responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل المؤلف : عبد الله الزيد    الجزء : 1  صفحة : 264
أراد ابتلى الْغَنِيِّ بِالْفَقِيرِ وَالشَّرِيفِ بِالْوَضِيعِ، وَذَلِكَ أَنَّ الشَّرِيفَ إِذَا نَظَرَ إِلَى الْوَضِيعِ قَدْ سَبَقَهُ بِالْإِيمَانِ امْتَنَعَ مِنَ الْإِسْلَامِ بِسَبَبِهِ فَكَانَ فِتْنَةً لَهُ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا} [الأنعام: 53] فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} [الأنعام: 53] فَهُوَ جَوَابٌ لِقَوْلِهِ: {أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا} [الأنعام: 53] فَهُوَ اسْتِفْهَامٌ بِمَعْنَى التَّقْرِيرِ، أَيِ: اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ شَكَرَ الْإِسْلَامَ إِذْ هَدَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.
[54] ، {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: 54] قَالَ عِكْرِمَةُ: نَزَلَتْ فِي الَّذِينَ نَهَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ عَنْ طَرْدِهِمْ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَآهُمْ بَدَأَهُمْ بِالسَّلَامِ [1] . وَقَالَ عَطَاءٌ: نَزَلَتْ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَبِلَالٍ وَسَالِمٍ وَأَبِي عُبَيْدَةَ وَمُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ وَحَمْزَةَ وَجَعْفَرٍ وَعُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَعَمَّارِ بْنِ يا سر وَالْأَرْقَمِ بْنِ أَبِي الْأَرْقَمِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ. {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: 54] أَيْ: قَضَى عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ، {أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ} [الأنعام: 54] قَالَ مُجَاهِدٌ: لَا يَعْلَمُ حَلَالًا مِنْ حَرَامٍ فَمِنْ جَهَالَتِهِ رَكِبَ الذَّنْبَ، وَقِيلَ: جَاهِلٌ بِمَا يُورِثُهُ ذَلِكَ الذَّنْبُ، وَقِيلَ: جَهَالَتُهُ مِنْ حَيْثُ أَنَّهُ آثَرَ الْمَعْصِيَةَ عَلَى الطَّاعَةِ وَالْعَاجِلَ الْقَلِيلَ عَلَى الْآجِلِ الْكَثِيرِ، {ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ} [الأنعام: 54] رجع عن ذنبه، {وَأَصْلَحَ} [الأنعام: 54] عمله، وقيل: أَخْلَصَ تَوْبَتَهُ، {فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام: 54] قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَعَاصِمٌ وَيَعْقُوبُ (أنه من عمل) (فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ، بِفَتْحِ الْأَلِفِ فِيهِمَا بَدَلًا مِنَ الرَّحْمَةِ، أَيْ: كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ مَنْ عَمَلِ مِنْكُمْ، ثُمَّ جَعَلَ الثَّانِيَةَ بَدَلًا عَنِ الْأُولَى، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ} [الْمُؤْمِنُونَ: 35] وَفَتَحَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ الْأُولَى مِنْهُمَا وكسر الثَّانِيَةَ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ وَكَسَرَهُمَا الْآخَرُونَ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ.
[55] ، {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ} [الأنعام: 55] أَيْ: وَهَكَذَا، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ وَكَمَا فَصَّلْنَا لَكَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ دَلَائِلَنَا وَإِعْلَامَنَا عَلَى الْمُشْرِكِينَ كَذَلِكَ نَفْصِلُ الْآيَاتِ، أَيْ: نُمَيِّزُ وَنُبَيِّنُ لَكَ حُجَّتَنَا فِي كُلِّ حَقٍّ يُنْكِرُهُ أَهْلُ الْبَاطِلِ، {وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعام: 55] أَيْ: طَرِيقُ الْمُجْرِمِينَ، وَقَرَأَ أَهْلُ المدينة (ولتستبين) بالتاء (سبيل المجرمين) نُصِبَ عَلَى خِطَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَيْ: وَلِتَعْرِفَ يَا مُحَمَّدُ سَبِيلَ الْمُجْرِمِينَ، يُقَالُ: اسْتَبَنْتُ الشَّيْءَ وَتَبَيَّنْتُهُ إِذَا عَرَفْتُهُ، وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ (وَلِيَسْتَبِينَ) بِالْيَاءِ (سَبِيلُ) بِالرَّفْعِ، وَقَرَأَ الآخرون (ولتستبين) بالتاء {سَبِيلُ} [الأنعام: 55] رفع: أي: ليظهر وليتضح السَّبِيلُ، يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، فَدَلِيلُ التَّذْكِيرِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا} [الْأَعْرَافِ: 146] ودليل التأنيث قوله تعالى:

[1] انظر أسباب النزول ص 252 والطبري 11 / 380.
اسم الکتاب : مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل المؤلف : عبد الله الزيد    الجزء : 1  صفحة : 264
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست