اسم الکتاب : إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر المؤلف : البَنَّاء الجزء : 1 صفحة : 29
باب الاستعاذة:
هي مستحبة عند الأكثر, وقيل واجبة وبه قال الثوري وعطاء لظاهر الآية, وقال بعضهم موضع الخلاف إنما هو في الصلاة خاصة أما في غيرها فسنة قطعا, وعلى الأول هي سنة عين لا سنة كفاية فلو قرأ جماعة جملة شرع لكل واحد الاستعاذة[1].
والذي اتفق عليه الجمهور: قديما وحديثا أنها قبل القراءة, وقيل بعدها ونقل عن حمزة وقيل قبلها بمقتضى الخبر, وبعدها بمقتضى القرآن جمعا بين الأدلة ونقل الثاني عن مالك وغيره لم يصح وكذا الثالث, والمختار لجميع القراء في كيفيتها أعوذ بالله من الشيطان الرجيم, وهو المأخوذ به عند عامة الفقهاء, وحكي فيه الإجماع لكنه تعقب بما روي من الزيادة والنقص فلا حرج على القارئ في الإتيان بشيء من صيغ الاستعاذة مما صح عند أئمة القراء[2].
فمما ورد: في الزيادة على اللفظ المتقدم أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم نص عليه الداني في الجامع, ورواه أصحاب السنن الأربعة عن أبي سعيد الخدري بإسناد جيد, وروي ذلك عن الحسن مع زيادة: إن الله هو السميع العليم مع الإدغام, وعن الأعمش من رواية المطوعي أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إن الله هو السميع العليم, وعن الشنبوذي كذلك لكن بالإدغام[3].
ومما ورد في النقص عنه: ما في حديث جبير بن مطعم المروي في أبي داود أعوذ بالله من الشيطان فقط[4].
ويستحب: الجهر بها عند الجميع إلا ما صح من إخفائها من رواية المسيبي عن نافع, ولحمزة وجهان: الإخفاء مطلقا والجهر أول الفاتحة فقط, والمراد بالإخفاء الإسرار على ما صوبه في النشر, ومحل الجهر حيث يجهر بالقراءة فإن أسر القراءة أسر الاستعاذة؛ لأنها تابعة, وهذا في غير الصلاة أما فيها فالمختار الإسرار مطلقا, وقيد أبو شامة إطلاقهم اختيار الجهر بحضرة سامع, ويجوز الوقف على التعوذ ووصله بما بعده ببسملة كان أو غيرها من القرآن, وظاهر كلام الداني أن الأول وصلها بالبسملة, وأما من لم يسم فالأشبه الوقف على الاستعاذة ويجوز الوصل, وعليه لو التقى مع الميم مثلها نحو: "الرجيم ما ننسخ" أدغم من مذهبه الإدغام, كما يجب حذف همزة الوصل في نحو: "الرجيم اعلموا أنما"[5].
تتمة: إذا قطع القارئ القراءة لعارض من سؤال أو كلام يتعلق بالقراءة لم يعده بخلاف ما إذا كان الكلام أجنبيا, ولو رد السلام فإنه يستأنف الاستعاذة, وكذا لو كان القطع إعراضا عن القراءة. [1] انظر باب الاستعاذة في التبصرة لملكي العتيبي: "245" [أ] .
وفي النشر: "1/ 243". [2] انظر ما قاله ابن الجزري في هذا الحديث ورواته. النشر: "1/ 245". [أ] . [3] الحديث مروي في سنن أبي داود عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في أول باب من رأى الاستفتاح في الصلاة بسبحانك ورقمه: "775" [أ] . [4] لم أجد في سنن أبي داود سوى الحديث السابق أعلاه, وكذا حديث السيدة عائشة رضي الله عنها ورقمه: "785" وفيه أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "أعوذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم". [أ] . [5] إن في بحث الاستعاذة أخذ ورد في النصوص أسهب الكلام فيها العلامة محمد بن الجزري في نشره فانظر للمزيد: "1/ 243" وما بعدها. [أ] .
اسم الکتاب : إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر المؤلف : البَنَّاء الجزء : 1 صفحة : 29