اسم الکتاب : مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد المؤلف : نووي الجاوي، محمد بن عمر الجزء : 1 صفحة : 45
جبريل عليه السلام حتى قطعها من أصلها وأدارها حول البيت سبعا، ثم وضعها موضعها الآن فمنها أكثر ثمرات مكة مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ بدل من أهله بدل البعض خصهم سيدنا إبراهيم بالدعاء مراعاة لحسن الأدب وفي ذلك ترغيب لقومه في الإيمان. قالَ تعالى: وَمَنْ كَفَرَ أي أرزقه فَأُمَتِّعُهُ بالرزق قَلِيلًا أي مدة عمره. وقرأ ابن عباس بسكون الميم. ثُمَّ أَضْطَرُّهُ أي ألجئه في الآخرة إِلى عَذابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (126) هي النار وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ أي وإذ يرفع إبراهيم وإسماعيل الجدران التي هي من البيت أي التي هي بعضه المستتر من الأرض. قيل: بنى إبراهيم البيت من خمسة أجبل: طور سيناء، وطور زيتا، ولبنان والجودي، وأسسه من حراء. وجاء جبريل عليه السلام بالحجر الأسود من السماء وكان ياقوتة بيضاء من يواقيت الجنة فلما لمسته الحيض في الجاهلية اسود. يقولان: رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا بناءنا بيتك إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ لدعائنا الْعَلِيمُ (127) بنياتنا في جميع أعمالنا رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ أي مخلصين لَكَ بالتوحيد والعبادة لا نعبد إلا إياك وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ أي واجعل بعض أولادنا جماعة مخلصة لك وَأَرِنا مَناسِكَنا أي علمنا سنن حجنا وَتُبْ عَلَيْنا أي تجاوز عن تقصيرنا والعبد وإن اجتهد في طاعة ربه فإنه لا ينفك عن التقصير من بعض الوجوه إما على سبيل السهو أو على سبيل ترك الأولى فكان هذا الدعاء لأجل ذلك إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ أي المتجاوز لمن تاب الرَّحِيمُ (128) به رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ أي في ذريتنا رَسُولًا مِنْهُمْ أي من أنفسهم وهو النبي صلّى الله عليه وسلّم ولذلك قال: «أنا دعوة أبي إبراهيم» [1] . أخرجه أحمد من حديث العرباض بن سارية وغيره. يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ أي يذكرهم بالآيات ويدعوهم إليها ويحملهم على الإيمان بها وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ أي يأمرهم بتلاوة الكتاب ويعلمهم معاني الكتاب وحقائقه وَالْحِكْمَةَ قال الشافعي رضي الله عنه: الحكمة سنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو قول قتادة.
وَيُزَكِّيهِمْ أي يطهرهم من شركهم إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ أي القادر الذي لا يغلب الْحَكِيمُ (129) أي العالم الذي لا يجهل شيئا. هاهنا سؤال: ما الحكمة في ذكر إبراهيم مع محمد في باب الصلاة حيث يقال: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؟
فجوابه: أن إبراهيم دعا لمحمد بهذه الدعوة فأجرى الله ذكر إبراهيم على ألسنة أمة محمد إلى يوم القيامة أداء عن حق واجب على محمد لإبراهيم.
والجواب الثاني: أن إبراهيم سأل ربه بقوله: «واجعل لي لسان صدق في الآخرين» أي أبق لي ثناء حسنا في أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم، فأجابه الله تعالى فقرن بين ذكرهما إبقاء للثناء الحسن على إبراهيم في أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم. [1] رواه ابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق (1: 39) ، والقرطبي في التفسير (2: 131) .
اسم الکتاب : مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد المؤلف : نووي الجاوي، محمد بن عمر الجزء : 1 صفحة : 45