responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل المؤلف : عبد الله الزيد    الجزء : 1  صفحة : 34
عَلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَأَمَرَ مُوسَى قَوْمَهُ أَنْ يَقْبَلُوهَا وَيَعْمَلُوا بِأَحْكَامِهَا، فَأَبَوْا أَنْ يَقْبَلُوهَا لِلْآصَارِ والأنفال الَّتِي هِيَ فِيهَا، وَكَانَتْ شَرِيعَةً ثَقِيلَةً، فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَلَعَ جَبَلًا عَلَى قدر عسكرهم فرفعه فوق رؤوسهم مثل قَامَةِ الرَّجُلِ كَالظُّلَّةِ، وَقَالَ لَهُمْ: إِنْ لَمْ تَقْبَلُوا التَّوْرَاةَ أَرْسَلْتُ هذا الجبل عليكم {خُذُوا} [البقرة: 63] أَيْ: قُلْنَا لَهُمْ خُذُوا {مَا آتَيْنَاكُمْ} [البقرة: 63] أعطيناكم {بِقُوَّةٍ} [البقرة: 63] بجدّ واجتهاد ومواظبة، {وَاذْكُرُوا} [البقرة: 63] وادرسوا {مَا فِيهِ} [البقرة: 63] وقيل: احفظوا واعملوا {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 63] لِكَيْ تَنْجَوْا مِنَ الْهَلَاكِ فِي الدُّنْيَا وَالْعَذَابِ فِي العُقبى، فَإِنَّ قَبِلْتُمْ وَإِلَّا رَضَخْتُكُمْ بِهَذَا الْجَبَلِ فَلَمَّا رَأَوْا أنْ لَا مَهْرَبَ لَهُمْ عَنْهَا قَبِلُوا وَسَجَدُوا، وَجَعَلُوا يُلَاحِظُونَ الْجَبَلَ وَهُمْ سُجُودٌ فَصَارَ سنة في اليهود لا يَسْجُدُونَ إِلَّا عَلَى أَنْصَافِ وُجُوهِهِمْ وَيَقُولُونَ بِهَذَا السُّجُودِ رُفِعَ الْعَذَابُ عنا.
[64] {ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ} [البقرة: 64] أعرضتم {مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} [البقرة: 64] من بعدما قَبِلْتُمُ التَّوْرَاةَ، {فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} [البقرة: 64] يَعْنِي بِالْإِمْهَالِ وَالْإِدْرَاجِ وَتَأْخِيرِ الْعَذَابِ عنكم، {لَكُنْتُمْ} [البقرة: 64] لصرتم {مِنَ الْخَاسِرِينَ} [البقرة: 64] مِنَ الْمَغْبُونِينَ بِالْعُقُوبَةِ وَذَهَابِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَقِيلَ: مِنَ الْمُعَذَّبِينَ فِي الحال كأنه رحمهم بالإمهال.
[65] ، قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ} [البقرة: 65] أَيْ: جَاوَزُوا الْحَدَّ، وَأَصْلُ السَّبْتِ الْقَطْعُ، قِيلَ: سُمي يَوْمُ السَّبْتِ بِذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَطَعَ فِيهِ الْخَلْقَ، وَقِيلَ: لِأَنَّ الْيَهُودَ أُمروا فِيهِ بِقَطْعِ الْأَعْمَالِ وَالْقِصَّةُ فِيهِ أَنَّهُمْ كَانُوا زَمَنَ دَاوُدَ عليه السلام حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ صَيْدَ السَّمَكِ يَوْمَ السَّبْتِ، فَكَانَ إِذَا دَخَلَ السَّبْتُ لَمْ يَبْقَ حُوتٌ فِي البحر إلا اجتمع، فإذا مضى السبت تفرقن ولزمن قعر الْبَحْرِ فَلَا يُرى شَيْءٌ مِنْهَا، ثُمَّ إِنَّ الشَّيْطَانَ وَسْوَسَ إِلَيْهِمْ وَقَالَ: إِنَّمَا نُهيتم عَنْ أَخْذِهَا يَوْمَ السَّبْتِ، فَعَمَدَ رِجَالٌ فَحَفَرُوا الْحِيَاضَ حَوْلَ الْبَحْرِ، وَشَرَّعُوا مِنْهُ إِلَيْهَا الْأَنْهَارَ، فإِذا كَانَتْ عَشِيَّةُ الْجُمْعَةِ فَتَحُوا تِلْكَ الْأَنْهَارَ فَأَقْبَلَ الْمَوْجُ بِالْحِيتَانِ إِلَى الْحِيَاضِ فَلَا يَقْدِرْنَ عَلَى الْخُرُوجِ لِبُعْدِ عُمْقِهَا وَقِلَّةِ مَائِهَا، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْأَحَدِ أَخَذُوهَا، وَقِيلَ: كَانُوا يَسُوقُونَ الْحِيتَانَ إِلَى الْحِيَاضِ يَوْمَ السَّبْتِ وَلَا يَأْخُذُونَهَا، ثُمَّ يَأْخُذُونَهَا يَوْمَ الْأَحَدِ، وَقِيلَ كَانُوا يَنْصِبُونَ الْحَبَائِلَ وَالشُّخُوصَ يَوْمَ الْجُمْعَةِ، ويُخرجونها يَوْمَ الْأَحَدِ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ زَمَانًا وَلَمْ تنزل عليهم عقوبة، فتجرؤوا على الذنب وقالوا: وَقَدْ أحِلّ لَنَا، فَأَخَذُوا وَأَكَلُوا وَمَلَّحُوا وَبَاعُوا وَاشْتَرَوْا وَكَثُرَ مَالُهُمْ، فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ صَارَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ - وَكَانُوا نَحْوًا مِنْ سَبْعِينَ أَلْفًا - ثَلَاثَةَ أَصْنَافٍ: صِنْفٌ أَمْسَكَ وَنَهَى، وَصِنْفٌ أَمْسَكَ وَلَمْ يَنْهَ، وَصِنْفٌ انْتَهَكَ الْحُرْمَةَ، وَكَانَ النَّاهُونَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، فَلَمَّا أَبَى الْمُجْرِمُونَ قَبُولَ نُصْحِهِمْ قَالُوا: وَاللَّهِ لَا نُساكِنكم فِي قَرْيَةٍ وَاحِدَةٍ، فَقَسَّمُوا الْقَرْيَةَ بِجِدَارٍ وَعَبَرُوا بِذَلِكَ سَنَتَيْنِ، فَلَعَنَهُمْ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ لِإِصْرَارِهِمْ عَلَى الْمَعْصِيَةِ، فَخَرَجَ النَّاهُونَ ذَاتَ يَوْمٍ مِنْ بَابِهِمْ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنَ الْمُجْرِمِينَ أَحَدٌ وَلَمْ يَفْتَحُوا بَابَهُمْ، فلما أبطؤوا تَسَوَّرُوا عَلَيْهِمُ الْحَائِطَ فَإِذَا هُمْ جميع قِرَدَةً لَهَا أَذْنَابٌ يَتَعَاوَوْنَ، قَالَ قَتَادَةُ: صَارَ الشُّبَّانُ قِرَدَةً وَالشُّيُوخُ خَنَازِيرَ، فَمَكَثُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ هلكوا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً} [البقرة: 65] أمر تحويل وتكوين، {خَاسِئِينَ} [البقرة: 65] مُبعدين مطرودين والخسأ: الطرد والإبعاد.

[قوله تعالى فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا] خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ
[66] {فَجَعَلْنَاهَا} [البقرة: 66] أَيْ: جَعْلِنَا عُقُوبَتَهُمْ بِالْمَسْخِ {نَكَالًا} [البقرة: 66] أَيْ: عُقُوبَةً وَعِبْرَةً، وَالنَّكَالُ: اسْمٌ لِكُلِّ عُقُوبَةٍ يُنَكَّلُ النَّاظِرُ مِنْ فِعْلِ مَا جُعلت الْعُقُوبَةُ جَزَاءً عَلَيْهِ، وَمِنْهُ النُّكُولُ عَنِ الْيَمِينِ، وَهُوَ الِامْتِنَاعُ، وَأَصْلُهُ مِنَ النِّكْلِ وهو القيد {لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا} [البقرة: 66] قَالَ قَتَادَةُ: أَرَادَ بِمَا بَيْنَ يديها يعني: ما سبق مِنَ الذُّنُوبِ، أَيْ: جَعَلْنَا تِلْكَ الْعُقُوبَةَ جَزَاءً لِما تَقَدَّمَ مِنْ ذُنُوبِهِمْ قَبْلَ نَهْيِهِمْ عَنْ أَخْذِ الصيد، {وَمَا خَلْفَهَا} [البقرة: 66]

اسم الکتاب : مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل المؤلف : عبد الله الزيد    الجزء : 1  صفحة : 34
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست