responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل المؤلف : عبد الله الزيد    الجزء : 1  صفحة : 31
وَلَيْلَةً يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ كَيْفَ يُحْيَوْنَ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
[56] ، {ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ} [البقرة: 56] أَحْيَيْنَاكُمْ, وَالْبَعْثُ: إِثَارَةُ الشَّيْءِ عَنْ مَحَلِّهِ، يُقَالُ: بَعَثْتُ الْبَعِيرَ وَبَعَثْتُ النَّائِمَ فَانْبَعَثَ، {مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ} [البقرة: 56] قَالَ قَتَادَةُ: أَحْيَاهُمْ لِيَسْتَوْفُوا بَقِيَّةَ آجَالِهِمْ وَأَرْزَاقِهِمْ، وَلَوْ مَاتُوا بِآجَالِهِمْ لَمْ يُبعثوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 56]

[قوله تعالى وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ] الْمَنَّ وَالسَّلْوَى
[57] ، {وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ} [البقرة: 57] في التيه تقيكم حرَّ الشَّمْسِ والغمامُ مِنَ الْغَمِّ، وَأَصْلُهُ: التَّغْطِيَةُ وَالسَّتْرُ، سُمي السَّحَابُ غَمَامًا لِأَنَّهُ يُغطي وَجْهَ الشَّمْسِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِي التِّيهِ كُنٌّ يَسْتُرُهُمْ فَشَكَوْا إِلَى مُوسَى فَأَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى غَمَامًا أَبْيَضَ رَقِيقًا أَطْيَبَ مِنْ غَمَامِ الْمَطَرِ، وَجَعَلَ لَهُمْ عَمُودًا مِنْ نُورٍ يُضيء لَهُمُ اللَّيْلَ إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ قَمَرٌ، {وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى} [البقرة: 57] أي: في التيه، والأكثرون: عن أَنَّ الْمَنَّ هُوَ التَّرَنْجَبِينُ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ شَيْءٌ كَالصَّمْغِ كَانَ يَقَعُ عَلَى الْأَشْجَارِ طَعْمُهُ كَالشَّهْدِ، وَقَالَ وَهْبٌ: هُوَ الْخُبْزُ الرُّقَاقُ، قال الزجاج: جملة المنّ من يَمُنُّ اللَّهُ بِهِ مِنْ غَيْرِ تعب {كُلُوا} [البقرة: 57] أَيْ: وَقُلْنَا لَهُمْ كُلُوا: {مِنْ طَيِّبَاتِ} [البقرة: 57] حلالات، {مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 57] وَلَا تَدَّخِرُوا لغدٍ، فَفَعَلُوا فَقَطَعَ اللَّهُ ذَلِكَ عَنْهُمْ، ودوَّد وَفَسَدَ مَا ادَّخَرُوا، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [البقرة: 57] أَيْ: وَمَا بَخَسُوا بِحَقِّنَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ بِاسْتِيجَابِهِمْ عَذَابِي، وَقَطْعِ مَادَّةِ الرِّزْقِ الَّذِي كَانَ يُنَزَّلُ عَلَيْهِمْ بِلَا مُؤْنَةٍ فِي الدُّنْيَا وَلَا حِسَابٍ فِي الْعُقْبَى.
[58] ، قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ} [البقرة: 58] سُمِّيَتِ الْقَرْيَةُ قَرْيَةً لِأَنَّهَا تَجْمَعُ أَهْلَهَا، وَمِنْهُ الْمِقْرَاةُ لِلْحَوْضِ لِأَنَّهَا تَجْمَعُ الْمَاءَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: هِيَ أَرِيحَاءُ وَقِيلَ: بَلْقَاءُ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: بَيْتُ الْمَقْدِسِ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: هِيَ الرَّمْلَةُ وَالْأُرْدُنُّ وَفِلَسْطِينُ وَتَدْمُرُ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: إِيلِيَا، وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: الشَّامُ، {فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا} [البقرة: 58] موسعًا عليكم {وَادْخُلُوا الْبَابَ} [البقرة: 58] يَعْنِي: بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْقَرْيَةِ، وَكَانَ لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ {سُجَّدًا} [البقرة: 58] أَيْ: رُكّعًا خُضَّعًا مُنْحَنِينَ، وَقَالَ وَهْبٌ: فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَاسْجُدُوا شُكْرًا لله تعالى، {وَقُولُوا حِطَّةٌ} [البقرة: 58] قَالَ قَتَادَةُ: حُطَّ عَنَّا خَطَايَانَا، أمروا بالاستغفار، وقال ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا إِلَهَ إِلَّا الله، لأنها تحط الذنوب {نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ} [البقرة: 58] مِنَ الْغَفْرِ وَهُوَ السَّتْرُ، فَالْمَغْفِرَةُ: تستر الذنوب {وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 58] ثوابًا من فضلنا.
[59] {فَبَدَّلَ} [البقرة: 59] فغير {الَّذِينَ ظَلَمُوا} [البقرة: 59] أَنْفُسَهُمْ، وَقَالُوا: {قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ} [البقرة: 59] وَذَلِكَ أَنَّهُمْ بَدَّلُوا قَوْلَ الْحِطَّةِ بالحنطة استخفافًا بأمر الله تعالى {فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ} [البقرة: 59] قِيلَ: أَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ طَاعُونًا فَهَلَكَ مِنْهُمْ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ سَبْعُونَ أَلْفًا، {بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} [البقرة: 59] يَعْصُونَ وَيَخْرُجُونَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ تعالى.

[قوله تَعَالَى وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب] بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا
[60] {وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى} [البقرة: 60] طلب السقيا {لِقَوْمِهِ} [البقرة: 60] وَذَلِكَ أَنَّهُمْ عَطِشُوا فِي التِّيهِ فَسَأَلُوا مُوسَى أَنْ يَسْتَسْقِيَ لَهُمْ فَفَعَلَ، فَأَوْحَى إِلَيْهِ كَمَا قَالَ: {فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ} [البقرة: 60] وكانت مِنْ آسِ الْجَنَّةِ حَمَلَهَا آدَمُ مِنَ الْجَنَّةِ فَتَوَارَثَهَا الْأَنْبِيَاءُ حَتَّى وَصَلَتْ إِلَى شُعَيْبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فأعطاها موسى عليه السلام، قوله تعالى: {الْحَجَرَ} [البقرة: 60] اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ وَهْبٌ: لَمْ يَكُنْ حَجَرًا مُعَيَّنًا بَلْ كَانَ مُوسَى يَضْرِبُ أَيَّ حَجَرٍ كَانَ مِنْ عُرْضِ الْحِجَارَةِ فَيَنْفَجِرُ عُيُونًا، لِكُلِّ سِبْطٍ عَيْنٌ، وَكَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ سِبْطًا ثُمَّ تُسِيلُ كُلُّ عَيْنٍ فِي جَدْوَلٍ إِلَى السِّبْطِ الَّذِي أُمِرَ أَنْ يَسْقِيَهُمْ، وَقَالَ الْآخَرُونَ: كَانَ حَجَرًا مُعَيَّنًا بِدَلِيلٍ أنه عرّفه بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ حَجَرًا خَفِيفًا مُرَبَّعًا عَلَى قَدْرِ رَأْسِ الرَّجُلِ، كَانَ يَضَعُهُ فِي مِخْلَاتِهِ فَإِذَا احْتَاجُوا إِلَى الماء وضعه وضربه بعصاه، قوله تعالى: {فَانْفَجَرَتْ} [البقرة: 60] أَيْ:

اسم الکتاب : مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل المؤلف : عبد الله الزيد    الجزء : 1  صفحة : 31
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست