responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر المؤلف : فهد الرومي    الجزء : 1  صفحة : 372
الإفهام فائدة كدأب الباطنية في التأويلات, فهذا أيضا حرام وضرره عظيم, فإن الألفاظ إذا صرفت عن مقتضى ظواهرها بغير اعتصام فيه بنقل عن صاحب الشرع من غير ضرورة تدعو إليه من دليل العقل, اقتضى ذلك بطلان الثقة بالألفاظ وسقط به منفعة كلام الله تعالى وكلام رسوله -صلى الله عليه وسلم- فإن ما يسبق منه إلى الفهم لا يوثق به والباطن لا ضبط له, بل تتعارض فيه الخواطر ويمكن تنزيله على وجوه شتى, وهذا أيضا من البدع الشائعة العظيمة الضرر وإنما قصد أصحابها الإغراب؛ لأن النفوس مائلة إلى الغريب ومستلذة لها, وبهذا الطريق توصل الباطنية إلى هدم جميع الشريعة بتأويل ظواهرها وتنزيلها على رأيهم ... ومثال تأويل أهل الطامات قول بعضهم في تأويل قوله تعالى: {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} : إنه إشارة إلى قلبه وقال: هو المراد بفرعون وهو الطاغي على كل إنسان. وفي قوله تعالى: {أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ} ، أي: كل ما يتوكأ عليه ويعتمده مما سوى الله عز وجل فينبغي أن يلقيه ... " إلى أن قال: "ومن يستجيز من أهل الطامات مثل هذه التأويلات مع علمه بأنها غير مرادة بالألفاظ, ويزعم أنه يقصد بها دعوة الخلق إلى الخالق يضاهي من يستجيز الاختراع والوضع على رسول الله صلى الله عليه وسلم, لما هو في نفسه حق ولكن لم ينطق به الشرع ... بل الشر في تأويل هذه الألفاظ أطم وأعظم؛ لأنها مبطلة للثقة بالألفاظ, وقاطعة طريق الاستفادة والفهم من القرآن بالكلية"[1].
هذا ما قاله الإمام الغزالي -رحمه الله تعالى- وإنما أطلت في نقل نصوصه لما فيها من الدقة والشمول, بحيث لم يبق لأحد منهم حجة فيما ادعاه.
ولا أحب في ختام حديثي هذا عن موقف العلماء من التفسير الإشاري إلا أن أجعل في ختامه رأي عالم أو عالمين من العلماء المعاصرين في التفسير الإشاري, فأكتفي بنقل رأي الذهبي والزرقاني؛ ففيهما الكفاية والسداد.

[1] إحياء علوم الدين: الغزالي ج1 ص42-44 باختصار.
اسم الکتاب : اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر المؤلف : فهد الرومي    الجزء : 1  صفحة : 372
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست