responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل المؤلف : عبد الله الزيد    الجزء : 1  صفحة : 217
معناه كلمته ألقاها إلى مريم، وألقاها أَيْضًا رُوحٌ مِنْهُ بِأَمْرِهِ وَهُوَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَمَا قَالَ: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ} [الْقَدْرِ: 4] يَعْنِي: جِبْرِيلَ فِيهَا، وَقَالَ: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا} [مريم: 17] يعني: جبريل. {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ} [النساء: 171] أي: ولا تقولوا هم بثلاثة، وَكَانَتِ النَّصَارَى تَقُولُ أَبٌ وَابْنٌ وروح القدس، {انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ} [النساء: 171] تَقْدِيرُهُ: انْتَهُوا يَكُنِ الِانْتِهَاءُ خَيْرًا لَكُمْ، {إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: 171] وَاعْلَمْ أَنَّ التَّبَنِّيَ لَا يَجُوزُ لِلَّهِ تَعَالَى، لِأَنَّ التَّبَنِّيَ إِنَّمَا يَجُوزُ لِمَنْ يُتَصَوَّرُ لَهُ وَلَدٌ، {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} [النساء: 171]
[172] قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ} [النساء: 172] وَذَلِكَ «أَنَّ وَفْدَ نَجْرَانَ قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ تَعِيبُ صَاحِبَنَا فتقول إنه عبد الله ورسوله، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّهُ لَيْسَ بِعَارٍ لِعِيسَى عليه السلام أن يكون عبد الله "، فنزل: {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ} [النساء: 172] » لَنْ يَأْنَفَ وَلَنْ يَتَعَظَّمَ، وَالِاسْتِنْكَافُ: التَّكَبُّرُ مَعَ الْأَنَفَةِ، {وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} [النساء: 172] وَهُمْ حَمَلَةُ الْعَرْشِ، لَا يَأْنَفُونَ أَنْ يَكُونُوا عَبِيدًا لِلَّهِ، وَيَسْتَدِلُّ بِهَذِهِ الْآيَةِ مَنْ يَقُولُ بِتَفْضِيلِ الْمَلَائِكَةِ عَلَى الْبَشَرِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ارْتَقَى مِنْ عِيسَى إِلَى الْمَلَائِكَةِ وَلَا يُرتقى إِلَّا إِلَى الْأَعْلَى، لَا يُقَالُ: لَا يَسْتَنْكِفُ فُلَانٌ مِنْ هَذَا وَلَا عَبْدُهُ، إِنَّمَا يُقَالُ: فُلَانٌ لَا يَسْتَنْكِفُ مِنْ هَذَا وَلَا مَوْلَاهُ، وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ رَفْعًا لِمَقَامِهِمْ عَلَى مَقَامِ الْبَشَرِ، بَلْ رَدًّا عَلَى الَّذِينَ يَقُولُونَ الْمَلَائِكَةُ آلِهَةٌ، كَمَا رَدَّ عَلَى النَّصَارَى قَوْلَهُمْ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ، وَقَالَ رَدًّا عَلَى النَّصَارَى بِزَعْمِهِمْ، فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ بِتَفْضِيلِ الْمَلَائِكَةِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا} [النساء: 172] قِيلَ: الِاسْتِنْكَافُ هُوَ التَّكَبُّرُ مَعَ الْأَنَفَةِ، وَالِاسْتِكْبَارُ هُوَ الْعُلُوُّ وَالتَّكَبُّرُ مِنْ غَيْرِ أَنَفَةٍ.
[173] {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: 173] من تضعيف مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَر، {وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا} [النساء: 173] عَنْ عِبَادَتِهِ {فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} [النساء: 173]
[174] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ} [النساء: 174] يَعْنِي: مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ، وَقِيلَ: هُوَ الْقُرْآنُ، وَالْبُرْهَانُ: الْحُجَّةُ، {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا} [النساء: 174] بيِّنًا يَعْنِي الْقُرْآنَ.
[175] {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ} [النساء: 175] امْتَنَعُوا بِهِ مِنْ زَيْغِ الشَّيْطَانِ، {فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ} [النساء: 175] يَعْنِي الْجَنَّةَ، {وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا - يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [النساء: 175 - 176]
[176] قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: 176] نَزَلَتْ فِي جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: عَادَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مَرِيضٌ لَا أعقل، وتوضأ وَصَبَّ عَلَيَّ مِنْ وَضُوئِهِ، فعقلتُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَنِ الْمِيرَاثُ إِنَّمَا يَرِثُنِي كَلَالَةً؟ فَنَزَلَتْ {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: 176] وَقَدْ ذَكَرْنَا مَعْنَى الْكَلَالَةِ وَحُكْمَ الْآيَةِ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ، وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ بَيَانُ حُكْمِ مِيرَاثِ الإخوة للأب والأم وللأب، قوله {يَسْتَفْتُونَكَ} [النساء: 176] أَيْ: يَسْتَخْبِرُونَكَ وَيَسْأَلُونَكَ {قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا} [النساء: 176] يَعْنِي إِذَا مَاتَتِ الْأُخْتُ فَجَمِيعُ مِيرَاثِهَا لِلْأَخِ، {إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} [النساء: 176] فَإِنْ كَانَ لَهَا ابْنٌ فَلَا شَيْءَ لِلْأَخِ، وَإِنْ كَانَ وَلَدُهَا أُنْثَى فَلِلْأَخِ مَا فَضُلَ عَنْ فَرْضِ الْبَنَاتِ، {فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ} [النساء: 176] أَرَادَ اثْنَتَيْنِ فَصَاعِدًا وَهُوَ أَنَّ مَنْ مَاتَ وَلَهُ أَخَوَاتٌ فَلَهُنَّ الثُّلْثَانِ، {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} [النساء: 176] قَالَ الْفَرَّاءُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَأَبُو

اسم الکتاب : مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل المؤلف : عبد الله الزيد    الجزء : 1  صفحة : 217
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست