اسم الکتاب : معاني القرآن وإعرابه المؤلف : الزجاج الجزء : 1 صفحة : 341
المعنى، وقال قوم إن الذي آتاه - الله الملك إبراهيمَ عليه السلام
وقالوا: اللَّه عزَّ وجلَّ لا يُمَلِكُ الكفَارَ.
وإنما قالوا هذا لذكره عزَّ وجلَّ: (آتاه الملك)
واللَّه قال: (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ).
فتأويل إِيتاءِ الله الكافرَ الملكَ ضرب من امتحانه الذي يَمْتَحنُ
الله به خلقه، وهو أعلم بوجه الحكمة فيه.
والدليل على أن الكافر هو الذي كان مُلِّكَ إنَّه قال: (أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ)
وأنه دعا برجلين فقتل أحدهما وأطلق الآخر، فلولا أنه كان ملكاً وإبراهيمُ عليه السلام غيرَ ملك لم يتهيأ له أن يقتل وإبراهيم الملك، وهو النبي عليه السلام.
وأمَّا معنى احتجاجه على إبراهيم بأنه يحيى ويميت، وترك إبراهيم
مناقضته في الإحياءِ والإماتة، فمن أبلغ ما يقطع به الخصوم ترك الإطالة
والاحتجاج بالحجة المُسْكِتةِ لأن إبراهيم لما قال له: (فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ) كان جوابه على حسب ما أجاب في
المسألة الأولى أن يقول: فأنا أفعلُ ذلك فَتَبَيَّن عجزه وكان في هذا إِسكَات
الكَافِرِ فقال اللَّهُ عزً وجل: (فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ)
وتأويله انقطع وسَكتَ متحَيِّراً، يقال: بهِتَ الرجل
يُبْهَتُ بهْتاً إِذا انقطع وتحير، ويقال بهذا المعنى " بَهِتَ الرجل يَيْهَتُ "، ويقال
بَهَتُ الرجل أبْهَته بهْتاناً إِذا قابلتُه بكذبٍ.
اسم الکتاب : معاني القرآن وإعرابه المؤلف : الزجاج الجزء : 1 صفحة : 341