اسم الکتاب : ملاك التأويل القاطع بذوي الإلحاد والتعطيل المؤلف : ابن الزبير الغرناطي الجزء : 1 صفحة : 171
وأهلها صالحون " فقال فى الأولى "وأهلها غافلون " وقال فى الثانية "وأهلها مصلحون " فللسائل أن يسأل عن الفرق بين الموضعين؟
والجواب والله أعلم أنه لما تقدم هنا قوله تعالى: "يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتى وينذرونكم لقاء يومكم "، فقدم سبحانه ذكر بعثة الرسل للجن والإنس وإنذارهم وتذكيرهم بالآيات وتعريف الخلق بالجزاء الأخراوى على مقتضى قوله تعالى: "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا " فلا عذر لأحد وقد أشار إلى ذلك قوله تعالى: "أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير " فلم يتركوا سدى ولا عذر لمغض ولا متغافل بعد تنبيهه "ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون " فهذا مناسب وتقدم آية هود قوله تعالى: "فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية ينهون عن الفساد فى الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم " ولو كانوا ينهون عن الفساد فى الأرض لكانوا مصلحين فلم يكونوا ليؤخذوا بالعقاب "وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون " فقد ناسب كلا من الآيتين ما أعقبت به ولم يكن ليناسب آية الأنعام "وأهلها مصلحون " ولا آية هود "وأهلها غافلون "، والله أعلم بما أراد وسيذكر إن شاء الله فرق ما بين قوله "مهلك " فبر باسم الفاعل وقوله "ليهلك " بلام الجحود الداخلة على الفعل المستقبل فى سورة هود إن شاء الله.
الآية الخامسة والعشرون
قوله تعالى: " قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إنى عامل فسوف تعلمون "، وكذا فى سورة الزمر وفى قصة شعيب عليه السلام من سورة هود "ويا قوم اعملوا على مكانتكم إنى عامل سوف تعلمون " فأفردت آية هود هذه بمجئ حرف التسويف عريا عن اقتران فاء التعقيب به بخلاف الأخريين مع اتفاق الآيات الثلاث فى التهديد وحرف التسويف للسائل أن يسأل عن ذلك؟
والجواب عن ذلك والله أعلم: أن هذه الآيات الثلاث وعيد لمن كفر وكذب وآية الأنعام وآية الزمر منها أريد بهما كفار العرب من هذه الأمة وقد افتتحنا بأمره سبحانه نبيه عليه السلام بوعيدهم فى قوله سبحانه وتعالى: "قل يا قوم اعملوا على مكانتكم " فقوى فى هاتين الآيتين تقدير معنى الشرط المنجر تقديره فى الأوامر نحو قوله تعالى: "قل لعبادى الذين آمنوا يقيموا الصلاة " لافتتاحها بأمره تعالى نبيه عليه السلام ثم أمره
اسم الکتاب : ملاك التأويل القاطع بذوي الإلحاد والتعطيل المؤلف : ابن الزبير الغرناطي الجزء : 1 صفحة : 171