responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل المؤلف : عبد الله الزيد    الجزء : 1  صفحة : 149
هَذِهِ الْآيَةُ بَعْدَ يَوْمِ أُحُدٍ حِينَ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ بِطَلَبِ الْقَوْمِ بعدما أصابهم من الحرج، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ، دَلِيلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ} [النِّسَاءِ: 104]
[140] {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ} [آل عمران: 140] قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ (قُرْحٌ) بِضَمِّ الْقَافِ حَيْثُ جَاءَ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْفَتْحِ وَهُمَا لُغَتَانِ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ كَالْجُهْدِ وَالْجَهْدِ، وَقَالَ الفراء: بالفتح اسم للجراحة، وبالضم اسم لألم الْجِرَاحَةِ، هَذَا خِطَابٌ مَعَ الْمُسْلِمِينَ حَيْثُ انْصَرَفُوا مِنْ أُحُدٍ مَعَ الْكَآبَةِ وَالْحُزْنِ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ) يَوْمَ أُحُدٍ، {فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ} [آل عمران: 140] يَوْمَ بَدْرٍ {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران: 140] فَيَوْمٌ لَهُمْ وَيَوْمٌ عَلَيْهِمْ، أُدِيلَ المسلمون من الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ حَتَّى قَتَلُوا مِنْهُمْ سَبْعِينَ وَأَسَرُوا سَبْعِينَ، وَأُدِيلَ الْمُشْرِكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ حَتَّى جَرَحُوا مِنْهُمْ سَبْعِينَ وَقَتَلُوا خمسا وسبعين. {وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا} [آل عمران: 140] يَعْنِي. إِنَّمَا كَانَتْ هَذِهِ الْمُدَاوَلَةُ ليعلم؛ أَيْ: لِيَرَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا فَيُمَيَّزُ الْمُؤْمِنُ مِنَ الْمُنَافِقِ، {وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ} [آل عمران: 140] يُكْرِمُ أَقْوَامًا بِالشَّهَادَةِ {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [آل عمران: 140]

[قوله تعالى وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ] . . . .
[141] {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا} [آل عمران: 141] أي: يطهركم من الذنوب، {وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ} [آل عمران: 141] يُفْنِيهِمْ وَيُهْلِكُهُمْ، مَعْنَاهُ: أَنَّهُمْ إِنْ قَتَلُوكُمْ فَهُوَ تَطْهِيرٌ لَكُمْ، وَإِنْ قَتَلْتُمُوهُمْ فَهُوَ مَحْقُهُمْ وَاسْتِئْصَالُهُمْ.
[142] {أَمْ حَسِبْتُمْ} [آل عمران: 142] أي: أَحَسِبْتُمْ؟ {أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ} [آل عمران: 142] أَيْ: وَلَمْ يَعْلَمِ اللَّهُ، {الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 142]
[143] {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ} [آل عمران: 143] وَذَلِكَ أَنَّ قَوْمًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ تَمَنَّوْا يَوْمًا كَيَوْمِ بَدْرٍ لِيُقَاتِلُوا وَيُسْتَشْهَدُوا فَأَرَاهُمُ اللَّهُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَقَوْلُهُ: (تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ) أَيْ: سَبَبَ الْمَوْتِ وَهُوَ الْجِهَادُ مِنْ قَبْلِ أن تلقوه، {فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ} [آل عمران: 143] يعني: أسبابه، {وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} [آل عمران: 143] فَإِنْ قِيلَ: مَا مَعْنَى قَوْلِهِ: (وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) ، بَعْدَ قَوْلِهِ: (فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ) ؟ قِيلَ: ذَكَرَهُ تَأْكِيدًا، وَقِيلَ: الرُّؤْيَةُ قَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى الْعِلْمِ، فَقَالَ: (وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) لِيَعْلَمَ، أَنَّ المراد بالرؤية النظر، وقيل: معناه وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
[144] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} [آل عمران: 144] محمد هُوَ الْمُسْتَغْرِقُ لِجَمِيعِ الْمَحَامِدِ، لِأَنَّ الْحَمْدَ لَا يَسْتَوْجِبُهُ إِلَّا الْكَامِلُ، وَالتَّحْمِيدُ فَوْقَ الْحَمْدِ، فَلَا يَسْتَحِقُّهُ إِلَّا الْمُسْتَوْلِي عَلَى الْأَمْرِ فِي الْكَمَالِ، وَأَكْرَمَ اللَّهُ نَبِيَّهُ وَصَفِيَّهُ بِاسْمَيْنِ مُشْتَقَّيْنِ مِنَ اسْمِهِ جَلَّ جلاله (محمد وأحمد) ، قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} [آل عمران: 144] أي: رَجَعْتُمْ إِلَى دِينِكُمُ الْأَوَّلِ، {وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ} [آل عمران: 144] ويرتد عَنْ دِينِهِ، {فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا} [آل عمران: 144] بارتداده وإنما ضر نفسه، {وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144]

اسم الکتاب : مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل المؤلف : عبد الله الزيد    الجزء : 1  صفحة : 149
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست