اسم الکتاب : إبراز المعاني من حرز الأماني المؤلف : المقدسي، أبو شامة الجزء : 1 صفحة : 640
من سورة الروم إلى سورة سبأ:
إنما ذكر هذا الترجمة على هذه الصورة؛ لأنه لم يتمحض بيت لآخر سورة من هذه السور الأربع، فإن آخر ما يتعلق بالروم قوله: وينفع كوفي فتمم البيت بذكر رحمة التي من لقمان، ثم ذكر البحر من لقمان مع أخفى من سورة السجدة، ثم ذكر لما صبروا من سورة السجدة مع يعملون من سورة الأحزاب، في بيت وكل موضع جمع فيه سورا في ترجمة فهذا سببه، وسيأتي إن شاء الله تعالى:
958-
وَعَاقِبَةُ الثَّانِي "سَمَا" وَبِنُونِهِ ... نُذِيقُ "زَ"كَا لِلْعَالَمِينَ اكْسِرُوا "عُـ"ـلا
يريد: {ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا} هذا هو الثاني المختلف في رفعه ونصبه، والأول لا خلاف في رفعه وهو: {كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} ، فوصف عاقبة وهو مؤنث بالثاني على تأويل وهذا اللفظ الثاني وإنما لم ينونه؛ لأنه حكى لفظه في القرآن وهو غير منون؛ لأنه مضاف إلى الذين، واعتذر الشيخ عن كونه لم ينونه بأنه حذف التنوين؛ لالتقاء الساكنين أو أراد "وعاقبة" الموضع الثاني ولا حاجة إلى هذا الاعتذار فالكلمة نفي القرآن لا تنوين فيها، وقد قال بعد هذا يذيق ذكا بالنصب فأي عذر لنصبه، لولا أنه حكى لفظه في القرآن، وهو لنذيقهم بعض الذي عملوا وهو ملبس بقوله تعالى: {وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ} ، ولم يقيد القراءة في عاقبة، وكان ذلك إشارة إلى رفعها لمدلول سما والباقون بنصبها فهي إن رفعت اسم كان وإن نصبت خبرها، والسوأى بعد ذلك هو الخبر أو الاسم وهو كناية عن العذاب وهو تأنيث الأسوأ، وإن كذبوا على تقدير: لأن كذبوا، ويجوز أن يكون السوأى مصدر كالرجعى والبشرى؛ أي: أساءوا الإساءة الشنيعة وهي الكفر أو نعتا لموصوف محذوف؛ أي: أساء والخلال السوأى والخبر أو الاسم قوله: أن كذبوا، ومعنى الذين أساءوا؛ أي: أشركوا، والتقدير: ثم كان عاقبة المسيء التكذيب بآيات الله تعالى؛ أي: لم يظفر في كفره وشركه بشيء إلا بالتكذيب بآيات الله، ويجوز أن يكون السوأى هو الخبر أو الاسم لا على المعنى المتقدم بل على تقدير الفعلة السوأى ثم بينها بقوله: أن كذبوا فيكون أن كذبوا عطف بيان أو بدلا، ويجوز على هذا التقدير: على قراءة الرفع أن لا يكون للسوأى خبرا بل معنى أساءوا السوأى؛ أي: فعلوا الخطيئة السوأى وخبر كان محذوف إرادة الإبهام؛ ليذهب الوهم إلى كل مكروه كل هذه الأوجه منقولة وهي حسنة وقيل: يجوز أن تكون إن في قوله: أن كذبوا مفسرة بمعنى؛ أي: كذبوا، وهذا فيه نظر فإن من شرط أن المفسرة أن يأتي بعدها فعل في معنى القول ثم قال، وبنونه نذيق؛ أي: ونذيق زكا وهي نون العظمة وقراءة الباقين بالياء؛ أي: ليذيقهم الله وكسر حفص اللام من قوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْعَالِمِينَ} جعله جمع عالم واحد العلماء وكما قال تعالى في آية أخرى: {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [1].
وفي موضع آخر: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [2]. [1] سورة العنكبوت، آية: 43. [2] سورة النمل، آية: 52.
اسم الکتاب : إبراز المعاني من حرز الأماني المؤلف : المقدسي، أبو شامة الجزء : 1 صفحة : 640