اسم الکتاب : إبراز المعاني من حرز الأماني المؤلف : المقدسي، أبو شامة الجزء : 1 صفحة : 404
فما كان قيس هلكه هلك واحد
جعل هلكه بدلا من قيس المعنى: فما كان هلك قيس هلك واحد، قال أبو علي في الإصلاح: لا يصح البدل إلا بنصب خير من حيث كان المفعول الثاني لحسبت فكما انتصب هلك واحد في البيت لما أبدل الأول من قيس بأنه خبر كان كذلك ينتصب خير إذا أبدل الإملاء من {الَّذِينَ كَفَرُوا} بأنه مفعول ثانٍ لتحسبن، قال: وسألت أحمد بن موسى -يعني ابن مجاهد- عنها، فزعم أن أحدا لم يقرأ بها يعني: بنصب خير، وقال في الحجة: {الَّذِينَ كَفَرُوا} في موضع نصب بأنه المفعول الأول والمفعول الثاني في هذا الباب هو المفعول الأول في المعنى فلا يجوز إذا فتح أن في قوله: {أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ} [1]؛ لأن إملاءهم لا يكون إياهم، قال: فإن قلت: فلم لا يجوز الفتح في أن وتجعله بدلا من {الَّذِينَ كَفَرُوا} كقوله: {وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ} [2]، وكما كان أن من قوله سبحانه: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ} [2].
قيل: لا يجوز ذلك وإلا لزمك أن تنصب خيرا على تقدير: لا تحسبن إملاء الذين كفروا خيرا لأنفسهم من حيث كان المفعول الثاني لتحسبن، وقيل: إنه لم ينصبه أحد فإذا لم ينصب علم أن البدل فيه لا يصح، وإذ لم يصح البدل لم يجز إلا كسر إن على أن يكون إن وخبرها في موضع المفعول الثاني من تحسبن، وقال الزمخشري: الذين كفروا في من قرأ بالتاء نصب "وإنما نملي لهم خيرا لأنفسهم" بدل منه؛ أي: ولا تحسبن أنما نملى للكافرين خير لهم، وأن مع خبه ينوب عن المفعولين وما مصدرية، فإن قلت: كيف صح مجيء البدل ولم يذكر إلا أحد المفعولين، ولا يجوز الاقتصار بفعل الحسبان على مفعول واحد، قلت: صح ذلك من حيث أن التعويل على البدل والمبدل منه في حكم المنحى، ألا تراك تقول جعلت متاعك بعضه فوق بعض مع امتناع بكونك على متاعك، قال: ويجوز أن يقدر مضاف محذوف على: {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} أصحاب أن الإملاء خير؛ لأنفسهم أو ولا تحسبن حال الذين كفروا إن الإملاء خير لأنفسهم، وقال النحاس: زعم الكسائي والفراء أنها جائزة على التكرير؛ أي: ولا تحسبن الذين كفروا ولا تحسبن أنما نملي لهم يعني: مثل: {لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ} ، {فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ} [3] كما سيأتي، قال النحاس: وقراءة يحيى بن وثاب بكسر إن حسنة كما تقول: حسبت عمرا أخوه خارج، وقال مكي: إنما وما بعدها بدل من الذين فسدّ مسدّ المفعولين كما في قراءة من قرأ بالياء، وقال المهدوي: قال قوم: قدم الذين كفروا توكيدا، ثم جاء لهم من قوله: {أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ} ؛ ردا عليهم، والتقدير: ولا تحسبن أن إملاءنا للذين كفروا خير لهم، وقال أبو الحسن الحوفي: إن وما عملت فيه في موضع نصب على [1] سورة آل عمران، آية: 178. [2] سورة الكهف، آية: 64. [3] سورة الأنفال، آية: 7.
اسم الکتاب : إبراز المعاني من حرز الأماني المؤلف : المقدسي، أبو شامة الجزء : 1 صفحة : 404