responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل المؤلف : عبد الله الزيد    الجزء : 1  صفحة : 86
أَوْ برٍ، فَيَقُولُ: حلفتُ بِاللَّهِ أَنْ لَا أَفْعَلَهُ فَيَعْتَلُّ بِيَمِينِهِ فِي تَرْكِ الْبِرِّ، {أَنْ تَبَرُّوا} [البقرة: 224] مَعْنَاهُ: أنْ لَا تَبِرُّوا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} [النِّسَاءِ: 176] أَيْ: لِئَلَّا تَضِلُّوا، {وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 224]
[225] قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 225] اللغو كل ساقطٍ مُطَّرَح مِنَ الْكَلَامِ لَا يُعتد بِهِ، وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي لغو الْيَمِينِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ، فَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ مَا يَسْبِقُ إِلَى اللِّسَانِ عَلَى عَجَلَةٍ لِصِلَةِ الْكَلَامِ مِنْ غَيْرِ عقدٍ وَقَصْدٍ، كَقَوْلِ الْقَائِلِ لَا وَاللَّهِ وَبَلَى وَاللَّهِ وكلّا والله، ويُروى عَنْ عَائِشَةَ أَيْمَانُ اللَّغْوِ: مَا كَانَتْ فِي الْهَزْلِ والمراءِ والخُصومة، وَالْحَدِيثِ الَّذِي لَا يَعْقِدُ عَلَيْهِ الْقَلْبُ، وَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ أَنْ يَحْلِفَ عَنْ شَيْءٍ يَرَى أَنَّهُ صَادِقٌ فِيهِ، ثُمَّ يَتَبَيَّنُ له خلاف ذلك، وقال عليّ: الغضب، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هُوَ الْيَمِينُ فِي الْمَعْصِيَةِ لَا يُؤَاخِذُهُ الله بالحنث فيها، وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: هُوَ دعاء الرجل على نفسه، كقول الإنسان: أعمى الله بصري أن أفعل كَذَا، فَهَذَا كُلُّهُ لَغْوٌ لَا يُؤَاخِذُهُ اللَّهُ بِهِ، وَلَوْ آخَذَهُمْ به لعجّل لهم العقوبة {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} [البقرة: 225] أَيْ عَزَمْتُمْ وَقَصَدْتُمْ إِلَى الْيَمِينِ، وَكَسَبَ الْقَلْبُ: الْعَقْدَ وَالنِّيَّةَ، {وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [البقرة: 225] وَاعْلَمْ أَنَّ الْيَمِينَ لَا تَنْعَقِدُ إِلَّا بِاللَّهِ أَوْ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ أَوْ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ فَالْيَمِينُ بِاللَّهِ أَنْ يَقُولَ: وَالَّذِي أَعْبُدُهُ وَالَّذِي أُصَلِّي لَهُ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَالْيَمِينُ بِأَسْمَائِهِ كَقَوْلِهِ: وَاللَّهِ وَالرَّحْمَنِ وَنَحْوَهُ، وَالْيَمِينُ بِصِفَاتِهِ كَقَوْلِهِ: وَعِزَّةِ اللَّهِ وَعَظَمَةِ اللَّهِ وَجَلَالِ اللَّهِ وَقُدْرَةِ الله ونحوهما، فَإِذَا حَلَفَ بِشَيْءٍ مِنْهَا عَلَى أَمْرٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، فحنثَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَإِذَا حَلَفَ عَلَى أَمْرٍ ماضٍ أَنَّهُ كَانَ وَلَمْ يَكُنْ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَقَدْ كَانَ، إنْ كَانَ عَالِمًا بِهِ حَالَةَ مَا حَلَفَ فَهُوَ الْيَمِينُ الْغَمُوسُ وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا فَهُوَ يمين اللغو عندهم.

[قَوْلُهُ تَعَالَى لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ] أَشْهُرٍ. . . .
[226] قَوْلُهُ تَعَالَى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: 226] أَيْ: يَحْلِفُونَ، وَالْأَلْيَةُ: الْيَمِينُ، وَالْمُرَادُ مِنَ الْآيَةِ الْيَمِينُ عَلَى تَرْكِ وطء المرأة قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: كَانَ ذَلِكَ مِنْ ضِرَارِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، وكان الرَّجُلُ لَا يُحِبُّ امْرَأَتَهُ وَلَا يريد أن يتزوج بها غَيْرُهُ، فَيَحْلِفُ أَنْ لَا يَقْرَبَهَا أَبَدًا فَيَتْرُكُهَا لَا أَيِّمًا وَلَا ذَاتَ بَعْلٍ، وَكَانُوا عَلَيْهِ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ، فَضَرَبَ اللَّهُ لَهُ أجلًا في الإسلام قَوْلُهُ تَعَالَى: {تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: 226] ؛ أَيِ: انْتِظَارُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَالتَّرَبُّصُ: التثبت والتوقف، {فَإِنْ فَاءُوا} [البقرة: 226] رَجَعُوا عَنِ الْيَمِينِ بِالْوَطْءِ، {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 226] وإذا وطئ في الفرج عَنِ الْإِيلَاءِ، وَتَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَالَ الْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَقَتَادَةُ: لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَعَدَ بِالْمَغْفِرَةِ، فَقَالَ: {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 226] وذلك عند الأكثرين في سقوط العقوبة لا في الكفارة.
[227] {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ} [البقرة: 227] أَيْ: حَقَّقُوهُ بِالْإِيقَاعِ، {فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 227] لقولهم، عَلِيمٌ: بِنِيَّاتِهِمْ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا لَا تُطَلَّقُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ مَا لَمْ يُطَلِّقْهَا زَوْجُهَا، لِأَنَّهُ شرطَ فِيهِ الْعَزْمَ، وَقَالَ: {فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 227] فدل على أنه يقضي مَسْمُوعًا، وَالْقَوْلُ هُوَ الَّذِي يُسْمَعُ.
[228] قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ} [البقرة: 228] أَيِ: الْمُخَلَّيَاتُ مِنْ حِبَالِ أَزْوَاجِهِنَّ، {يَتَرَبَّصْنَ} [البقرة: 228] ينتظرن {بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] فَلَا يَتَزَوَّجْنَ، وَالْقُرُوءُ: جَمْعُ قَرء مثل قرع، وَجَمْعُهُ الْقَلِيلُ: أَقْرُؤٌ، وَالْجَمْعُ الْكَثِيرُ: أَقْرَاءٌ، وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي القَرء فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهَا الْحَيْضُ، وَهُوَ قَوْلُ عُمْرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ

اسم الکتاب : مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل المؤلف : عبد الله الزيد    الجزء : 1  صفحة : 86
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست