اسم الکتاب : معاني القرآن وإعرابه المؤلف : الزجاج الجزء : 1 صفحة : 338
قال: ما السَّمَاوَات والأرض في الكرسي إِلا حَلْقَةٌ في فلاة، وهذا القول بين
لأن الذي نعرفه من الكرسي في اللغة الشيءُ الذي يعتمد عليه ويجلس عليه.
فهذا يدل أن الكرسي عظيم، عليه السَّمَاوَات والأرضُونَ، والكرسيُّ في اللغة والكراسة إِنما هو الشيءُ الذي ثبت ولزم بعضه بعضاً، والكرسي ما تَلَبَّد بعضُه على بعض في آذان الغنم ومعاطن الِإبل.
وقال قوم: (كُرْسِيُّهُ) قدْرتُه التي بها يمسك السَّمَاوَات والأرض.
قالوا: وهذا قولك اجعل لهذا الحائط كرسياً، أي
اجعل له ما يعْمِدُه وُيمسكه، وهذا قريب من قول ابن عباس رحمه اللَّه.
لأن علمه الذي وسع السموات والأرض لا يخرج من هذا.
واللَّه أعْلم بحقيقة الكرسي، إِلا أن جملته أنه أمر عظيم من أمره - جلَّ وعزَّ.
ومعنى: (وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا).
أي لا يُثقله، فجائز أن تكون الهاءُ للَّهِ عزَّ وجلَّ، وجائز أنْ تكون
للكرسي، وإِذا كانت للكرسي فهو من أمر اللَّه.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256)
(إِكْرَاهَ) نصب بغيرتنوين، ويجوز الرفع " لَا إكْرَاهٌ " ولا يُقرا به إِلَا أن تَثْبت
رواية صحيحةٌ وقالوا في (لَا إكْرَاهَ فِي الدِّينِ) ثلاثة أقوال: قال بعضهم إن هذه نسخها أمر الحرب في قوله جلَّ وعزَّ: (واقْتلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ)
وقيل إِن هذه الآية نزلت بسبب أهل الكتاب في أنَّ لا يكرهوا بعد أن يؤدوا الجزية، فأما مشركو العرب فلا يقبل منهُم جزية وليس في أمرهم إِلا القَتْلُ أو الإسلام.
وقيل معنى (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) أي لا تقولوا فيه لمن دخل بعد حرْبِ أنهُ دخَل
مكرهاً، لأنه إِذا رضي بعد الحرب وصح إِسلامه فليس بمكره.
اسم الکتاب : معاني القرآن وإعرابه المؤلف : الزجاج الجزء : 1 صفحة : 338