اسم الکتاب : إبراز المعاني من حرز الأماني المؤلف : المقدسي، أبو شامة الجزء : 1 صفحة : 21
17-
فَما ظَنُّكُمْ بالنَّجْلِ عِنْدَ جَزَائِهِ ... أُولئِكَ أَهْلُ اللهِ والصَّفَوَةُ المَلاَ
هذا استفهام تفخيم للأمر وتعظيم لشأنه كقوله تعالى: {فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [1].
وقوله: فما ظنكم مبتدأ وخبر وفيه معنى الأمر؛ أي ظنوا ما شئتم من الجزاء لهذا الولد الذي يكرم والداه من أجله، والخطاب للسامعين مطلقا، فيكون التفاتا من خطاب القارئ إليهم، ويجوز أن يكون خطابا إليهم مع القراء؛ لأن قوله: "فيا أيها القارئ" للجنس؛ أي فما ظنكم بأنفسكم، "والنجل" النسل كالولد يقع على المفرد والجمع فحمل على اللفظ قوله: عند جزائه، ثم حمل على المعنى قوله: أولئك ومفعولا الظن محذوفان؛ أي ما تظنونه واقعا بالنجل، وقوله: "عند جزائه" ظرف للمحذوف ولا يجوز أن يكون ظرفا للظن وقوله: أولئك أهل الله إشارة إلى حديث آخر أخرجه أبو عبيد والبزار وابن ماجه عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن لله أهلين من الناس قيل من هم يا رسول الله قال أهل القرآن هم أهل الله وخاصته".
والإشارة بالأهلية إلى قرب المنزلة من رحمته وكرامته والأهل اسم جمع كالرهط والركب وقد جمع في الحديث جمع السلامة ومثله في القرآن العزيز: {شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا} إلى: {أَهْلِيهِمْ أَبَدًا} [2].
فيجوز أن يكون في بيت الشاطبي -رحمه الله- تعالى أيضا مجموعا وسقطت النون للإضافة والواو لالتقاء الساكنين واللفظ بالمفرد والجمع في مثل هذا واحد وإنما يفترقان في الخط، فتزاد واو في الجمع والمصنف لم يكتب ما نظمه؛ لأنه كان ضريرا وإنما أملاه ولا يظهر في اللفظ جمع فكتبه السامع مفردا ويطرد ذلك في قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في آخرها هذا الحديث: أهل الله وخاصته يجوز أن يكون جمعا وهو الأظهر اعتبارا بما في أول الحديث، ويجوز أن يكون استعمله جمعا ومفردا في حديث واحد كما قال سبحانه: {أَهْلَ الْبَيْتِ} [3]، {وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا} [4]، {إِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ} [5].
وقال -صلى الله عليه وسلم- في حديث آخر: "هؤلاء أهل بيتي".
والصفوة: الخالص من كل شيء بكسر الصاد وفتحها وروي ضمها. وأشار بالصفوة إلى الخاصة المذكورة في الحديث. وأدخل واو العطف في قوله: "والصفوة" ليأتي على صورة لفظ الحديث في قوله -صلى الله عليه وسلم: [1] سورة الصافات، آية: 87. [2] سورة الفتح، آية 11 و12. [3] سورة الأحزاب، آية: 33. [4] سورة الفتح، آية: 26. [5] سورة المطففين، آية: 31.
اسم الکتاب : إبراز المعاني من حرز الأماني المؤلف : المقدسي، أبو شامة الجزء : 1 صفحة : 21