اسم الکتاب : إبراز المعاني من حرز الأماني المؤلف : المقدسي، أبو شامة الجزء : 1 صفحة : 100
من باب الإدغام. وقد ذكر في باب الإمالة أن عروض الوقف لا يمنع الإمالة فالإدغام معه كذلك، وكان يغنيه عن البيتين هنا، وثم أن يقول:
ولا يمنع الإدغام والوقف ساكنا ... إمالة ما للكسر في الوصل ميلا
فيستغنى عن بيتين مفرقين في بابين بهذا البيت الواحد في باب الإمالة.
ثم ذكر القاعدة الثانية فقال:
155-
وَأَشْمِمْ وَرُمْ فِي غَيْرِ بَاءٍ وَمِيمِهَا ... مَعَ الْبَاءِ أَوْ مِيمٍ وَكُنْ مُتَأَمِّلا
يعني بالإشمام والروم ما يأتي تحقيقه في باب الوقف على أواخر الكلم أي لك أن تشم وتروم في جميع الحروف المدغمة في المثلين والمتقاربين سوى أربع صور:
- وهي أن يلتقي الباء مع مثلها نحو: {نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا} [1].
- أو مع الميم نحو {يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} [2].
- أو يلتقي الميم مع مثلها نحو: {يَعْلَمُ مَا} [3].
- أو مع الباء نحو {أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا} [4].
فهذا معنى قوله: مع الباء أو ميم أي كل واحد من الباء والميم مع الباء أو ميم والهاء في ميمها تعود إلى الباء؛ لأنها مصاحبتها، ومن مخرجها أو تعود على الحروف السابقة.
والإشمام يقع في الحروف المضمومة، والروم يدخل في المضمومة والمكسورة ولا يقعان في المفتوحة، ويمتنع الإدغام الصحيح مع الروم ون الإشمام، فالروم هنا عبارة عن الإخفاء والنطق ببعض الحركة فيكون مذهبا آخر غير الإدغام وغير الإظهار، وهذان المذهبان المحكيان عن أبي عمرو من الإشمام والروم في الحروف المدغمة سيأتيان لجميع القراء في مسألة: {لا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ} [5].
ووجه دخولهما في الحروف المدغمة وهما من أحكام الوقف أن الحرف المدغم يسكن للإدغام فشابه إسكانه إسكانه للوقف فجرت أحكام الوقف فيه، واستثناء هذه الصور الأربع، إنما يتجه بعض الاتجاه على مذهب الإشمام للعلة التي ذكرها صاحب التيسير، وهو قوله: لأن الإشارة تتعذر في ذلك من أجل انطباق الشفتين أي تتعسر؛ لأن الإشارة بالشفة والباء والميم من حروف الشفة، والإشارة غير النطق بالحرف فيتعذر فعلهما معا في الإدغام؛ لأنه وصل، ولا يتعذران في الوقف؛ لأن الإشمام فيه هو ضم الشفتين بعد سكون الحرف فلا يقعان معا، ومنهم من استثنى الفاء أيضا، ومنهم من لم يستثن شيئا من ذلك، أما الروم فلا يتعذر؛ لأنه نطق ببعض حركة الحرف فهي تابعة لمخرجه فكما ينطق بالباء والميم بكل حركتهما كذلك ينطق بهما بعض حركتهما، وأظن الناظم -رحمه الله- أشار إلى هذه الأشياء ونحوها بقوله: وكن متأملا أي تأمل ما قد أطلقه المصنفون في التعبير عن ذلك بفهمك [1] سورة يوسف، آية: 140. [2] سورة العنكبوت، آية: 21. [3] سورة الأنعام، آية: 60. [4] سورة المائدة، آية: 61. [5] سورة يوسف، آية: 11.
اسم الکتاب : إبراز المعاني من حرز الأماني المؤلف : المقدسي، أبو شامة الجزء : 1 صفحة : 100