responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل المؤلف : عبد الله الزيد    الجزء : 1  صفحة : 184
، قال الزجاج: اكْتَفُوا بِاللَّهِ وَلِيًّا وَاكْتَفُوا بِاللَّهِ نصيرا.
[46] ، {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا} [النساء: 46] قِيلَ: هِيَ مُتَّصِلَةٌ بُقُولِهِ {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ} [النساء: 44] (مِنَ الَّذِينَ هَادُوا) وَقِيلَ: هِيَ مُسْتَأْنَفَةٌ، مَعْنَاهُ: مِنَ الَّذِينَ هَادُوا مَنْ يُحَرِّفُونَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ} [الصافات: 164] أي: ممن له منزلة معلومة، يريد فريق، {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ} [النساء: 46] يغيرون الكلم {عَنْ مَوَاضِعِهِ} [النساء: 46] يَعْنِي: صِفَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كَانَتِ الْيَهُودُ يَأْتُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَسْأَلُونَهُ عَنِ الْأَمْرِ فَيُخْبِرُهُمْ فَيَرَى أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ بِقَوْلِهِ فَإِذَا انْصَرَفُوا مِنْ عِنْدِهِ حَرَّفُوا كلامه، {وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا} [النساء: 46] قولك، {وَعَصَيْنَا} [النساء: 46] أمرك، {وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ} [النساء: 46] أَيْ: اسْمَعْ مِنَّا وَلَا نَسْمَعُ مِنْكَ، (غَيْرَ مُسْمَعٍ) أَيْ: غَيْرَ مَقْبُولٍ مِنْكَ، وَقِيلَ: كَانُوا يَقُولُونَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اسْمَعْ، ثُمَّ يَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ: لا سمعت، {وَرَاعِنَا} [النساء: 46] أَيْ: وَيَقُولُونَ رَاعِنَا يُرِيدُونَ بِهِ النِّسْبَةَ إِلَى الرُّعُونَةِ، {لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ} [النساء: 46] تحريفا، {وَطَعْنًا} [النساء: 46] قدحا {فِي الدِّينِ} [النساء: 46] لأن قولهم: راعنا مِنَ الْمُرَاعَاةِ، وَهُمْ يُحَرِّفُونَهُ، يُرِيدُونَ بِهِ الرُّعُونَةَ، {وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا} [النساء: 46] أَيِ: انْظُرْ إِلَيْنَا مَكَانَ قَوْلِهِمْ رَاعِنَا، {لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ} [النساء: 46] أَيْ أَعْدَلَ وَأَصْوَبَ، {وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 46] إِلَّا نَفَرًا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَمَنْ أسلم معه منهم.
[47] ، قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [النساء: 47] يُخَاطِبُ الْيَهُودَ، {آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا} [النساء: 47] يَعْنِي: الْقُرْآنَ، {مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ} [النساء: 47] يَعْنِي: التَّوْرَاةَ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلَّمَ أَحْبَارَ الْيَهُودِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ صُورِيَّا وَكَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ، فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ اتَّقُوا اللَّهَ وَأَسْلِمُوا فَوَاللَّهِ إِنَّكُمْ لِتَعْلَمُونِ أَنَّ الَّذِي جِئْتُكُمْ بِهِ لَحَقٌّ» ، قَالُوا: مَا نَعْرِفُ ذَلِكَ، وَأَصَرُّوا عَلَى الكفر، وأنزلت هَذِهِ الْآيَةُ، {مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا} [النساء: 47] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَجْعَلُهَا كَخُفِّ الْبَعِيرِ، وَقَالَ قَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ: نُعْمِيهَا، وَالْمُرَادُ بِالْوَجْهِ الْعَيْنُ، {فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا} [النساء: 47] أي: نطمس الوجوه فنردها عَلَى الْقَفَا، وَقِيلَ: نَجْعَلُ الْوُجُوهَ مَنَابِتَ الشَّعْرِ كَوُجُوهِ الْقِرَدَةِ، لِأَنَّ مَنَابِتَ شُعُورِ الْآدَمِيِّينَ فِي أَدْبَارِهِمْ دُونَ وُجُوهِهِمْ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ نَمْحُو آثَارَهَا وَمَا فِيهَا مِنْ أَنْفٍ وعين وفم وحاجب ونجعلها كَالْأَقْفَاءِ. وَقِيلَ: نَجْعَلُ عَيْنَيْهِ عَلَى القفاء فيمشي قهقرى، فإن قيل: قد أوعدهم الله بِالطَّمْسِ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا ثُمَّ لَمْ يُؤْمِنُوا وَلَمْ يَفْعَلْ بِهِمْ ذَلِكَ؟ قِيلَ: هَذَا الْوَعِيدُ بَاقٍ، ويكون طمس ومسخ في اليهودية قبل قيام الساعة، وقيل: هذا كان وعيد بِشَرْطٍ فَلَمَّا أَسْلَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَأَصْحَابُهُ دَفَعَ ذَلِكَ عَنِ الْبَاقِينَ، وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِ في الْقِيَامَةَ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: (نَطْمِسَ وُجُوهًا) أَيْ: نَتْرُكَهُمْ فِي الضَّلَالَةِ فَيَكُونُ الْمُرَادُ طَمْسَ وَجْهِ الْقَلْبِ، وَالرَّدَّ عَنْ بَصَائِرِ الْهُدَى عَلَى أَدْبَارِهَا فِي الْكُفْرِ وَالضَّلَالَةِ، وَأَصْلُ الطَّمْسِ: الْمَحْوُ وَالْإِفْسَادُ وَالتَّحْوِيلُ، وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: نَمْحُو آثَارَهُمْ من وجوههم ونواصيهم الَّتِي هُمْ بِهَا فَنَرُدُّهَا عَلَى أدبارها حتى يعودوا إلى حيث جاؤوا منه وَهُوَ الشَّامُ، وَقَالَ: قَدْ مَضَى ذَلِكَ وَتَأَوَّلَهُ فِي إِجْلَاءِ بَنِي النَّضِيرِ إِلَى أَذَرُعَاتٍ وَأَرْيِحَاءَ مِنَ الشَّامِ {أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ} [النساء: 47] فَنَجْعَلَهُمْ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} [النساء: 47]
[48] ، {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] قَالَ الْكَلْبِيُّ: نَزَلَتْ فِي وَحْشِيِّ بْنِ حَرْبٍ وَأَصْحَابِهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا قَتَلَ حَمْزَةَ كَانَ قَدْ جُعِلَ لَهُ عَلَى قَتْلِهِ أَنْ يُعْتَقَ فَلَمْ يُوَفَّ لَهُ بِذَلِكَ، فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ نَدِمَ عَلَى صَنِيعِهِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ فَكَتَبُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّا قَدْ نَدِمْنَا عَلَى الَّذِي صَنَعْنَا وَأَنَّهُ لَيْسَ يَمْنَعُنَا عَنِ الْإِسْلَامِ إِلَّا أَنَّا سَمِعْنَاكَ تَقُولُ وَأَنْتَ بِمَكَّةَ {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الفرقان: 68] الآيات وَقَدْ دَعَوْنَا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَقَتَلْنَا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ

اسم الکتاب : مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل المؤلف : عبد الله الزيد    الجزء : 1  صفحة : 184
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست