَبَواهُ] مُرَادٌ بِالْآيَةِ فَلَا جَائِزَ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْجَدُّ لِأَنَّهُ مَجَازٌ وَلَا يَتَنَاوَلُ الْإِطْلَاقُ لِلْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ فَأَمَّا دَفْعُ الِاحْتِجَاجِ بِعُمُومِ لَفْظِ الْأَبِ فِي إثْبَاتِ الْجَدِّ أَبًا مِنْ حَيْثُ سُمِّيَ الْعَمُّ أَبًا فِي الْآيَةِ مَعَ اتِّفَاقِ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْأَبِ بِحَالٍ فَإِنَّهُ مِمَّا لَا يُعْتَمَدُ لِأَنَّ إطْلَاقَ اسْمِ الْأَبِ إنْ كَانَ يَتَنَاوَلُ الْجَدَّ وَالْعَمَّ فِي اللُّغَةِ وَالشَّرْعِ فَجَائِزٌ اعْتِبَارُ عُمُومِهِ فِي سَائِرِ مَا أُطْلِقَ فِيهِ فَإِنْ خُصَّ الْعَمُّ بِحُكْمِ

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 101
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست