اسم الکتاب : إبراز المعاني من حرز الأماني المؤلف : المقدسي، أبو شامة الجزء : 1 صفحة : 148
{يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [1].
ولا فرق بين أن تكون هذه الحروف أو الكلمة أول في وسطها نحو: {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ} [2]، {وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ} [3]، {فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ} [4].
فإذا علمت همزة فاء الفعل بالحد والعلامة فإذا وقعت ساكنة أبدلها ورش حرف مد من جنس حركة ما قبلها، فـ "في يأتين" إبدالها ألفا، وفي "الذي أؤتمن" ياء، وفي "نؤمن لك" واوا، وقوله: يريها أي يريك إياها، وحرف مد مفعول ثالث إن كأن يرى بمعنى يعلم أي ورش ومن يقوم مقامه من المعلمين قراءته يعلمونك أيها الطالب بأنها في قراءته حرف مد ويجوز أن يكون يرى من رؤية البصر فيكون حرف مد حالا أي يبصرك إياها على هذه الصفة كقولك أرأيت زيدا فقيرا وأرأيته إياه غنيا أي بصرته به فأبصره في هاتين الحالتين وإنما خص ورش همزة فاء الفعل بالإبدال دون همزة عينه ولامه، وهي الواقعة في الوزن في موضع العين أو اللام؛ لأن همزة فاء الفعل كأنها مبتدأة وورش من أصله نقل حركة الهمزة المبتدأة كما يأتي فأجرى هذه مجرى تيك في التعبير؛ أو لأنه لما وجب إبدالها في نحو: {آمَنَ} [5]، {وَآتَى الْمَالَ} 6.
مما وقعت فيه بعد همزة طرد الباب، فأبدلها مطلقا كما فعلت العرب في مضارع أفعل حذفوا الهمزة؛ لأجل حذفها مع همزة المتكلم مع سائر حروف المضارعة، وأبدل ورش ثلاثة مواضع من همزات عين الفعل وهي: بئر، وبئس، والذئب وسيأتي.
ومبدلا حال من ضمير ورش وهو فاعل يريها وبدل وأبدل لغتان قرئ بهما في مواضع وهما كنزل وأنزل وفي التشديد معنى التكثير ثم ذكر ما استثناه ورش من همز فاء الفعل فلم يبدله فقال:
215-
سِوَى جُمْلَةِ الإِيوَاءِ وَالْوَاوُ عَنْهُ إِنْ ... تَفَتَّحَ إِثْرَ الضَّمِّ نَحْوُ مُؤَجَّلا
أي سوى كل كلمة مشتقة من لفظ الإيواء نحو: تؤوي، وتؤويه، ومأواهم، ومأواكم، والمأوى، وفأووا إلى. وعلته أن الهمز في تؤوي أخف من إبداله فطرد جميع الباب لأجله، وجمع بين اللغتين ثم استأنف كلاما آخر بقوله: والواو عنه أي مبدلة نائبة عن همز فاء الفعل إن تفتح الهمز بعد ضم، وذلك قياس تخفيف كل همز مفتوح بعد ضم أن يبدل واوا ولم يخفف غير هذا من همز فاء الفعل نحو: "يتأخر، ومآرب، وتؤزهم"؛ لأنه كان يلزمه فيه التسهيل، وإنما مذهبه الإبدال في همز فاء الفعل فلم يخرج عنه، وقيل الهاء في عنه تعود على ورش والواو مروية عن ورش إن يفتح الهمز، والأول أولى؛ لأن فيه عود الضمير في عنه وتفتح إلى شيء واحد، وقد روي عن ورش تسهيل باقي الباب في فاء الفعل على ما يقتضيه القياس، والمشهور الأول.
وإثر: ظرف، يقال إثْر وأَثَر ومؤجلا في موضع جر وإنما نصبه حكاية للفظه في القرآن العزيز وهو قوله تعالى: [1] سورة الحج، آية: 37. [2] سورة النمل، آية: 54. [3] سورة الأحزاب، آية: 13. [4] سورة النمل، آية: 37. [5] و6 سورة البقرة، آية: 177.
اسم الکتاب : إبراز المعاني من حرز الأماني المؤلف : المقدسي، أبو شامة الجزء : 1 صفحة : 148