responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل المؤلف : عبد الله الزيد    الجزء : 1  صفحة : 76
الْعَلَامَةُ لِأَنَّهُ مِنْ مَعَالِمَ الْحَجِّ، وَأَصْلُ الْحَرَامِ مِنَ الْمَنْعِ، فَهُوَ مَمْنُوعٌ أَنْ يُفْعَلَ فِيهِ مَا لَمْ يُؤذن فِيهِ، وسُمي الْمُزْدَلِفَةُ جَمْعًا لِأَنَّهُ يُجمع فِيهِ بَيْنَ صلاة المغرب والعشاء، وَالْإِفَاضَةُ مِنْ عَرَفَاتٍ تَكُونُ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَمِنْ جَمْعٍ قَبْلَ طلوعها من يوم النحر {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 198] أَيْ: وَاذْكُرُوهُ بِالتَّوْحِيدِ وَالتَّعْظِيمِ، كَمَا ذَكَرَكُمْ بِالْهِدَايَةِ، فَهَدَاكُمْ لِدِينِهِ وَمَنَاسِكِ حَجِّهِ، {وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ} [البقرة: 198] أَيْ وَقَدْ كُنْتُمْ، وَقِيلَ: وَمَا كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ إِلَّا مِنَ الضَّالِّينَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} [الشُّعَرَاءِ: 186] أَيْ: وَمَا نَظُنُّكَ إِلَّا مِنَ الْكَاذِبِينَ، وَالْهَاءُ فِي قَوْلِهِ: (مِن قَبلِه) رَاجِعَةٌ إِلَى الهُدى، وَقِيلَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كناية عن غير مذكور.
[199] قَوْلُهُ تَعَالَى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [البقرة: 199] قَالَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ كَانَتْ قُرَيْشٌ وَحُلَفَاؤُهَا وَمَنْ دَانَ بِدِينِهَا وَهُمُ الحُمس، يقعون بِالْمُزْدَلِفَةِ وَيَقُولُونَ: نَحْنُ أَهْلُ اللَّهِ وقُطّان حَرَمِهِ، فَلَا نُخَلِّفُ الْحَرَمَ وَلَا نَخْرُجُ مِنْهُ وَيَتَعَظَّمُونَ أَنْ يَقِفُوا مَعَ سَائِرِ الْعَرَبِ بِعَرَفَاتٍ، وَسَائِرُ النَّاسِ كَانُوا يَقِفُونَ بِعَرَفَاتٍ، فَإِذَا أَفَاضَ النَّاسُ مَنْ عَرَفَاتٍ أَفَاضَ الحُمس مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ، فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ أَنْ يَقِفُوا بِعَرَفَاتٍ وَيُفِيضُوا مِنْهَا إِلَى جَمْعٍ مَعَ سَائِرِ النَّاسِ، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ سُنَّةُ إِبْرَاهِيمَ وإسماعيل عليهما السلام {وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 199]
[200] قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ} [البقرة: 200] أَيْ: فَرَغْتُمْ مِنْ حَجِّكُمْ وَذَبَحْتُمْ نَسَائِكَكُم، أَيْ: ذَبَائِحَكُمْ، يُقَالُ: نَسَكَ الرَّجُلُ يَنْسُكُ نَسْكًا إِذَا ذَبَحَ نَسِيكَتَهُ، وَذَلِكَ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَالِاسْتِقْرَارِ بِمِنًى، {فَاذْكُرُوا اللَّهَ} [البقرة: 200] بِالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، {كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ} [البقرة: 200] وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ إِذَا فَرَغَتْ مِنَ الْحَجِّ وَقَفَتْ عِنْدَ الْبَيْتِ فَذَكَرَتْ مَفَاخِرَ آبَائِهَا، فَأَمَرَهُمُ الله بِذِكْرِهِ، وَقَالَ: (فَاذْكُرُونِي) فَأَنَا الَّذِي فَعَلْتُ ذَلِكَ بِكُمْ وَبِآبَائِكُمْ وَأَحْسَنْتُ إِلَيْكُمْ وَإِلَيْهِمْ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٌ: مَعْنَاهُ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِ الصِّبْيَانِ الصِّغَارِ الْآبَاءَ، وَذَلِكَ أَنَّ الصَّبِيَّ أَوَّلُ مَا يَتَكَلَّمُ يَلْهَجُ بذكر أبيه لا يذكر غَيْرِهِ، فَيَقُولُ اللَّهُ: فَاذْكُرُوا اللَّهَ لَا غَيْرَ، كَذِكْرِ الصَّبِيِّ أَبَاهُ، {أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا} [البقرة: 200] وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ} [البقرة: 200] فَقِيلَ: قَدْ يَأْتِي عَلَى الرَّجُلِ اليوم لا يَذْكُرُ فِيهِ أَبَاهُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَيْسَ كَذَلِكَ وَلَكِنْ أَنْ تَغْضَبَ لِلَّهِ إِذَا عُصِيَ أَشَدَّ مِنْ غَضَبِكَ لِوَالِدَيْكَ إِذَا شُتِمَا، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا} [البقرة: 200] يعني: بل أشد، أي: وأكبر ذِكْرًا، {فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا} [البقرة: 200] أَرَادَ بِهِ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا لَا يَسْأَلُونَ اللَّهَ تَعَالَى فِي الْحَجِّ إلا الدُّنْيَا {وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} [البقرة: 200] من حَظٍّ وَنَصِيبٍ.
[201]

اسم الکتاب : مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل المؤلف : عبد الله الزيد    الجزء : 1  صفحة : 76
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست