اسم الکتاب : إبراز المعاني من حرز الأماني المؤلف : المقدسي، أبو شامة الجزء : 1 صفحة : 620
وأما: {وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً} فاضمم ياءه وافتح لامه وثقل قافه لغير صحبة من قوله: {وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا} وهو موافق لقوله: {يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ} ، وقرأه صحبة من لَقِي يلقَى نحو: {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ} ، وقال في ضدهم: {فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} ، وهما ظاهران أيضًا، والله أعلم.
926-
سِوى "صُحْبَةٍ" وَاليَاءُ قَوْمِي وَلَيْتَنِي ... وَكَمْ لَوْ وَلَيْتٍ تُورِثُ الْقَلْبَ أَنْصُلا
سوى صحبة خبر قوله: ويلقون؛ أي: هو قراءة سوى صحبة، فحذف المضاف واعترض بين المبتدأ وخبره بقوله: فاضممه، وحرك مثقلا وحقه أن يتأخر وفيها من ياءات الإضافة ياءان: "إِنَّ قَوْمِيَ اتَّخَذُوا" فتحها نافع وأبو عمرو والبزي، "يَا لَيْتَنِيَ اتَّخَذْتُ" فتحها أبو عمرو وحده، ثم أن لفظ ليتني أذكر الناظم -رحمه الله- قصة الظالم الذي يعض على يديه يوم القيامة ويقول: {يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا، يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ} ، فيندم ويتأسف ويتمنى في وقت لا ينفعه ذلك، فتمم الناظم البيت بما بينه العقلاء على الاستعداد خوفا من وقوع مثل ذلك، وأنصلا جمع نصل؛ أي: تورث القلب ألما كألم وقوع النصول في القلب، فيقول المتندم المتأسف: لو أني فعلت كذا ولو أني ما فعلت، وهذه كلمة قد نهى الشرع عنها، ففي صحيح مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن أصابك شيء فلا تقل: لولا أني فعلت، ولكن قل: قدَّر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان"، وأضاف الناظم "كم" إلى حرفي: "لو" "وليت"، والمراد المرات المقولة بهذين اللفظين حكى لو بلفظها وأعرب ليت فخفضها ونونها؛ لأنه أجراهما ههنا مجرى الأسماء في الإخبار عنها، وقد استعمل الفصحاء ذلك فتارة حكوا وتارة أعربوا، قال أبو زيد الطائي:
ليت شعري وأين مني ليتٌ ... إن ليتًا وإن لوًّا عناءُ
وقال أبو تمام:
قولي نعم ونعم إن قلت واجبة ... قالت عسى وعسى جسرٌ إلى نعم
وأدخل بعضهم الألف واللام فقال:
والمرء مرتهن بسوف وليتني ... وهلاكه في السوف ثم الليت
وأفرد تورث وهو خبر عن اثنين اختصارا واستغناء بالخبر عن أحدهما نحو: {وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} ، وأنث لفظ تورث باعتبار الكلمة ويجوز تذكيره باعتبار اللفظ والحرف.
اسم الکتاب : إبراز المعاني من حرز الأماني المؤلف : المقدسي، أبو شامة الجزء : 1 صفحة : 620