responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل المؤلف : عبد الله الزيد    الجزء : 1  صفحة : 245
{وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [المائدة: 93] وَقِيلَ: مَعْنَى الْأَوَّلِ إِذْ مَا اتَّقَوُا الشِّرْكَ، وَآمَنُوا وَصَدَّقُوا ثُمَّ اتَّقَوْا، أَيْ: دَاوَمُوا عَلَى ذَلِكَ التقوى، وآمنوا وازدادوا إِيمَانًا، ثُمَّ اتَّقَوُا الْمَعَاصِيَ كُلَّهَا وَأَحْسَنُوا، وَقِيلَ: أَيِ: اتَّقَوْا بِالْإِحْسَانِ وَكُلُّ مُحْسِنٍ مُتَّقٍ، وَاللَّهُ يُحِبُّ المحسنين.
[94] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ} [المائدة: 94] الْآيَةَ، نَزَلَتْ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ وَكَانُوا مُحْرِمِينَ ابْتَلَاهُمُ اللَّهُ بِالصَّيْدِ، وَكَانَتِ الْوُحُوشُ تَغْشَى رِحَالَهُمْ مِنْ كَثْرَتِهَا فَهَمُّوا بِأَخْذِهَا فَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ} [المائدة: 94] لِيَخْتَبِرَنَّكُمُ اللَّهُ، وَفَائِدَةُ الْبَلْوَى إِظْهَارُ الْمُطِيعِ مِنَ الْعَاصِي وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ لَهُ إِلَى الْبَلْوَى بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ، وَإِنَّمَا بعَّض فَقَالَ {بِشَيْءٍ} [المائدة: 94] لِأَنَّهُ ابْتَلَاهُمْ بِصَيْدِ الْبَرِّ خَاصَّةً. {تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ} [المائدة: 94] يَعْنِي: الْفَرْخَ وَالْبَيْضَ وَمَا لَا يَقْدِرُ أَنْ يَفِرَّ مِنْ صِغَارِ الصيد، {وَرِمَاحُكُمْ} [المائدة: 94] يَعْنِي: الْكِبَارَ مِنَ الصَّيْدِ، {لِيَعْلَمَ اللَّهُ} [المائدة: 94] لِيَرَى اللَّهُ لِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَهُ، {مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ} [المائدة: 94] أَيْ: يَخَافُ اللَّهَ وَلَمْ يَرَهُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ} [الْأَنْبِيَاءِ: 49] أَيْ: يَخَافُهُ فَلَا يَصْطَادُ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ} [المائدة: 94] أَيْ: صَادَ بَعْدَ تَحْرِيمِهِ، {فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [المائدة: 94]
[95] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 95] أَيْ: مُحْرِمُونَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَهُوَ جَمْعُ حَرَامٍ، يُقَالُ: رَجُلٌ حَرَامٌ وَامْرَأَةٌ حَرَامٌ، وَقَدْ يَكُونُ مِنْ دُخُولِ الْحَرَمِ، يُقَالُ: أَحْرَمَ الرَّجُلُ إِذَا عَقَدَ الْإِحْرَامَ، وَأَحْرَمَ إِذَا دخل الحرم {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} [المائدة: 95] اخْتَلَفُوا فِي هَذَا الْعَمْدِ فَقَالَ قوم: هو العمد لقتل الصَّيْدِ مَعَ نِسْيَانِ الْإِحْرَامِ، أَمَّا إِذَا قَتَلَهُ عَمْدًا وَهُوَ ذَاكِرٌ لِإِحْرَامِهِ فَلَا حُكْمَ عَلَيْهِ، وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ مِنْ أن يكون له كفارة، هذا قول مجاهد والحسن، وقال الآخرون: هُوَ أَنْ يَعْمِدَ الْمُحْرِمُ قَتْلَ الصَّيْدِ ذَاكِرًا لِإِحْرَامِهِ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا لَوْ قَتَلَهُ خَطَأً، فَذَهَبَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْعَمْدَ وَالْخَطَأَ سَوَاءٌ فِي لُزُومِ الكفارة، وقال الزُّهْرِيُّ: عَلَى الْمُتَعَمِّدِ بِالْكِتَابِ وَعَلَى الْمُخْطِئِ بِالسُّنَّةِ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: لَا تَجِبُ كَفَّارَةُ الصَّيْدِ بِقَتْلِ الْخَطَأِ، بَلْ يَخْتَصُّ بِالْعَمْدِ. قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95] مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ الصَّيْدِ مِنَ النَّعَمِ، وَأَرَادَ بِهِ مَا يَقْرُبُ مِنَ الصَّيْدِ الْمَقْتُولِ شَبَهًا مِنْ حَيْثُ الْخِلْقَةِ لَا مِنْ حَيْثُ الْقِيمَةِ، {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 95] أَيْ: يَحْكُمُ بِالْجَزَاءِ رَجُلَانِ عَدْلَانِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَا فَقِيهَيْنِ يَنْظُرَانِ إِلَى أَشْبَهِ الْأَشْيَاءِ مِنَ النَّعَمِ فيحكمان به {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95] أَيْ: يُهْدِي تِلْكَ الْكَفَّارَةَ إِلَى الْكَعْبَةِ، فَيَذْبَحُهَا بِمَكَّةَ وَيَتَصَدَّقُ بِلَحْمِهَا عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ، {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [المائدة: 95] قَالَ الْفَرَّاءُ رَحِمَهُ اللَّهُ: العِدْل بِالْكَسْرِ: الْمِثْلُ مِنْ جِنْسِهِ، والعَدْل بِالْفَتْحِ: الْمِثْلُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، وَأَرَادَ بِهِ أَنَّهُ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَذْبَحَ الْمِثْلَ مِنَ النَّعَمِ فَيَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهِ عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ، وَبَيْنَ أَنْ يُقَوِّمَ الْمِثْلَ دَرَاهِمَ، وَالدَّرَاهِمَ طَعَامًا فَيَتَصَدَّقَ بِالطَّعَامِ عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ، أَوْ يَصُومَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ مِنَ الطَّعَامِ يَوْمًا وَلَهُ أَنْ يَصُومَ حَيْثُ شَاءَ لِأَنَّهُ لَا نَفْعَ فِيهِ لِلْمَسَاكِينِ. وَقَالَ مَالِكٌ إِنْ لَمْ يُخْرِجِ الْمِثْلَ يُقَوِّمُ الصَّيْدَ ثُمَّ يَجْعَلُ الْقِيمَةَ طَعَامًا فَيَتَصَدَّقُ بِهِ، أَوْ يَصُومُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَا يَجِبُ الْمِثْلُ مِنَ النَّعم بَلْ يُقَوِّمُ الصَّيْدَ، فَإِنْ شَاءَ صَرَفَ تِلْكَ الْقِيمَةَ إِلَى شَيْءٍ مِنَ النَّعم، وَإِنْ شَاءَ إِلَى الطَّعَامِ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ، وَإِنْ شَاءَ صَامَ عَنْ كُلِّ نِصْفِ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعٍ مِنْ غَيْرِهِ يَوْمًا، وَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ جَزَاءُ الصَّيْدِ عَلَى التَّرْتِيبِ، وَالْآيَةُ حُجَّةٌ لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى التَّخْيِيرِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: {لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} [المائدة: 95] أَيْ: جَزَاءَ مَعْصِيَتِهِ، {عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ} [المائدة: 95] يَعْنِي: قَبْلَ التَّحْرِيمِ وَنُزُولِ الْآيَةِ، قَالَ السُّدِّيُّ: عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ،

اسم الکتاب : مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل المؤلف : عبد الله الزيد    الجزء : 1  صفحة : 245
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست