اسم الکتاب : إبراز المعاني من حرز الأماني المؤلف : المقدسي، أبو شامة الجزء : 1 صفحة : 114
ومنهم من أجرى فيه الخلاف المذكور في كلمتين على ما سيأتي، وبعضهم اختار تفضيل الألف على أختيها في المد وتفضيل الياء على الواو والله أعلم وأحكم.
169-
فَإِنْ يَنْفَصِلْ فَالْقَصْرُ "يَـ"ـادّرْهُ "طَ"ـالِباً ... بِخُلْفِهِما "يُـ"ـرْوِيكَ "دَ"رًّا وَمُخْضَلا
أي فإن ينفصل المذكور بعضه من بعض والمذكور هو أن يلقى حرف المد همزا، وهو في اصطلاح القراء على ضربين: متصل ومنفصل، فالمتصل أن يلتقيا في كلمة واحدة وقد سبق ذكره، والمنفصل أن يلتقيا وحروف المد آخر كلمة والهمز أول كلمة أخرى، ويسمى مد حرف لحرف، وهذا هو المذكور في هذا البيت، فالقراء فيه على قسمين منهم من جرى على المد كما في المتصل، ومنهم من لم يطول المد بل اقتصر على ما في حرف المد من المد الذي فيه إذا لم يصادف همزة، فهذا هو الذي عبر عنه بالقصر، وسواء في ذلك حرف المد المرسوم في المصحف والذي لم يرسم له صورة نحو "هاأنتم، ويا آدم" لم يرسم في كل كلمة غير ألف واحدة هو صورة الهمزة، وألف هاويا محذوفة، ونحو صلة هاء الكناية وميم الجمع نحو: {بِهِ أَنْ يُوصَلَ} [1]، {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ} [2]، يجري الأمر فيه كغيره من المد والقصر على ما تقتضيه مذاهب القراء، فالذين قصروا هم ابن كثير والسوسي وكذا قالون والدوري عن أبي عمرو بخلاف عنهما، والباقون على المد[3]، ولم يذكر صاحب التيسير القصر عن الدوري فهو من زادات القصيدة، وقد ذكره غيره على ما نقلناه في الشرح الكبير.
ومنهم من نقل الخلاف عن أبي عمرو نفسه، ووجه القصر الانفصال؛ لأن لكل كلمة حكم الاستقلال فلم يقو الالتقاء قوته إذا كان في كلمة واحدة، ومنهم[4] من حكى عن ابن كثير المد في كلمة الشهادة.
وقد ذكر جماعة من المصنفين تفصيلا بين أصحاب المد فجعل بعضهم أطول مدا من بعض، ولم يتعرض الشيخ الشاطبي -رحمه الله- في نظمه لذلك.
وحكى عنه الشيخ أبو الحسن -رحمه الله- في شرحه أنه كان يرى في المنفصل مدتين طولى لورش وحمزة ووسطى لمن بقي.
ويجوز في قوله: فالقصر الرفع والنصب أجود، ويرويك جملة مستأنفة أو حال من الهاء في بادره أي بادره طالبا
مرويا فيكون طالبا حالا من الفاعل، ومرويا حالا من المفعول نحو: لقيته مصعدا منحدرًا.
ويجوز أن يكون يرويك جوابا للأمر في بادره ولم يجزمه ضرورة ودرّا مصدر في موضع الحال: أي دارا ومخضلا عطف عليه، وهما حالان من فاعل يرويك العائد على القصر يقال: درت الناقة ودر الضرع باللبن يدر ويدر درورا ودرا، والدر: اللبن نفسه أيضا، ودرت السماء: كثر مطرها، وأخضلت الشيء فهو مخضل إذا بللته وشيء خضل أي رطب، والخضل: النبات الناعم، وكل هذا ثناء على القصر: أي بادره يثلج له [1] سورة البقرة، آية: 27. [2] سورة البقرة أيضا، آية: 87. [3] وفي الشرح الكبير: هذا اختيار صاحب القصيدة، والذي أخذناه عن شيخنا أبي الحسن والمتصل وجهان؛ مد طويل لورش وحمزة. ومد متوسط للباقين، وفي المنفصل كذلك اهـ. [4] كالحافظ أبي العلا الهمداني والهذلي والطبري، وليس من طريق الناظم اهـ ضباع.
اسم الکتاب : إبراز المعاني من حرز الأماني المؤلف : المقدسي، أبو شامة الجزء : 1 صفحة : 114